انطون الخوري حرب
فيما قوى المعارضة ماضية في العمل على تحقيق اهدافها عبر الوسائل القانونية والدستورية قبل اللجوء النهائي والطويل الى الشارع، يدور البحث حول الاحتمالات التي يمكن العمل عليها. وبالأضافة الى احتمال استقالة نواب المعارضة الـ 57من البرلمان، يجري التركيز على موضوع المجلس الدستوري الذي ما زالت لديه صلاحية النظر بالطعون النيابية المقدمة اليه اثر الدورة الأنتخابية الأخيرة صيف عام 2005.
هذا الموضوع - الأزمة استفاض رئيس كتلة التغيير والاصلاح النيابية العماد ميشال عون في اثارته بسبب تطويق فريق 14 آذار لعمل المجلس عبر اصدار تشريع من قبل الأكثرية النيابيةفي تموز 2005 يجمد صلاحياته. وبعد طعن اعضاء كتلة عون النيابية بهذا التشريع، لجأت الأكثرية الى محاولة استصدار مشرو ع قانون جديد لتشكيل مجلس دستوري نصّت المادة الثانية منه على ان تنتهي صلاحية المجلس السابق فور تسلم الأعضاء الجدد مهامهم.
الا ان الأمر لم يتعدّ اجراء مقابلات مع المرشحين من دون توافر القدرة على انتخاب اعضاء جدد في مجلسي الوزراء والنواب بعدما رشح عن رئيس الجمهورية عزمه استعمال صلاحيته بالامتناع عن توقيع مرسوم المجلس الجديد. فابقت الأكثرية المشروع في مجلس النواب ريثما تتوافر لها ظروف افضل و اسهل، وهي لم تعد خائفة من خسارة الأكثرية النيابية المطعون بشرعيتها الدستورية طالما انها تتمتع بضمانة الرئيس نبيه بري الذي يملك التأثير في الأعضاء الذين يؤمّنون النصاب القانوني المطلوب لألتئام المجلس والبت بالطعون النيابية. عندها اصدر المجلس السابق بياناً اعلن فيه اعتكافه عن ممارسة صلاحياته بسبب السجالات والتجاذبات الدستورية، فاستمر المجلس شرعياً ولا يزال كذلك حتى اليوم، من دون أن يعقد اجتماعاته.
وفي هذا السياق تتساءل قيادات في المعارضة عن السبب الذي يمنع الرئيس بري من الطلب الى الأعضاء الذين يؤيدونه تأمين النصاب القانوني المطلوب لعقد جلسة للمجلس للبت بالطعون الانتخابية، اذ ان توزيع الأعضاء بحسب انتمائهم السياسي هو على الشكل الآتي: للرئيس بري عضوان هما عفيف المقدّم وحسين حمدان, وللرئيس لحود عضوان هما فوزي ابو مراد و سليم جريصاتي, ولتيار المستقبل عضو هو غابي سرياني (ابنه عضو مجلس بلدية بيروت)، وعضو مؤيد سياسياً للرئيس سليم الحص هو مصطفى منصور، وعضو مؤيد للوزير السابق طلال ارسلان هو سامي يونس، اضافة الى ثلاثة اعضاء مستقلين هم رئيس المجلس امين نصار و اميل بجاني و مصطفى العوجه.
ووفقاً لهذا التوزيع فان اتفاق بري مع لحود وارسلان يؤمن حضور خمسة اعضاء، وحينها يحضر رئيس المجلس فيصبح نصاب الاجتماع قانونياً. وعندها يمكنه النظر بكل الملفات، وبحسب رئيس مجلس شورى الدولة السابق الدكتور يوسف سعدالله الخوري فان عدم اجتماع المجلس يعتبر من الناحية القانونية استنكافاً عن احقاق الحق.
وفي المقابل يرى التيار الوطني الحر ان معظم الطعون الانتخابية المرفوعة الى المجلس صحيحة ويؤخذ بها، ولذلك شلت الأكثرية عمل المجلس في السابق كونها لا تسيطر على اعضائه، ولكون الأخذ بهذه الطعون يقلب العدد الأكثري لنواب البرلمان لمصلحة المعارضة. لكن هذه القدرة التعطيلية لـ14 آذار منتفية في الوقت الحالي.
ويبقى السؤال المحيّر: لماذا لا يقدم الرئيس بري على اعتماد هذه الوسيلة لتغيير الوضع القائم وتجنيب الساحة السياسية المزيد من التشنج و الاحتقان و اللجوء الى الشارع، الأمر الذي تعتبره المعارضة ابغض الحلال؟