strong>غسان سعود
تصوير:
وائل اللادقي
هيثم الموسوي

بكفيا البداية، بداية آل الجميل، احتضنت أمس نهاية أحد أقطاب هذه العائلة السياسية التي نجحت في إثبات أنها عصيّة على الانتهاء. الثامنة والنصف صباحاً ، بُدّل علم الكتائب الذي يلف نعش الشهيد بيار الجميل بآخر جديد، بعد أن فاض الأول بدموع محبيه. وخرج أفراد العائلة إلى غرفة جانبية، تاركين النعش بصحبة رفاق بيار، كتائبيي بكفيا، الذين سرعان ما رفعوا نعش الشهيد، وخرجوا بعد أن تلا عدد من المطارنة والكهنة صلاة البخور

كانت باحة منزل عائلة الجميل التاريخي تغص بمؤيدين للحزب، الأعرق تاريخياً بين الأحزاب الفاعلة في الساحة السياسية. وبدا المشهد بعيون بعض شيوخ بكفيا، شبيهاً ولو بنسبة صغيرة بيوم جنازة الرئيس الشهيد بشير الجميل قبل 24 عاماً، والذي حضر أمس بقوة في معظم بلدات المتن، حيث رفعت لافتات تقول «سلّم على بشير» و«أمس الرئيس واليوم الوزير».
وتوزع بعض النسوة على طريق عام بكفيا ينثرن الأرزّ والورود على موكب الجنازة، وسط هتافات الأهالي «الله معك يا بيار» و«هيّا فتى الكتائب»، التي ترافقت مع قرع شديد للأجراس التي تردد صداها من بكفيا ومختلف البلدات المحيطة. وتقدم الموكب الرئيس أمين الجميل وزوجته السيدة جويس، وباتريسيا أرملة الشهيد، وشقيقه سامي وشقيقته نيكول، وكان التصفيق يزداد حماسة كلما تقدم الموكب في اتجاه بيت الكتائب في بكفيا، وعند وصول الموكب الى مقصده أخرج النعش من السيارة ورقص المشيعون به وسط إطلاق للرصاص وزغردات النسوة وصراخ «بيار العريس.. بيار العريس»، ودعاء إلى الله لينتقم من قاتليه. ثم توجّهوا نحو نصب مؤسس حزب الكتائب بيار الجميل عند مدخل البلدة، حيث أعيد النعش الذي غطى ثلثيه العلم الكتائبي، والثلث الآخر العلم اللبناني، الى السيارة. وخرج الموكب من «بلدة الزهور» في اتجاه الساحل المتني، مخترقاً الطرقات التي رفعت فوقها الشرائط البيض وصور الراحل والأعلام اللبنانية والكتائبية واللافتات المودعة، فيما أقفلت حداداً مختلف القطاعات الاقتصادية في المتنين والأشرفية. وأبطأ موكب العائلة سيره في محطات عدة اعتاد بيار أن يتوقف فيها كمشارك سياسي فاعل، حيث كان في انتظاره مئات المحبين لتأكيد بقائهم «على عهد السيادة والاستقلال الذي من أجله استشهد بيار الجميل».
وترددت في ساحل المتن خطابات بشير الجميل وأغاني الكتائب. لكن محبي بيار الذين احتشدوا في عين عار وقرنة شهوان وانطلياس خاب أملهم بعد أن أكمل الموكب سيره من دون التوقف إلا لثوان قليلة، لم يتمكن خلالها كثيرون من إلقاء نظرة سريعة على نعش العريس. وازداد حزن كل الذين أملوا بتوقف الموكب السيّار في منطقة نهر الموت، وحمل النعش على الأكتاف من هناك وحتى وسط العاصمة.
من محلة الكرنتينا، يتغير المشهد الذي كرر قادة «14 آذار» محاولة رسمه بالجمهور مرات عدة بعد ذلك اليوم التاريخي. وتطل صورة عملاقة للشهيد وأعلام الكتائب، وتصدح الأغاني والصرخات، ويبدو أن «الملعب واسع واسع لطلّة الكتائب». وسط ترداد الألوف «عالصخر منحفر كتائب والريح بتصفر كتائب». وعمل المنظمون، الكتائبيون في معظمهم، على إبقاء ممر لسيارات الرسميين وموكب الشهيد، بمؤازرة من القوى الأمنية، وسط انتشار أمني وعسكري كثيف لوحدات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي على طول الطرق المؤدية إلى ساحة الشهداء.
أما المشهد الكتائبي الأبلغ فتمثل في البيت المركزي للحزب في الصيفي، الذي عكس بحسب جمهور الكتائبيين، ما صنعه بيار. فاحتشد المئات في مساحة ضيقة أمام البيت الذي يُجمع الكتائبيون، قبل استشهاد بيار وبعده، على تحوله خلال السنة الماضية خلية نحل أدارها بحكمةٍ بيار الجميل.
هنا الصيفي، عنوان الكتائب. تعلو الأصوات والأهازيج «الله الوطن العائلة». يردّد المئات «يا ضيعانك يا بيار» و«قتلوك الغدارين». وتدخل مع شعارات المناسبة أخرى سياسية: «العالم كلها مقهورة. الله مع السنيورة». وكان الجميع في انتظار عريس الكتائب، كما سمّاه النائب سعد الدين الحريري إثر وفاته، ليدخل للمرة الأخيرة إلى البيت الذي بناه جده ليحتضن مئات الاجتماعات التي رسمت انعطافات أساسية في التاريخ اللبناني .وبدا الكتائبيون، الكبار والصغار، شديدي التأثر بصوت الوزير الراحل يهدر عالياً بخطابات مسجلة، وخصوصاً أنه كان يطل عليهم من خلف أرزة عالية بعينيه البراقتين وابتسامته الشهيرة عبر الصورة الكبيرة التي علقت قرب البيت وكتب عليها «فدى لبنانكل ذلك قبل أن يصل موكب الشهيد. يحضر، فيسود الصمت. ينشغل المحتشدون بدموعهم والتدافع للاقتراب ومحاولة لمس النعش. تبدو على وجوه حاملي العريس ملامح الحزن العميق والافتخار في الوقت نفسه. تعلو الصرخات «بيار حي فينا» و«نحنا بعد البشير ما نسينا» و«يا أمنا العدرا شوفي شو عم يعملوا فينا». يرقصون بالنعش، يُدخلونه قاعة البيت المركزي ليوضع بقرب نعش رفيقه سمير الشرتوني، وتحيط بهما شخصيات سياسية وحزبية وروحية، وسط حال من الأسى العميق عمّت محازبي الكتائب الذين تدافعوا مع بكائهم ونحيبهم وصراخهم لإلقاء النظرة الأخيرة على الرفيق الذي كانوا يؤمنون بقدرته على استعادة جزء كبير من الدور الذي فقده الحزب مع استشهاد بشير الجميل. وبعد إدخال الوزير إلى مكتبه في بيت الكتائب، خرج النعش ليودع بذلك بيت الكتائب شهيد آخر. وهرع المئات ليلحقوا بالنعش الذي شقّ الجماهير في ساحة الشهداء، متوجهاً إلى كنيسة مار جرجس.
