أمال ناصر
8 و14 آذار تلطيا خلف العلم اللبناني والانقسامات السياسية أحيت الرايات الحزبية


استعاد لبنان أمس بصمت، ذكرى «عيد العلم» اللبناني الذي غُيّب طويلاً لمصلحة أعلام الأحزاب اللبنانية منذ ما بعد عهد الاستقلال، وإن عاد اليوم ليطفو على سطح الأحداث السياسية من خلال الحضور الكثيف في مهرجانات قوى المعارضة والموالاة، التي تلطّت خلفه في محاولة لإعطاء الصبغة الشرعية والوطنية لتحركاتها. فتوحّد العلم في الثامن من آذار 2005 و14 منه، ليتراجع لاحقاً، مُفسحاً في المجال أمام الانقسامات السياسية الحادة التي مزقته مرات عدةوإذا كان التاريخ يرسم معالم شخصياته سواء المناضلة منها أو المتآمرة عليه، فإن في ذاكرة اللبنانيين حرباً لن تُنسى قادها زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ضد العلم اللبناني عام 1986، معلناً «الإدارة المدنية»، ورافعاً علم حزبه ومطلقاً مواقف رفض من خلالها الاعتراف بالاستقلال والعلم والجيش اللبناني. يومها وقف زعيم «حركة أمل» الوزير في حينه، نبيه بري، في مواجهة جنبلاط في معركة الدفاع عن العلم اللبناني والتمسك بالجيش الوطني.
ولعل أكثر ما يدعو إلى الاستغراب هو أن لبنان بلد الرسالة كما وصفه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، يستطيع أن يحمل في طياته زعماء تغفر لهم طوائفهم وتمسح عنهم «دنس الخطايا» حتى بات يصلح القول إن الطائفية في لبنان مركب الخلاص، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهوى.
«حزب الله»، على لسان النائب في «كتلة الوفاء للمقاومة» الدكتور حسين الحاج حسن، استعاد ذكرى «حرب العلمين» عبر إسقاطها على الواقع السياسي الحالي بالقول: «يعيش لبنان اليوم حرب العلمين اللبناني والأميركي. ونحن نعتقد أن الأزمة الأساسية سببها الإصرار الأميركي على فرض الوصاية على لبنان». وذكّر في حديث إلى «الأخبار» بـ«القوى التي أقامت الإدارة المدنية وفرضت القوة على المواطنين ودمرت دور العبادة وهجرت اللبنانيين»، مؤكداً أنها «تدّعي اليوم حماية الحرية والسيادة والاستقلال، ولكنها ترهن نفسها وموقفها للأميركي، في الوقت الذي تتهم الآخرين ظلماً وعدواناً». ونوه بموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري آنذاك الذي «دافع عن الجيش والعلم اللبناني في مواجهة من يريد إلغاءهما».
من هم أطراف الصراع اليوم في «حرب العلمين» التي تحدثت عنها؟ يجيب: «فريق العلم اللبناني هو المعارضة بكل ألوانها وأطيافها وهي الأكثرية الشرعية. وأما فريق العلم الأميركي فهو الفئة المغتصبة للسلطة، وهي تمثل فريق السفير الأميركي جيفري فيلتمان».
هل ترون أن النائـــــب سعــــــــد الحريري وتيار «المستقبل» ضمن الفــــــــــريق الأميركي؟ يضحك قائلاً: «أنا لم أُسمِّ أحداً. وكلٌّ يعرف نفسه وموقعه».
«حركة أمل» المعنية بتلك الحرب التي قادتها بشخص رئيسها عبرت عن اطمئنانها إلى «عدم وقوع «حرب علمين» جديدة، وإن كان هناك خلاف سياسي في البلد. ولكن الحرب طويت إلى غير رجعة، وليس من مصلحة أحد أن يدق طبول الحرب». وقال عضو «كتلة التنمية والتحرير» النائب علي بزي في معرض تعليقه على وجود معسكرين لبناني وأميركي في لبنان: «إن لصانعي القرار في الولايات المتحدة الأميركية أفكارهم في ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط. والمهم هو رؤيتنا إلى ما ستكون عليه الأمور. وهذا يحتم تغليب جدول أعمالنا على جداول الخارج، لأن دول الخارج ليست جمعيات خيرية».