strong>كارل كوساعمّ الذهول مختلف شوارع العاصمة. إلا أنّه كان للأشرفية نصيبها الأكبر من مشاعر الحزن وتعابير الغضب. فالأشرفية هي "أم الشهيد وأبوه". نزل المواطنون إلى الشارع وأطلقوا بعض الشعارات السياسية المؤيدة لقوى 14 آذار، والمناوئة للفريق الآخر
سادت الصدمة،
في الساعات الأولى من حادث اغتيال الوزير بيار الجميّل المروّع، مناطق عدّة من العاصمة، من بينها الأشرفيّة والحمرا ومنطقة الوسط التجاري. زحمة سير غير اعتيادية شهدتها الشوارع، إبّان انتشار الخبر.
وأفاد أحد المارّة بأنه ومعظم زملائه في العمل انصرفوا قبل انتهاء دوامهم «فما حدا بيعرف شو ممكن يصير، والأفضل الواحد يكون ببيته بهيك وقت». كما شهدت شبكة الهواتف الخلوية ضغطاً شديداً، فكان محظوظاً من استطاع الاطمئنان إلى أقاربه وطمأنتهم. عبارة «سمعت الأخبار» تداولها معظم المارّة المتحدّثين على هواتفهم. حتّى إن طوابير من المنتظرين اصطفّت أمام «كابينات» الهواتف المنتشرة في الحمرا، علّ الخطوط «الأرضيّة» تسعفهم أكثر من «الخلوية».
أحمد لا يتّهم أحداً لأنه «غير ضليع في السياسة»، إنّما يعتقد أن «البلد على كفّ عفريت..ويللي إلهن مصلحة يخرّبوه كتار، أكانوا من الداخل أم الخارج». في حين يتبنّى عبد، سلفاً، كلّ ما يصرّح به فريق «14 آذار»، حتّى قبل معرفة من يتّهم فريقه السياسي! ويأسف طارق لأن «يهدينا بعض «إرهابيي الداخل» المتفرّدون بقرارات السلم والحرب ومن وراءهم، عشيّة عيد الاستقلال، أبشع الهدايا وأقذرها»، مشيراً إلى أن «القصة واضحة ومكشوفة من زمان، ولكن المحكمة الدولية اقتربت رغم أنف القاتلين (..)».
الأشرفيّة، هذه المرّة، هي «أُمّ الشهيد الوزير وأبوه»، هكذا يعبّر فيليب عن صدمته إثر تلقّيه النبأ. ويتساءل: «لماذا يُستهدف المسيحيون الحقيقيون دون غيرهم، ألأنّهم ضدّ تحويل لبنان محميّة شيعيّة، تكون إيران مرجعيتها». ورغم ذلك، يؤكّد تمسّكه بمفهومَي «الوحدة الوطنية» و«العيش المشترك».
أحاديث عدّة بدأت تتناول ضرورة إحياء «خيمة الحرية» وتفعيلها مجدّداً، فيبدو لأحد سكّان الأشرفيّة أنّ «معركة الاستقلال ما زالت طويلة». وعادت شعارات طائفية تطفو كـ«بدّا تضلّ جراسنا تدق». وبوشِر بتمزيق صور الجنرال المنتشرة. وطالت الشتائم مُتّهَمي «14 آذار» (أي جميع من صنّفوهم جزءاً من المحور) إضافة إلى قناتَي المنار والجديد. أمّا منطقة «الداون تاون» فبدت شبه خالية، باستثناء بعض الكراسي في «الدانكن».
وتخوّف أصحاب المحال فيها من «خطة تهدف إلى شلّ حركة البلد الاقتصادية»، «خلص راح البلد، باسبور بالإيد ولا 10 عالشجرة» عبارات جسّدت مخاوف سكّان العاصمة والعاملين فيها. أحدهم على يقين بأن توقيت الاغتيال جاء لـ«فرط الحكومة، بعد أن عجزت المعارضة عن إسقاطها قانونياً». فيُطمئنه صديقه إلى أن «حكومة السنيورة باقية باقية، وما ممكن نخلّيها تفرط، حتّى لو كلّفنا الأمر شهداء آخرين».