من الصيفي حيث اكتظ الكتائبيون، مروراً بساحة الشهداء والشارع المقابل لمسجد محمد الأمين، احتشد آلاف المؤيدين لـ«قوى 14 آذار»، فيما تبعثر المئات في الساحات المتعددة ومواقف السيارات المجاورة، وتوزعت اللافتات في اتجاهات عدة. هنا يُستهدف الرئيس إميل لحود عبر شعارات تقول: «أخرجوا عميل بشار من بعبدا» و»قيصر بعبدا.. ارحل عنّا». إضافة إلى الهتاف الجنبلاطي المستعاد من 14 شباط الماضي: «يا بيروت بدنا التار من لحود ومن بشار». فيما كانت الأخبار تتوالى عن حواجز عدة للجيش اللبناني أقيمت في محيط القصر الجمهوري في بعبدا وعلى طريق بيروت دمشق. أما «حزب الله» فوجهت إليه الرسائل بطريقة مبطنة عبر لافتات صفراء كُتب عليها «عملاء النظام السوري، إرحلوا عنّا». ورفعت لافتات عدة كُتب عليها «دموع الرئيس السنيورة أقوى من صواريخك يا حسن». وكان للمحكمة الدولية نصيب وافر فكتب: «المحكمة الدولية.. لا محالة»، و«وحدها المحكمة الدولية تحمينا»، و«زغرتا الزاوية تنتظر المحكمة الدولية للأخذ بالثأر». وبرز ارتداء شبان قمصاناً كتب عليها «لائحة وحدة الجبل». إضافة إلى رفع البعض أعلاماً للمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا. ووسط ذلك ظهرت لافتات مطبوعة في شكل إعلاني تسأل: «متى يعود التيار إلى مجراه؟» و«من شقّ الصف؟». ووسط أجواء الحزن المفترض على الشهيد الجميل، ردد كثيرون «أصفر أخضر ليموني مش رح تسقط الحكومي»، وسط ضحك وقهقهات وأهازيج. وأكد خطيب المسرح أكثر من مرة أن الحشود «عادت الى ساحة الشهداء وفاءً للأكثرية وللمحكمة الدولية، ووفاءً للحقيقة ولحكومة الرئيس فؤاد السنيورة».
وإذا كان الكتائبيون قد ملأوا الساحة المقابلة لبيتهم المركزي، فإن القواتيين تمركزوا أمام مدخل كنيسة مار جرجس التي كُلّلت بورود بيض وانتظرت احتضان العريس الذي دخل إليها بوقار لافت، على وقع النشيد الوطني والزغاريد ونثر الورود وقرع أجراس الكنائس. وكان في انتظاره حشد من الرفاق والأقرباء والسياسيين، ليرأس البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير صلاة الجنّاز، الذي شارك فيه متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة.
وبعد القداس ألقى أمين سر السفارة البابوية في لبنان، بيس بالداس كولبوكاس، كلمة البابا بنديكتوس السادس عشر، مشيراً الى أن قداسته يقدم الصلوات من أجل السلام في لبنان وأرواح الشهداء الطاهرة، ويدعو اللبنانيين الى العيش بسلام ومحبة ووحدة لبناء وطنهم، هذا الوطن الغني بتنوعه ووحدة أبنائه، وهو يأمل أن يرى لبنان كما يعهده واحة للسلام وأن يعيش أبناؤه بسلام وهناء ومحبة.
ثم ألقى البطريرك صفير الرقيم البطريركي الذي أثنى فيه على مزايا الوزير الجميل وعائلته، وقال: «المصاب الأليم الذي حل عشية عيد الاستقلال بمشايخ آل الجميل الكرام، إنما هو مصاب لبنان بأحد أبنائه البررة، ووزرائه الناشطين». مشيراً الى أن ما أعرب عنه والده رئيس الجمهورية الأسبق «كان له أطيب الوقع في نفوس الناس أجمعين، وهو قوله: «الساعة ساعة صلاة، فلا انتقامات، ولا انتفاضات. وهذا قول أملاه عليه إيمانه بالله وإخلاصه للوطن، ومحبته لأبنائه، كل اللبنانيين. ولكن يبقى على العدالة أن تكتشف الفاعلين، وتنزل بهم أشد العقاب الرادع، منعاً لتكرار مثل هذه الفواجع المؤلمة».
ورأى صفير أن الاغتيال الذي أودى بحياة الوزير الجميل يختلف عما سبقه من اغتيالات» وقد تجرّأ فاعلوه على القيام به، في وضح النهار وهم سافرو الوجوه، في منطقة مكتظة بالسكان، وكأنهم لا يخشون ملاحقة أو عقاباً. وقد أفرغوا في جسم الضحيتين: الوزير ومرافقه، ما فوق العشرين رصاصة، ولاذوا بالفرار، وكأن شيئاً لم يكن، وهذا منتهى الوقاحة والفجور».
وأضاف: «لكن السؤال الأبرز الذي يطرح في مثل هذه الجرائم النكراء، البكماء: لماذا هذا الإجرام الكبير؟ وقد سبق أن قيل: سيكون هناك اغتيالات، ستودي بحياة غير وزير، محاولة من المجرمين ومن وراءهم، لمنع قيام المحكمة الدولية والانعقاد للاقتصاص من المجرمين جزاء ما جنته أيديهم. وهكذا يتواصل مسلسل الإجرام، لمنع عودة لبنان الى الاستقرار، وأهليه إلى الأمان والسلام، فيلوذون بالهجرة، ويتم لأعدائهم ما يريدون، وتناسوا أن في لبنان شعباً يأبى الضيم، وتشد جماعاته وأفراده بعضهم إلى بعض أواصر متينة من التعاون والتفاهم ومحبة الوطن. وهذا ما يسعى وراءه العالم اليوم التواق الى ألفة تسود جميع شعوبه، وإن اختلفوا أدياناً، ومذاهب، واتجاهات سياسية».
ورأى «ان ما يدخل العزاء الى القلوب أن المسؤولين في العالم أجمع، من رؤساء دول وحكومات بادروا الى تقديم التعازي بهذا الخطب الجلل، وأعربوا عن تضامنهم مع بلدنا الصغير، وفي مقدمهم فخامة الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي أوفد وزير الخارجية الفرنسية ليشترك معنا اليوم في الصلاة. وهذا دليل على أن لبنان، على الرغم من صغر رقعته، لا يزال يستثير مشاعر الدول كبيرها وصغيرها، وهي تمد له يد المعونة، والمساعدة. ويبقى على اللبنانيين أن يعرفوا ما لبلدهم من قيمة تاريخية وإنسانية، فلينبذوا الأحقاد والخصومات، ويتعاونوا لإنهاضه من كبوته، وإعادته إلى سابق عهده من الطمأنينة والاستقرار».
ولفت إلى أن «من شأن هذا التعاطف الذي نلقاه من المسؤولين في العالم، أن يحملنا، على ان نحزم أمرنا ونعود الى بعضنا بالتفاهم، والمحبة، والى وطننا الصغير لبنان بما يستوجبه منا من رعاية وعناية، لنعيد بناءه على أسس ثابتة من التعاضد والألفة والسلام».
وألقى رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر كلمة مختصرة أشار فيها الى إعلان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أن مجلس الأمن وافق على تكليف لجنة التحقيق الدولية المساعدة في التحقيق في جريمة اغتيال الجميل.
ومع انتهاء القداس، كان بعض المشاركين قد غادروا، فيما توجه قادة الأحزاب الرئيسية في «فريق 14 آذار» إلى منصة خطابية وضعت مقابل جامع محمد الأمين لإلقاء الكلمات. وفي الوقت نفسه، كان المنظمون ينهون الاستعدادات للصعود مجدداً إلى بكفيا التي كان كثير من أبنائها ينتظرون بطلهم الجديد الذي عاد عصراً محمولاً على أكف رفاقه ومناصريه. وأنزل النعش عند مدخل البلدة أمام نصب مؤسس حزب الكتائب الشيخ بيار الجميل. وانطلق الموكب سيراً على الأقدام، على وقع الأجراس وإطلاق الرصاص ونثر الورود والأرز، وصولاً الى مدافن العائلة في كنيسة مار مخائيل، حيث احتفل الكهنة بصلاة رفع البخور. ثم ووري في الثرى بعدما ألقى أفراد العائلة النظرة الأخيرة عليه، لينتهي فصل من ملحمة عائلة، جمعتها رابطة الاستشهاد بالوطن، وهي تقنع بلا فكاك ما جمعه الله.



