رزان يحيى
بعد اغتيال الوزير بيار الجميل، بدأت تعزيزات أمنية من الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي بالظهور في الشوارع. وقد وصلت إلى ذروتها صباح التشييع، وخاصة على الطرقات المؤدية إلى ساحة الشهداء. إلا أن ذلك لم يحل دون حصول عراك وتعديات على مواطنين وعمال سوريين، إضافة إلى منع زملاء صحافيين من دخول كنيسة مار جرجس.
حصل الإشكال الأبرز في منطقة سليم سلام. بدأت مواكب التشييع المحمّلة بأعلام قوى 14 آذار، القادمة من المناطق بالوصول قرابة الساعة الثامنة والنصف إلى جسر سليم سلام. مع طلائع المواكب، بدأت القصة... رياض، مشارك في التشييع، قادم مع موكب الشويفات، يقول إنه لدى وصولهم إلى جسر سليم سلام، ترجل «المتظاهرون» حيث التقوا آخرين يتجهون نحو ساحة الشهداء، وارتفعت الهتافات الداعمة «للموالاة». عندئذ، «بدأ بعض الشبان برمي الحجارة والضرب بالعصي». يؤكد رياض أن «التظاهرة» كانت متجهة بسلام نحو ساحة الشهداء «لكن هم بدأوا... فماذا نفعل». هنا تنتهي حكاية رياض ليكملها ابن المنطقة علي سلمان، الذي أكد أن رواية رياض صحيحة لكن ناقصة. «لأن الهتافات ما لبثت أن تحولت إلى شتائم وكلمات نابية طاولت الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون، ورفعت لافتات مثل (دموعك يا دولة الرئيس أقوى من صواريخك يا حسن) استفزت أهالي المنطقة المعروفة بأنها شيعية». ويضيف إن التوتر بدأ صباحاً بمرور سيارة «فان» ترفع أعلام التقدمي الاشتراكي، وصدرت منها شتائم، على حّد قول علي.
جو التشنج انفجر عند العاشرة، باشتباكات بدأت بالأيدي وتطورت إلى استخدام حجارة وزحاجات فارغة. وكان لسكان الأبنية المحاذية لجسر سليم سلام نصيبهم من المشاركة عبر رمي المياه والحجارة على المشاركين في التشييع. حصيلة الاشتباك أربعة جرحى من صفوف المشيعين، وواحد من أهالي المنطقة، إضافةً إلى تحطيم زجاج بعض السيارات. ما لبثت أن طوِّقت المنطقة بأفواج من المكافحة في الجيش، مكافحة الشغب، الفهود، مخابرات باللباس المدني والعسكري وأمن الدولة، إضافةً إلى آليات عسكرية مختلفة. تدخل الجيش، بعد وصول التعزيزات، بعيارات نارية في الهواء فرقّت الناس. ثم حُوّل الطريق إلى بشارة الخوري. وطوق الجيش مفرق الباشورة، مانعاً سكان المنطقة من التوجه نحو الجسر خوفاً من أي احتكاك آخر، الذين بدورهم قطعوا طريق الباشورة بمستوعبات للنفايات.
أما قرب محطة الضناوي، وبعد انتهاء التشييع، فقد حصل إشكال بين عدد من الشبان العائدين من ساحة الشهداء وبعض أهالي المنطقة، تسببت به شتائم متبادلة بين الطرفين. إلا أن تدخل قوى الأمن والجيش حال دون تفاقم الأمور. وفي محلة الدكوانه قرب سوبر ماركت فريواي، تعرض خمسة شبّان يستقلون جيب شيروكي، بالضرب بالعصي لعمال من الجنسية السورية، حسبما روت شاهدة عيان.
هذا وأكد المدير العام للأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي في حديث إلى «الأخبار» أن «قوى الأمن الداخلي، وبمعاونة الجيش اللبناني، سيطرت على الإشكالات». أضاف إن عناصر من الأمن الداخلي، وبالتنسيق مع نقطة الجيش عند منزل رئيس الحكومة الأسبق سليم الحص، عمدوا إلى متابعة موضوع التعرض له ليل أول من أمس، وتكفلوا منع تكرار التعديات نافياً تكرارها.
أما في ساحة التشييع، رفض الملازم الأول غريّب في الأمن الداخلي السماح لمراسلة «الأخبار» نعمت بدر الدين والزملاء، فادي نصار (وفد إعلامي سويدي) وكلارا جحا (تلفزيون الجديد) وإيناس شرّي (صوت الشعب)، بالدخول إلى قاعة «مار جرجس» بينما دخل الوفد الإعلامي لوزارة الخارجية الفرنسية من دون «تفتيش»، عندئذ علت الصرخة بين الزملاء وحصلت مشادة بين نصّار وغريّب. وعندما حاولت بدر الدين تصوير الإشكال، منعها بعض العناصر الأمنيين وطلبوا منها تسليم الكاميرا وإلا قاموا بتحطيمها. وقد وعدت الأخيرة أن ترد «بواسطة القانون». رد غريّب «ما أنا القانون». عندئذ فقدت إحدى الزميلات السيطرة على أعصابها وراحت تصرخ «شاي شاي».