strong>دارة العائلة غصّت بالمعزين ودعوات للإسراع في كشف الجناة
وسط قرع أجراس الكنائس ونثر الورود والأرزّ، انطلق جثمان الوزير بيار الجميل، أمس، من مستشفى مار يوسف (الدورة)، باتجاه مسقط رأسه بكفيا، حيث يوارى في الثرى اليوم في مدافن العائلة، بعد مراسم الجنّاز التي ستقام له عند الساعة الواحدة ظهراً، في كنيسة مار جرجس المارونية ــ وسط بيروت.
وعلى امتداد ساحل المتن الشمالي والقرى والبلدات المتنية، ازدانت الطرق بالشرائط البيضاء، وسط أجواء الحزن والبكاء، وصولاً إلى بكفيا التي لفّتها مظاهر الأسى، فأنزل النعش من السيارة ملفوفاً بالعلم الكتائبي عند مدخل البلدة، وحمل على الأكف في اتجاه «بيت الكتائب»، يتقدّمه الكهنة وحملة الأعلام وصور الراحل، حيث كشف النعش على وقع النشيد الكتائبي ونثر الورود والأرز وإطلاق الرصاص والزغاريد.
وعلى وقع هتافات «الله معك يا عريس»، «الله معك يا بطل»، «بيار حي فينا»، انطلق الموكب مجدداً باتجاه دارة العائلة التي غصّت بالحشود الكتائبية والشعبية، يتقدّمه إلى الرئيس أمين الجميل والعائلة النائبان السابقان فارس سعيد ومنصور البون، حيث ترأس مطران قبرص للموارنة بطرس الجميل ولفيف من الكهنة صلاة البخور.
وتوافدت إلى دارة آل الجميل وفود رسمية وشعبية من جميع المناطق اللبنانية، تقدّمها رؤساء حكومات سابقون، ووزراء ونواب حاليون وسابقون، وشخصيات روحية وعسكرية وحزبية ودبلوماسية واجتماعية. واتصل معزياً رئيس مجلس النواب نبيه بري، ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان.
وقام وفد من “كتلة التحرير والتنمية” بتقديم واجب العزاء باسم الرئيس بري. وإثر الزيارة، أكد النائب أنور الخليل “استنكار الكتلة للجريمة البشعة والمؤلمة” التي ليست “عملاً إجرامياً يستهدف آل الجميل فقط كبيت سياسي عريق، بل يستهدف الوطن بوحدته وسلمه الأهلي”، لافتاً الى أنها “أتت في وقت كانت المساعي الجدية والحثيثة تتواصل بين رئيس المجلس النيابي وأحد أبرز قيادات قوى 14 آذار، بغية إيجاد مخرج للمأزق السياسي الذي تعانيه البلادوتزامناً مع التحضيرات للمأتم، عقد المكتب السياسي الكتائبي اجتماعاً استثنائياً في بيت الكتائب المركزي، برئاسة رئيس الحزب كريم بقرادوني، ناقش خلاله الإجراءات القانونية لمواكبة التحقيقات التي بوشرت بشأن جريمة الاغتيال، وشدّد على أهمية معرفة هوية منفذيها، مطالباً مجلس الوزراء بـ«إدراج الجريمة على جدول أعمال أول جلسة لمجلس الوزراء، واتخاذ القرار بإحالتها على المجلس العدلي والسعي إلى أن تشملها أعمال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان». وكلف المكتب فريقاً من المحامين الكتائبيين التقدم بشكوى واتخاذ صفة الادعاء الشخصي باسم الحزب، ومتابعة التحقيقات التي بوشرت منذ اللحظة الأولى للجريمة، توصلاً إلى كشف الجناة وإنزال أشد العقوبات بحقهم.
في غضون ذلك تواصلت المواقف المستنكرة للجريمة، وقال رئيس كتلة «المستقبل» النيابية النائب سعد الحريري: «كان بيار أمين الجميل بالنسبة لي أخاً، وكان مؤمناً بالحقيقة وبالمحكمة الدولية (...) كان مؤمناً بلبنان الحر المستقل العربي». ودعا «كل من يحب رفيق الحريري ومن يريد الحقيقة والمحكمة الدولية، وكل من يريد أن يضع القتلة في السجن، إلى أن ينزل معنا غداً (اليوم) من كل مناطق لبنان».
وجدد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله إدانة الجريمة التي «استهدفت نقل لبنان من الخيار السلمي الديموقراطي إلى الفتنة والفوضى»، مؤكداً أن «المخططين والمنفذين أرادوا فرض مسارات جديدة على البلد بعدما كانت المعارضة تتهيأ لخطوات إنقاذية، ونحن قرأنا فيها رسالة خطيرة لإحداث فتن متنقلة، ولتغيير أولويات اللبنانيين».
ورأى النائب إسماعيل سكرية أن «توقيت ومكان وسهولة تنفيذ الجريمة تفرض على الدولة كشف الجناة ومعاقبتهم، وإلا فالتساؤلات كثيرة، لا تحجبها التهم الجاهزة غب الطلب ولا الحشود الكبيرة التي ستشيع الشهيد».
وأهاب الوزير السابق محسن دلول بالجميع «الحذر واليقظة، حيث إننا نشعر بأن الأزمة التي تهددنا لم تعد أزمة ثقة فقط وأزمة نظام، الخطر الأكبر أنها تتحول إلى أزمة مجتمع وأزمة وطن».
وأشار رئيس الهيئة التأسيسية لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي النائب السابق عبد المجيد الرافعي إلى أن «الجريمة النكراء إن دلت في هذا الظرف الدقيق على شيء، فإنما على أن مخطط استهداف لبنان، ما زال ممعناً في محاولاته تمزيق النسيج الوطني اللبناني خدمة للكيان الصهيوني».
واستنكرت لجنة المتابعة للأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية، في اجتماع طارئ عقدته في مقر المكتب السياسي لحركة «أمل»، الجريمة مشيرة إلى أنها «نوع من أنواع الإرهاب المنظم الذي تظهر فيه بوضوح محاولات زعزعة الاستقرار في لبنان وإذكاء نار الفتنة فيه تحت عنوان الفوضى البناءة».كما استنكرت الجريمة شخصيات دينية وسياسية ونقابة المحامين في طرابلس وهيئات حقوقية وجمعيات ثقافية.
(الأخبار، وطنية)