جنبلاط: لن ينالوا منا...
ونحن مع الحوار
لن ينالوا من رفضنا لمحاور السواد والظلام والقرون الوسطى والجاهلية، لن ينالوا. لن ينالوا من رفضنا للشمولية والديكتاتورية والعبودية، لن ينالوا. لن ينالوا من حصر السلاح كل السلاح في إمرة الدولة لحماية الجنوب، دولة الطائف لن ينالوا. لن ينالوا من مطلبنا للحقيقة والعدالة والمحكمة الدولية، لن ينالوا. لن ينالوا من تمسكنا بلبنان، لبنان اولاً».
واستطرد قائلاً: «وفوق كل هذا أقول: لم أقرأ ولن أقرأ، لم أسمع ولن أسمع بيانات الفتنة في هذه اللحظة وفوق الألم وفوق الجراح نحن مع الحوار».
وتابع: «أما أنت يا شهيد لبنان، يا شهيد الاستقلال، يا شهيد الحرية، يا شهيد الكرامة والعنفوان، يا شهيد العدالة، يا شيخ بيار أمين الجميل، ها أنت تلتحق اليوم بقافلة الشهداء مع رفيقك سمير الشرتوني، شهداء حزب الكتائب شهداء آل الجميّل وأنسبائهم بقافلة شهداء الرابع عشر من آذار، شهداء الاستقلال الذين رفضوا التمديد ونظام الوصاية، نظام القهر والاستبداد، نظام القتل والاغتيال ولا يزال».



