جورج شاهين
معظم اللبنانيين تسمّروا أمس أمام شاشات التلفاز لمتابعة خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، ومن لم يشأ ذلك لألف سبب وسبب، فوجئ بأنه لن يتمكن من متابعة أي برنامج آخر على أي من شبكات الأخبار المحلية والفضائية. فكلها كان ينقل الخطاب. لذلك دخل «السيد» الى كل بيت فشكّل مادة نقاش وحيدة من دون منازع.
أحد أركان «فريق 14 آذار» عبّر لـ«الأخبار» عن رد الفعل السلبي لما تضمنته كلمة نصر الله في الشكل والمضمون والتوقيت، ورأى «أنه لم يعد لنا خصم في هذه المعركة».
أضاف: «أنا لم أفهم من هذا الخطاب سوى ما يبرر التردد والتراجع في الخطاب السياسي». فأكد لنا أنه «مع المحكمة الدولية ولا يرغب في الصدام مع سائر اللبنانيين ولا بين السنة والشيعة، مغطياً التعثر الذي أصاب شارع رفاقه وحلفائه من المسيحيين».
أضاف: «لم يقل السيد شيئاً جديداً، وما كشفه من خطة او ما سماه «مشروع حل»، قاله في 12 كانون الأول 2005 يوم استشهاد جبران تويني، عندما أعلن أنه مع حكومة اتحاد وطني وقانون جديد للانتخابات النيابية فانتخابات نيابية مبكرة. ومنذ عام الى اليوم لم يأت بجديد سوى ما حملته المناسبات من خطاب سياسي يتناسب مع اللحظة عينها». وقال: «إن الخطاب مفهوم في عناوينه السياسية والوطنية، كما بالنسبة الى العرض الذي قدمه باسم «حزب الله» والحلفاء، حيث وزع عليهم الوعود والآمال بإمكان الانقلاب على النظام وتوزيع المغانم عليهم في وقت قريب، فبات أمامي وأنا أتابعه بكل عناية واهتمام كأنه «رئيس لدار أيتام سوريا في لبنان».
ورداً على سلسلة الوقائع التي أشار اليها نصر الله والتي رافقت انعقاد طاولة التشاور والعرض الذي تقدم به أحد اقطاب 14 آذار بالمقايضة بين «المحكمة والحكومة» و«الثلث المعطل زائد2» قال الركن: «هذا كله كلام بكلام، والجواب الصريح كان في الاستقالة قبل جلسة مجلس الوزراء الاثنين الماضي التي خصصت لبت قانون المحكمة الدولية، وإلا لكان بالإمكان ان يستقيل من استقال بعد الجلسة مباشرة. وفهمنا مما قاله السيد أمس «أطروحة» الى الحلفاء السوريين مفادها: «أنا ما حدا يحطني بعين الغرضية، انا صرت معارض 100% لهذه الحكومة، وقمت بواجباتي على اكمل وجه لنسف المحكمة الدولية، وسأكمل المعركة لكن من خارج الحكومة للقضاء عليها، والله وحده ولي التوفيق». والى الإخوان في ايران أننا «على العهد لولاية الفقيه نتمسك بكل التزاماتنا وما قطعناه من وعود لقاء المال والسلاح وكل وسائل الدعم التي نلناها على كل صعيد، وخصوصاً تجاه العدو الصهيوني، حتى اليوم وما هو آت في قريب الأيام».
أضاف: «ليس بقدرة أحد: إن سجل انتصارات في الخارج وضد العدو الإسرائيلي تحديداً ولاقى الدعم الكامل حتى من مناهضيه، أن يترجمها في الداخل وبالمنطق الانقلابي. فلكل معركة ظروفها وخلفياتها السياسية والعسكرية، والشعب اللبناني مسيّس ولا يمكن ان يطاله ترهيب او ترغيب، واذا كان القصد أن يجعل شبابنا يهاجر ونتنازل عن كل المطالب والحقوق والمكتسبات، فهذه مجرد أوهام وأمانيّ لن تتحقق، لا في الماضي ولا اليوم ولا نهار الغد».
وعن الخطوط الحمر التي رسمها السيد قال: «هذه خطوط حمر الجميع ولا يمكن ان يربّحنا حدا جميلة، فلماذا هذا التعب كله لتغيير قواعد اللعبة؟ الطائف وزع الأدوار والصلاحيات بين المؤسسات ولم يحقق امتيازاً لطائفة عن اخرى. لقد سجلنا لنصر الله وللمقاومة حقهما وفضلهما في الانتصار على العدو الإسرائيلي عام 2000، وهل هذا يدفع الى تمييز طائفة على أخرى؟ فالبطريرك حويّك جاء لنا بلبنان الوطن كاملاً ولم يطلب، او نطلب لنا ما يميزنا عن غيرنا».
وأضاف: لم يعد هناك ما يخيف اللبنانيين وقد تعودوا كل اشكال التهديد والوعيد، فالشارع في مقابل الشارع والمليون في مواجهة المليون، لقد مرت ثلاثة اسابيع ونحن نسعى في الداخل والخارج الى تسوية اوضاع «جماعة الحزب» وترتيبها بما يسمح دخولهم اللعبة الداخلية بكل ما تفرضه المعايير، ولم يتجاوب معنا احد منهم حتى صح القول «قلبي على ولدي وقلب ولدي على الحجر».
واستطرد قائلا: انه من الضروري استيعاب الحزب كجزء من الحياة السياسية في لبنان، ونزع الصفات العسكرية والميليشيوية لنكون معاً لاعبين سياسيين متساوين في الحقوق والواجبات، وإبعاد الضغوط الدولية الناشئة عن الكثير من الأخطاء الكبيرة والصغيرة، وللبنان مصلحة في ذلك على كل المستويات. وإن الاستمرار بعكس ما تفرضه قوانين اللعبة الداخلية سيتحول خطراً داهماً على الجميع من دون استثناء، فهل نمضي بمنطق «عليّ وعلى اعدائي يا رب».
وختم ركن 14 آذار بإجراء مقارنة بين «التعهدات التي قطعها الرئيس الشهيد بشير الجميل للإسرائيليين قبل أن ينتخب رئيساً للجمهورية، وما يسمّيه بتعهدات نصر الله، وقال: عندما انتخب بشير رأى أن هذه التعهدات كبيرة وصعبة التحقيق لا بل مستحيلة، وبشير الجميل في حينه كان أكبر بكثير. فكيف بإمكان «السيد» ان ينفذ التزاماته تجاه سوريا بتطيير المحكمة الدولية، وتجاه ايران بنسف الـ1701 لإعادة الجنوب مسرحاً للقتال ضد اسرائيل؟! لقد كان بشير واضحاً تجاه الإسرائيليين، فهل للسيد ما يكفي من الجرأة فيبلغ الطرفين معاً: إنني أديت قسطي للعلا وهذا ما كان بالإمكان، وكفى؟!».