strong>نادر فوز
حملة مدنية جديدة لمناهضة الطائفية تنظمها «أمام 05» عبر لافتات «مميزة» احتلّت معظم شوارع بيروت. شبان لبنانيون «مستقلون» يشاركون «14 آذار» طروحاتهم السياسية، يسعون إلى إقامة دولة مؤسسات بعيداً عن المحاصصة والطائفية والفساد

«للدروز، مبنى للبيع 2000 م2»، «324345، سيارة شيعية»، «الدكتور محمد شاتيلا، أخصائي بالمسلمين السنة»، «مكتب الأستاذ رمزي كامل، ماروني»... لم يصل اللبنانيون بعد إلى هذه المرحلة المتقدمة من التمييز الطائفي، لكنها لافتات علّقتها جمعية «أمام 05» في إطار حملة التوعية ضد الطائفية.
«نحن مجموعة من اللبنانيين، لا تنتمي لأي حزب سياسي، تؤمن بضرورة بناء دولة مؤسسات بعيداً عن الطائفية والمحاصصة والفساد»، تعرّف أسمى إندراوس إحدى مؤسسي «أمام 05». بدأت هذه المجموعة أعمالها بشكل عفوي بعد اغتيال الحريري، في مهب اعتصامات ساحة الشهداء، بحيث نصبت شلّة من «الأصحاب»، من جميع الطوائف، خيمة مستقلة عن خيم الأحزاب السياسية بعنوان «خيمة المجتمع المدني»، «مما أوجد حالة منفصلة عن الخيم الأخرى» تقول إندراوس؛ وكانوا هم أول من باشر العمل على عريضة تدعو لإسقاط الحكومة، تبنّتها في وقت لاحق كل الأحزاب التي شاركت في «الاستقلال 05».
بعد نهاية موجة الاعتصامات، رأى شباب «المجتمع المدني» أنّ من واجبهم متابعة العمل والنضال، فأنشأوا جمعية «أمام 05»؛ وخلال العدوان الإسرائيلي الأخير، شاركت هذه الجمعية أربع جمعيات أخرى في «الحملة الوطنية للإغاثة»، فعملوا على تأمين بعض المواد الغذائية واللوازم الحياتية على 14 ألف وخمس مئة نازح في بيروت والجنوب. ومنذ أيلول المنصرم، تعمل الجمعية على إعداد بعض النشاطات للأطفال في منقطة دير قانون (الجنوب) خلال عطلة نهاية الأسبوع، كما أعدّت ثلاث محطات لتكرير المياه ومركزين طبيين في مرجعيون وحاصبيا وبنت جبيل.
وفي إطار عملها ضمن المجتمع المدني، تعمل «أمام 05» على مشروع «مجلس بلدي وهمي» في مدرسة النهضة في جبل أكروم (عكار). تقول إندراوس إنّ هذا المشروع «يطرح ثلاثة أهداف، تشجيع الشباب على المشاركة في الحياة العامة، وإعادة إحياء المؤسسات في المناطق المحرومة والنائية والوصول إلى مجتمعاتها «المعزولة». يندرج هذا المشروع الذي سيستمر طوال العام الدراسي الجاري، في «مسابقة سوق التطوير في لبنان 2006» بتمويل من البنك الدولي.
أما الحملة الحالية على الطائفية فـ«تطرح مشكلة تاريخية منذ تأسيس لبنان عام 1920»، وهي ممولة من أفراد لبنانيين، في لبنان والخارج، بالإضافة إلى بعض الحسومات والتقديمات من بعض شركات الإعلان والإعلام. وعن حدة اللافتات تقول «إذا لم نعمل اليوم على مناهضة الطائفية، فمن الممكن أن تصبح هذه الشعارات حقيقة». فالوضع الداخلي الحالي والانقسام الحاد بين الطوائف وزعمائها دفعا «أمام 05» إلى مباشرة العمل على «بناء المواطنية» من تسليط الضوء على هذه الأزمة الحقيقية؛ فاختاروا أنّ تكون حادة لعلها تلفت نظر اللبنانيين وتحثّهم على التحدث عنها ومناقشتها. لكن في بعض المناطق، منها «صبرا»، لم يكن الأمر كذلك، إذ مزّقت الصور واعتدي على أحد العاملين في إحدى شركات الإعلان. وترى إندراوس أنّ هذا الأمر طبيعي «ربما لأن الناس لم يفهموا ما نريده، أو اعتبروا الأمر تعدياً عليهم، أو حتى رفضوا وجود لافتات لأشخاص من غير مناطق».
لا يطرح شباب «أمام 05» حلاً للتمييز الطائفي، على اعتبار «أنهم غير متخصصين في الموضوع، ولا يسعون إلى التنظير فقط أيضاً». لكن إندراوس ترى أنه على أحد أن يبدأ، والأمر يقع على عاتق الجمعيات الأهلية لا على عاتق الدولة، فتقول «يمكن أن نبدأ من أمور صغيرة مثل الاسم والهاجس الذي ينتابنا لمعرفة طائفة الشخص الآخر وغيرها»، معتبرةً أنّ جميع اللبنانيين لديهم نفس المشكلات والأحلام والطموحات «لكن جهل الآخر والأفكار المسبقة المتوارثة تمنعهم من مشاركتها معاً». أما «أمام 05»، فيتشارك شبانها وشاباتها في مشروع واحد وهدف واحد، رغم اختلافاتهم السياسية والطائفية.
الخطوات اللاحقة لمتابعة الحملة قيد الدرس الآن، ولا مشاريع محددة، فقد تقام بعض الندوات في الجامعات أو تنظّم بعض النشاطات في الشوارع، لكن الحملة مستمرة «لعلها تساهم في توعية اللبنانيين المتقوقعين والمعزولين على أنفسهم». فهل يكون مصير هذه الحملة كمصير سائر الحملات المدنية الأخرى؟