الحريري: نحن الحقيقة وأنتم الوهمواستهل الحريري كلمته بمخاطبة صديقه «الوزير الأمير البطل» قائلاً: «السلام عليك يا أخي الشهيد الشاب العريس بيار الجميل، أحملك قبلاتي وسلامي وشوقي إلى والدي الرئيس الشهيد البطل، رفيق الحريري.
رفيق بهاء الدين الحريري مسلم سني من لبنان، بيار أمين الجميل مسيحي ماروني من لبنان ، يمتزج دمهما اليوم على أرض واحدة، اسمها لبنان، تلتقي روحاهما اليوم، في سماء واحدة، من أجل لبنان، فداء للبنان، دفاعاً عن لبنان، عن حرية لبنان، عن سيادة لبنان، عن استقلال لبنان، عن عروبة لبنان».
وأضاف مخاطباً الحشود: «للمرة الثالثة، خلال أقل من سنتين، تأتون من كل جهات لبنان، إلى قلب بيروت البطولة، تملأون الطرقات والساحات، وتعلنون للعالم أجمع، أن الوحدة الوطنية، التي كرستها دماء رفيق الحريري ودماء بيار أمين الجميل ودماء باسل وسمير وجورج وجبران، وكل شهيد من شهداء الاستقلال هي حقيقة راسخة، باقية، واقعة، وأن هذه الوحدة الوطنية، أقوى من سلاحهم، وأقوى من إجرامهم، وأقوى من إرهابهم».
وقال الحريري: «في 14 آذار، انتفضتم في وجه الوصاية، من أجل الحرية والسيادة والاستقلال، واليوم تنتفضون مرة ثانية، من أجل الحقيقة، والعدالة، والحياة. وتثبتون للعالم أجمع، أن أبناء رفيق الحريري وأن إخوة بيار الجميل هم الأكثرية في لبنان، وتقولون لمن قال عنكم إنكم أكثرية وهمية: نحن الحقيقة، وأنتم الأوهام، نحن الحرية، وأنتم الأوهام، نحن الوحدة الوطنية، وأنتم الأوهام. لهؤلاء نقول: اتركوا أوهامكم وعودوا إلى الحقيقة، عودوا إلى السيادة، عودوا إلى الوحدة الوطنية، عودوا إلى لبنان».



