strong>ابراهيم عوض
أثار ظهور وزير الداخلية المستقيل العميد المتقاعد حسن عكيف السبع خطيباً في طرابلس يوم الجمعة الماضي، وراعياً للمهرجان الذي أقامته جمعية النور للعمل الإنمائي لمناسبة اختتام دورة المرحوم حسام الدين الحريري الرياضية في قاعة مؤتمرات معرض رشيد كرامي الدولي، تساؤلات الأوساط السياسية لما حملت كلمته من مواقف، وللحفاوة التي لقيها من قبل جمهور الحاضرين الذين غصّت بهم القاعة الفسيحة، فامتدوا الى باحتها رافعين صور الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونجله الشيخ سعد ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، مطلقين شعارات التأييد لهم، ومنهالين بالشتائم على المعارضة والنظام السوري.
واللافت أن هذا التحرك جاء بعد أيام قليلة على امتناع السبع عن الرد على سؤال لـ«الأخبار» عن رأيه في جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية لإقرار مشروع مسودة المحكمة الدولية، مبرراً الأمر بالابتعاد عن أي نشاط سياسي وتجنب الإدلاء بأحاديث صحافية.
وتوقفت الأوساط السياسية عند مغزى اختيار الوزير السبع للإطلالة من طرابلس، التي تعدّ الأولى له بعد تقديم استقالته من الحكومة إثر أحداث الأشرفية في الخامس من شباط الماضي والتزامه الصمت طوال هذه الفترة، فيما منزل زميله وزير الداخلية بالوكالة الدكتور أحمد فتفت يقع على بعد أمتار من مكان المهرجان، كذلك منزل منسق «تيار المستقبل» في الشمال النائب سمير الجسر الذي درجت العادة على أن يكون «الراعي الأوحد» لمثل هذه الاحتفالات والمهرجانات التي تقام في الشمال بصورة عامة وفي طرابلس بصورة خاصة.
ولم تجد هذه الأوساط تفسيراً لما جرى في عاصمة الشمال سوى القول بوجود رغبة لدى «تيار المستقبل» بعودة السبع لتولي وزارة الداخلية في أي حكومة يجري تأليفها، مع تنويهها بالموقف الذي أقدم عليه الأخير بعد أحداث الأشرفية، الأمر الذي أكسبه صدقية واحتراماً لدى الخصوم قبل الحلفاء. كما أشارت الى أن اللافتات التي رفعت في محيط منزله في منطقة كركول الدروز، مطالبة بعودته الى الحكم ومحيية إقدامه على التضحية بمنصبه تفادياً لتفاقم الأمور، لم تكن كلها من فعل التيار الذي ينتمي إليه، بل إن بعضها تم بمبادرات فردية من أبناء المنطقة تقديراً له.
وقد تزامنت عودة الوزير السبع إلى الأضواء مع حديث جرى تداوله في طرابلس وعكار، وإن على نطاق ضيق، يفيد أن كوادر من «تيار المستقبل» في محافظة الشمال دعيت للاجتماع بوزير الداخلية المستقيل في بيروت للتباحث معه في كيفية مواجهة التحركات والتظاهرات التي ستقوم بها المعارضة. وثمة من أبلغ «الأخبار» أن أحد الاجتماعات عقد يوم الأربعاء الماضي، وتوجّه خلاله السبع الى الحاضرين بسؤال عن توقّعاتهم لعدد الذين سيلبون دعوة «تيار المستقبل» الى التظاهر في حال توجيهها لهم، وكم يلزم من حافلات لنقلهم من الشمال الى بيروت.
الوزير السبع لم يبخل علينا بالحديث هذه المرة وإن بشكل مقتضب، وقد نفى بشدة ما أوردناه له، ورأى أن الغاية من هذه الأخبار المفبركة هي «الشوشرة التي لا تنطلي على أحد... فلا أنا حضرت اجتماعاً ولا التقيت بكوادر».
وأوضح أنه لا يقوم بأي تحرك في الوقت الحاضر وهو يمضي بعضاً من وقته في الجبل. أما مسألة مجيئه الى طرابلس فقد تمّت بطلب من الشيخ سعد الحريري الذي تعذّر عليه الحضور الى طرابلس، وقال له بأن «هناك من يرغب بحضورك في هذا المهرجان ومشاركتك فيه وهذا ما حصل لا أكثر ولا أقل».
وفي المهرجان المذكور، تحدث السبع ممثلاً النائب الحريري فتعهد «بعدم السماح لمن يحاول إبقاء الحقيقة والقتلة في جريمة اغتيال الرئيس الحريري طيّ الكتمان». ورأى أن «من يسعى الى عرقلة المحكمة الدولية وتجهيل المجرمين هو من يعمل على إحداث الفرقة بين اللبنانيين».
بعض الذين أصغوا الى السبع تذكّروا ما قاله في أحد مؤتمراته الصحافيـــــة بعد تسلّمه حقيبة وزارة الداخليـــــــة وتوقيف الضباط الأربعة من أن التحقيقـــــــات في جريمة اغتيال الحريري ستكشـــــــف عن تورّط سياسيـــــين ورجال أعمال وإعلاميين في الجريمة.