ابراهيم عوض
يجمع أقطاب في المعارضة على القول بأن المتضرر الأول من جريمة اغتيال الوزير الشاب بيار الجميل في الحسابات السياسية هو الفريق المعارض بجميع توجهاته وأطيافه، فيما يرى مسؤول كبير سابق مشهود له بالحكمة والموضوعية أن رئيس كتلة التغيير والإصلاح النائب ميشال عون هو أكثر المتضررين منها، وقد تبين له ذلك من خلال متابعته شريط الأحداث ليلة أول من أمس في اكثر من منطقة في جبل لبنان، ومسارعة رئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الى انتزاع زمام المبادرة وتقدم الصفوف ومحاولة الظهور بأنه الناطق الرسمي باسم المسيحيين.
ويبدي الرئيس عمر كرامي قلقه الشديد من الوضع الراهن وخصوصاً أن كل واحد «راكب رأسه» وغير آبه بمصلحة الشعب ومستقبله وكأننا نهدم بلدنا بأيدينا، فيما هناك من يصر على عناده لتحقيق أغراض ومصالح شخصية».
وقال كرامي لـ«الأخبار»: «لقد وجّهنا نداءات من موقعنا كرؤساء حكومة سابقين دعونا فيها الى التعقل واعتماد الحوار لحل الخلافات لكن ليس هناك من يسمع».
وأعلن كرامي تأجيل انعقاد جلسات اللقاء الوطني اللبناني بسبب الجريمة النكراء ورأى أنه لا يجوز الإسراع في الاتهام لوجود دولة وسلطة وتحقيق، معتبراً أن هناك كثراً «جسمهم لبيس». وتوقف كرامي عند تصريحات جعجع حول موضوع الاغتيالات فقال في تصريح له أمس: «إن ما يطرحه الدكتور جعجع يبدو أنه ليس من فراغ، فإذا كانت لديه معلومات نأمل أن يضعها في تصرف التحقيق، مكرراً مطالبته بتأليف حكومة اتحاد وطني ومؤكداً أن الحكومة الحالية غير شرعية.
نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي يقر «بأن هذا الاغتيال المدان أضر كثيراً بالمعارضة»، مشيراً الى أن توقيته جاء في مرحلة دقيقة داخلياً وخارجياً. «فعلى الصعيد الداخلي كان هناك تهيّب من الأكثرية لنزول المعارضة الى الشارع. أما في الخارج فالعنوان الأبرز المحكمة الدولية والتسريع لاستصدار قرارها».
ويرى الفرزلي أن جريمة الاغتيال أدت الى «إعادة إنتاج جرعة منشطة لتحالف السلطة والأكثرية من باب الظهور بأنهما الضحية، من دون الاكتراث الى أن أعمالاً كهذه، بصرف النظر عن الجهة التي تقف وراءها، إنما تقوّض منطق الدولة والنظام وتزعزع البنى المؤسساتية للحكم».
ويذكر الفرزلي لـ«الأخبار» أن عملية اغتيال الجميل «عطلت آلية العمل لدى المعارضة في الوقت الحاضر وأربكتها واستدعت إرجاء تحركها إلا أن ذلك لا يعني الغاءها». كما حمّل السلطة مسؤولية حماية أمن الناس والكشف عن مرتكبي الجريمة، متسائلاً «كيف لم يرف جفن لمسؤول فيما أن حادثاً أمنياً اقل بكثير من جريمة اغتيال حصلت في لبنان يؤدي الى سقوط حكومات في دول أخرى».
وتوقف الفرزلي عند ظاهرة «الاتهامات الجاهزة» التي دأب فريق الاكثرية على إطلاقها عند وقوع عملية اغتيال او تفجير، فقال إن «من يقوم بمثل هذه العمليات يدرك تماماً أن هناك «أسطوانة» جاهزة سيجري تشغيلها لكن فاته أن نسبة مفعولها انخفضت الى اكثر من 70%».
من جهته وصف قطب حزبي بارز ما صدر عن قوى في الاكثرية إثر عملية الاغتيال بالعمل التحريضي الهادف الى توظيفه لمصلحة السلطة والتهويل من خلاله على معارضيها للقبول بمطالبها وشروطها او مواجهة الاتهامات بالضلوع في ارتكاب جرائم الاغتيال او التغطية عليها.
وفي قراءته للمؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط أمس، اتهم القطب الحزبي الأخير بالإساءة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري والتشكيك في موقفه من المحكمة الدولية، وبتحريض الطوائف بعضها على بعض، أي الشيعي على الشيعي، والسني على السني، والمسيحي على المسيحي، مؤكداً «ان مثل هذا الاسلوب لن يفيد صاحبه واذا كان يقصد منه تعبئة شارعه فإن الشارع المقابل معبأ بدوره».
هذا ولم ير القطب الحزبي جديداً في هجوم جنبلاط على الرئيس بشار الأسد «بعد أن مضى عليه عامان وهو ينسج على المنوال نفسه».