جعجع: أرادوها مواجهة فلتكن...
وقوات الجحيم لن تقوى عليناوأضاف: «إذا كان للباطل جولة، فسيكون لنا، للحق والخير والسلام ألف جولة وجولة. نحن أبناء لبنان، فلا يخطئن أحد الحساب، نحن أبناء حق، فلا يحاولن أحد المحال. لن نخاف، لن نهاب شيئاً، لن نتعب، لن نرضخ، لن نستسلم، لن نستكين حتى وقف الإجرام في لبنان، لن يتوقف الإجرام في لبنان حتى توقيف المجرم، لن يوقف المجرم إلا المحكمة، لذا أرادوها مواجهة على المحكمة لكن المحكمة ستكون، ستكون، ستكون. ودماء بيار ستزهر حقاً وحقيقة وعدالة».
وقال جعجع: «أيها اللبنانيون، أرادوها معركة على المحكمة، لكنهم لم يجرؤوا على إعلانها كذلك، فقالوا إنها معركة المشاركة، معركة الفساد، إنها معركة لا وطنية الحكومة، إنها معركة لا شرعية الحكومة. أما اليوم فقد سقط القناع. هذه الحكومة حكومتنا، حكومة لبنان، تستمد شرعيتها من مجلسنا، تستمد شرعيتها من وجودنا، تستمد شرعيتها من دماء شهدائنا، إنها حكومة الحرية والسيادة والاستقلال، ولن نقبل باستبدالها بحكومة وصاية وقتل وإجرام. إنها حكومة رفيق الحريري وباسل فليحان، حكومة جورج حاوي وسمير قصير، حكومة جبران تويني وبيار الجميّل وقوات الجحيم لن تقوى عليها».
وتابع: «أيها اللبنانيون، إذا كان هنالك من لا شرعية حقيقية في لبنان، من لا وطنية حقيقية في لبنان، فهي في أحضانهم بالذات في وسط صفوفهم، إنها في مشاغل قصر بعبدا، إن التاريخ بأكمله سيحكم على الرئيس لحود وصحبه على كل ما ألحقوه بلبنان واللبنانيين من مآسٍ وجرائم وتسلط وذل وعار. إن التاريخ يمهل لكنه لا يهمل أبداً».
وختم قائلاً: «أيها اللبنانيون، نعاهدكم اليوم مرة من جديد على أننا مستمرون على الرغم من كل شيء، مستمرون بمواجهة كل شيء، مستمرون حتى قيام المحكمة الدولية، مستمرون حتى بلوغ الحق والحقيقة والعدالة. مستمرون حتى قيام الدولة الواحدة والسلاح الواحد، مستمرون».



