ما هي الحاجات التشريعية للبنان؟ وما مدى تطابقها مع المعايير الدولية لحقوق الانسان؟
نظم برنامج «مرصد التشريع في لبنان: التواصل بين التشريع والمجتمع» في «المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي»، الندوة الحادية عشرة حول موضوع «الحاجات التشريعية والأولويات لمرحلة ما بعد الحرب»، في قاعة فندق قادري الكبير في مدينة زحلة، بمشاركة نواب وباحثين ونقابيين وفاعلين في قضايا حقوقية.
تحدث في الافتتاح منسّق برنامج «مرصد التشريع» الدكتور أنطوان مسرة، فأوضح «ان فكرة المرصد نشأت أساساً من لقاءات مع نواب حرصاء على دولة الحق والخدمة العامة، قاموا بجهود مميزة لكنهم لم يلاقوا دعماً من المجتمع المدني». مضيفاً «صدرت قوانين في غاية الأهمية كقانون حماية المستهلك، وللأسف لا جمعيات تطالب أو تضغط لتطبيقه».
وعالجت الندوة العديد من الاقتراحات ومشاريع القوانين والمراسيم قيد الدرس في مجلسي النواب والوزراء والادارات العامة، لمراقبة مدى انطباق هذه التشريعات على قواعد دولة الحق والمعايير الدولية لحقوق الانسان. وتمحورت الابحاث والمناقشات حول ثلاث قضايا: ما انجزه برنامج المرصد خلال ثلاث سنوات، المشاريع قيد البحث، والمقترحات التطبيقية في سبيل تحسين نوعية التشريع.
وتناولت مداخلات المشاركين أبرز التشريعات قيد البحث والدرس من خلال جلستين. أدار الأولى المهندس زياد الترك وتحدث فيها الاستاذ في كلية الحقوق والعلوم السياسية بالجامعة اللبنانية الدكتور طوني عطا الله، عن «المشاريع والاقتراحات التشريعية: الإشكاليات المنهجية في رصدها وتوثيقها». وطرح أمثلة على تدهور نوعية التشريعات في السنوات الثلاثين الأخيرة و«التمرير» وعدم الاستقرار التشريعي. وتحدث عن «خطوات متقدمة على صعيد تحسين نوعية بعض التشريعات منذ تموز 2005».
وعالج وزير الزراعة السابق الدكتور عادل قرطاس التشريعات الزراعية في لبنان مسهباً في شرح «الحاجات التشريعية التي يحتاج إليها هذا القطاع والتنمية الريفية في لبنان، وكيفية سد النقص في التشريعات الزراعية». أما المهندس سعيد جدعون، من غرفة التجارة والزراعة في زحلة والبقاع، فأشار الى أن «قوانين المياه وأنظمتها تضع شروطاً قديمة بحاجة إلى تحديث».
وأسهب الاستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي الدكتور نبيه غانم في شرح مشروع قانون تقدم به لـ«تنظيم عقد إيجار الأراضي الزراعية». واقترح رئيس جمعية تجار زحلة جوزف ميماسي «إعفاء التجار من الرسوم على أنواعها، وإلغاء غرامات التأخير المستحقة للدولة على التجار، لأنها باتت عبئاً كبيراً بعد عدوان تموز، وتسهيل حصول التاجر على قروض بفوائد متدنية لآجال طويلة لتمكينه من إعادة النهوض، واستحداث صندوق داعم من الدول المانحة».
خُصصت الجلسة الثانية لعرض النواب جورج قصارجي وكميل معلوف وحسن يعقوب أبرز التشريعات الاقتصادية الاجتماعية قيد الدرس والحاجات التشريعية الملحة والأولويات لمرحلة ما بعد الحرب. أدار الجلسة المهندس جوزف أنيس صعب المعلوف، متحدثاً عن «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ارتباطه بدور المواطن في التشريع».
وتحدثت في الندوة ميرا حداد ونتالي جبيلي حداد عن «إهمال نقابات وهيئات مهنية لدورها في الرقابة على حسن تطبيق قوانين تنظيم المهنة». وناقش جيلبير ضومط ومازن أبو حمدان والمحامية ندى زعتر حاجات ملحة للمرحلة وخصوصاً «الإعفاءات الضريبية وتعليق المهل».
وتوصلت الندوة الى بعض التوجهات والمقترحات العملية، منها أن متابعة تطبيق القوانين هي جزء اساسي من عملية التشريع، وأن قانون انشاء المحكمة الدولية الذي هو قيد البحث، هو المعضلة الاولى والاساس والمدخل لاستعادة سلطة المعايير في لبنان. وفي موضوع وسائل الدفاع، توصلت الندوة الى ان التظاهر والاعتصام ليسا من الوسائل الاكثر فاعلية لبلوغ الحقوق، بل الوسيلة الانجع هي المطالبة اليومية والملاحقة المستمرة والضغط على الفعاليات في موقع القرار. وشدّدت على أنه لا تغيير في السياسة التي تقتصر غالباً على سجالات بين سياسيين الا من خلال نشر وعي الناس بصفتهم مواطنين مطالبين بحقوقهم الحياتية اليومية والمشروعة. كما أن تحسين التشريعات وضمان حسن تطبيقها هما جزءان اساسيان في عمل النقابات والهيئات المهنية المتقاعسة غالباً عن الاهتمام بالسياسات العامة.
(الأخبار، وطنية)