غسان سعود
الثالثة والنصف بعد ظهر أمس (الأربعاء)، حجّ بعض المواطنين إلى ساحة الجريمة التي أحيطت بشموع أضاءها عشرات من محبي الشهيد بيار الجميل. وعلى بعد عشرات الأمتار فقط، يتوافد عشرات الكتائبيين إلى بيت الكتائب ــ قسم جديدة المتن. ووسط الهدوء في المكتب الذي عُلقت فيه صورة بيار ووالده الرئيس أمين الجميل، يخرق أحد الشباب الصمت منوهاً بوقف المسيرات السيّارة والحد من الاعتداءات التي حصلت أول من أمس. فيتدخل أحد الرفاق مشدداً على ضرورة أن يدفع العماد ميشال عون «ثمن الجريمة». ويعلو صوته في الكلام مهدداً ومتوعداً بالانتقام من «العونيين العملاء لسوريا». الأمر الذي يدفع أحد الموجودين في المكتب إلى التدخل طالباً من الشباب أن يعوا خطورة ما يقولونه، ويتذكروا نتائج التقاتل المسيحي ــ المسيحي.
يعكس كلام الشبان الثلاثة آراءً ثلاثة عصفت بلقاءات جمهور الكتائبيين وحلفائهم. فيما كان اتهام العماد عون بالتحريض على الجريمة عنواناً لعملية تعبئة جماهيرية كبيرة نفّذها شباب القوات اللبنانية وبعض الكتائبيين في مختلف البلدات المسيحية، الأمر الذي دفع كثيرين من مؤيدي هذه الأحزاب غير الملتزمين بها إلى الاعتكاف والابتعاد عن المشاركة في أي نشاط، خصوصاً بعد الذعر الذي هيمن على مشاعر عائلات مسيحية كثيرة إثر أعمال الشغب المتنقلة، والتي أعادت إلى الأذهان صوراً لا يرغب المسيحيون بعودتها. وأكد عدد كبير من هؤلاء الناشطين رفضهم اتهام حزب الله أو أي طرف لبناني آخر بالجريمة، وإدخال المسيحيين في مواجهة هم في غنى عنها.
من جهة أخرى، قدرت مراجع مسيحية روحية ضبط النفس العوني الهائل، ونجاح التيار الوطني الحر في السيطرة على مؤيديه في مختلف المناطق اللبنانية، خصوصاً بعد الاعتداءات المتنقلة على مؤيدي التيار ومكاتبه وإحراق صور عون. وفي هذا السياق، رأى النائب المتني إبراهيم كنعان أن التيار «معني بهذا الاغتيال، ويشعر بأنه أصيب مثل آل الجميل وحزب الكتائب وجميع المتنيين»، معرباً عن الأسف للتجاذبات السياسية والاستغلال، ومؤكداً أن الجريمة «هدفت إلى ضرب أساس وجود لبنان وحريته وسيادته واستقلاله التي قاتل التيار الوطني الحر وحزب الكتائب على مدى سنوات لاسترجاعها».
على صعيد آخر، أفيد بأن تحرك التيار خلال الأيام المقبلة سيتميز بالوعي الشديد لعدم فتح أي ثغرة تُحدث الانفجار. كلُّ ذلك فيما يستغرب أمين سر التيار الوطني الحر أنطوان مخيبر أن تحرق صور العماد عون وأعلام التيار لترفع مكانها أعلام القوات اللبنانية. وأكد أن كل الذين ارتكبوا الشغب ينتمون إلى القوات لا إلى حزب الكتائب. لافتاً في هذا السياق إلى أن مكاتب التيار في بكفيا وجوارها لم تتعرض لأي أذى. ورأت المصادر العونية أن التيار الوطني الحر أكثر من تأذى من الجريمة. فيما استثمرها أحد الأطراف المسيحية لاستغلال كبير يهدف إلى قلب الموازين التمثيلية في الوسط المسيحي. لكن هذا لم ينجح والدليل سيتمثل في البرودة المسيحية حيال كل التحركات الاستفزازية المستقبلية. ويؤكد مخيبر أن «الذي يحطم مكاتب التيار وسيارات مناصريه، لا يعبر عن حزنه بل يتصرف بشكل ميليشياوي غرائزي وقح». وحمّل مخيبر مسؤولية الشغب لوزير الداخلية بالوكالة أحمد فتفت. وأنهى كلامه بالإشارة إلى أن «قوى الأكثرية عايشين على الموت». متوقعاً مشاركة شعبية عونية في جنازة اليوم، خصوصاً أن الجميل «ليس شهيد (وليد) جنبلاط أو (سمير) جعجع، بل شهيد كل لبنان».
أما على صعيد التحركات الشعبية التي كان التيار قد أنهى تحضيرها، فثمة تحفظ شديد عن الادلاء بأيّة تفاصيل عنها، على رغم اشارات عدة إلى عدم إيقافها بالكامل، بل تأجيلها لفترة من الوقت ما زالت غير محددة.