الجميّل: التغيير والإصلاح يبدآن بالرأس...وأضاف: «على كل صادق يريد التغيير والإصلاح أن يحط يده بيدنا حتى يتحقق بكل معنى الكلمة الإصلاح والتغيير. تغيير من فوق، أن ننتخب رئيس جمهورية جديداً، وأن يتجه بالتالي لبنان كله نحو السيادة والحرية والاستقلال وكل ما هو غير ذلك غش وتزوير». ولفت إلى أن معركة الاستقلال الثانية تعني إحقاق الحق لأنه لا يمكن أن يستمر لبنان وأن يتحصن بدون عدالة».
وقال الجميل: «لقد أبلغنا اليوم أن هذه الجريمة النكراء، اغتيال حبيبي وابني بيار، أن الخطوة الأولى تحققت والتحقيق الدولي سيتناول اغتيال بيار. هذا أول الطريق، ونحن نعاهدكم أن العد العكسي من أجل إحقاق الحق من أجل أن تتحقق المحكمة الدولية للنظر في كل الاغتيالات، ليس بحق الأشخاص، بل بحق الوطن بدأ. ولن نستكين ولن نرتاح إلا أن نجلب إلى التحقيق والقضاء كل الذين أجرموا بحق أولادنا بحق أحبائنا بحق لبنان. هذا معنى الاستقلال الثاني الذي نحن اليوم بصدده.
وتابع: «كما أشعل وأطلق الرئيس الحريري باستشهاده انتفاضة الاستقلال، فباغتيال حبيبي بيار نأمل أن نكون بصدد الوصول إلى نهاية الطريق من أجل تحقيق الاستقلال الكامل، وأن يرجع لبنان وطن الأحرار والكرامة والعنفوان. هكذا أراد الشهداء أن يكون لبنان وهكذا سيكون».
وأعلن الرئيس الجميل أن حركة 14 آذار «بصدد خطوات عملية عملانية حتى لا تذهب صرختكم التي سمعناها اليوم سدى، بل أن تكون مدوية وتغطي على كل قنابل الغدر ورصاص الغدر وتتفوق على كل التفجيرات وتخط الخط الذي كلنا نسعى إليه وأن ننال أخيراً الأهداف التي نناضل من أجلها».



حمادة وهرموش
توعدا «الجالس في قصر بعبدا»وألقى هرموش كلمة جاء فيها: «جئنا نقول إننا مع لبنان الحر، السيد، العربي، المستقل. جئنا نقول مرة جديدة إننا مع الطائف ومع المحكمة الدولية ومع كشف الحقيقة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وجميع الذين سقطوا على طريق الحرية والاستقلال في هذا البلد». وطالب هرموش «ذلك الذي يجلس في بعبدا بأن يرحل عنا». كما طالب بأن «يسقط هذا النظام الأمني الذي يروع الناس، والذي يقتل الناس، لأن من يقتل نفساً بريئة واحدة يحقق الفساد في هذه الأرض».



  • وصل أحد قياديي القوات اللبنانية في منطقة كسروان إلى الكنيسة محاطاً بأكثر من 12 مرافقاً.

  • أثار وصول النائب الكتائبي نادر سكر استهجاناً واسعاً، ودخل سكر من الباب الخلفي للكنيسة.

  • استنكر البعض، على مدخل الكنيسة، وضع أغنية جوليا بطرس التي تقول «ما بتقدر أبداً تلغيني، بدك تسمعني وتحكيني، أحسن ما نوقع سوا»، وقالوا: «ما بدنا نسمعهم ولا نحكي معهم».

  • ازداد التدافع وعلا الصراخ «أتى الحكيم». لكن سرعان ما تبين أن القادم هو النائب جورج عدوان الذي يرفع قبضته للجماهير.

  • مع وصول وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي بصحبة السفير برنار ايمييه إلى مدخل الكنيسة، رددت الجموع بالفرنسية Vive la France.

  • تألف موكب النائب سعد الحريري من سبع سيارات مصفحة بالكامل ومزودة أجهزة رصد. وتزامن وصول الحريري مع وصول البطريرك الماروني مارنصرالله بطرس صفير الذي لم يثر حضوره أي رد فعل عند الجمهور الذي كان منشغلاً بالترحيب بالحريري، والصراخ «أبو بهاء».



    توضيح
    صدر عن مكتب الرئيس أمين الجميل، مساء أمس بيان جاء فيه: «توضيحاً لما ورد في بعض وسائل الإعلام حول إشكال رافق مشاركة دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، في مراسم تشييع الشهيد الشيخ بيار الجميل، يهمنا التوضيح أن أي إشكال لم يحصل وأن دولة الرئيس كان موضع ترحيب كبير على مشاركته الكريمة في هذا المصاب الجلل، وقد رحب به الرئيس الجميل داخل الكاتدرائية، علماً أن علاقة صداقة حميمة تربط الرجلين».