نادر فوز
تساءل بعض المشاركين عن سبب رفع «جمجمة» خلال المهرجان، وكان الرد واضحاً: «فرقة النخبة بالقوات اللبنانية» إنها اللحظات الأخيرة لبيار في مركز حزب الكتائب الرئيسي، لحظاته الأخيرة في بيت «جدّه»، يغادره إلى كنيسة مار جرجس حيث سيلاقيه الأهل والأحباء والزملاء والحلفاء. أمام المركز كانت الجموع قد تجمّعت منذ ساعات طويلة، تابعت مسيرة النعش عبر الرسائل الخلوية أو عبر الاتصالات المباشرة مع من رافق موكب التشييع من بكفياقُطعت الأغاني الكتائبية، وطلب أحد المعرّفين توجّه الجميع إلى «ساحة الحرية ليلاقوا الشيخ العريس»، كما طلب من الشبان المتمترسين على أسطح الأبنية المجاورة مغادرتها «وإلا فستتدخل القوى الأمنية لإنزالكم». فرغت الأسطح، لكن أحداً لم يترك ساحة «البيت»؛ كانوا بانتظار خروج النعش، ليرشّوا الأرزّ والورود ويلقوا هتافات الوداع الأخير. طلب آخر توجه به أحد الكتائبيين عبر مكبرات الصوت، «دعونا ننشد نشيد الحزب عند خروج نعشي الرفيقين ليكون وداعهما الأخير».
«فاجأونا بسكوتهم»، «المحكمة الآن»، «وحدها المحكمة الدولية تحمينا»، «لا سلاح إلا السلاح الشرعي»، «1559، 1680، 1701 الآن»، «لا للموت»، «النظام السوري القاتل كفى»، «المحكمة الدولية حكم عليكم»، لافتات وشعارات جديدة استخدمها أنصار 14 آذار بإمضاء «أحب الحياة، الانتفاضة الثانية»، إضافةً إلى صور «الرئيس الشهيد» و«البشير». لافتات أخرى رفعت، مسّت الجنرال عون والسيد حسن نصر الله.
كان الجميع ينتظرون أمام المدخل الرئيسي للمركز، لكن النعش الأول خرج من أحد الأبواب الجانبية. علا التصفيق وصرخت الحناجر «هيا فتى الكتائب...»؛ «رقص» حاملو «العريس الأول» بالنعش، على أنغام بعض الأناشيد الكتائبية و«بيار حيّ فينا». توجه النعشان إلى ساحة الشهداء ومنها إلى الكنسية وسط تصفيق كثيف وهتافات تعد بالثأر وبـ«كسر يد الفاعل حتى لو كان مسلحاً».
بدأت الصلاة على «الشهيدين»، تحوّل الشارع أمام «البيت المركزي» إلى طريق مشاة من ساحة الشهداء نحو الدورة. منهم من كان يهمّ بالعودة إلى بيته ومنهم من كان يحاول «تنسيق الطلعة إلى بكفيا».
جاليات أجنبية لا بأس بها شاركت في التشييع. طونيا وثلاث من مواطناتها السريلانكيات حضرن لتوديع «الشيخ»؛ أصحاب الأماكن أو البيوت حيث يعملن أقنعوهن بضرورة المشاركة للحد من «التفجيرات والفوضى». رفعت طونيا شعار الحقيقة ولافتة «جديدة» لقوى 14 آذار.
مروراً بالقرب من مركز الكتائب، سألت فتاة صغيرة ملتحفة باللون الأزرق أمها عن اسم «الرجل الذي كتب تحته: فدى الوطن». أجابت الأم بأنه بيار، فسألت الطفلةُ من جديد «رئيس الكتائب؟»، فهزّت الأم برأسها إيجاباً.
تجمع آخر للقواتيين تحت علم أسود ضخم. ليس أسود حداداً على «العريس»، فهو ليس إلا علم «فرقة الصدم» القواتية التي عرفت بعملياتها العسكرية والأمنية الدقيقة خلال الحرب اللبنانية. كان بعض المشاركين يتساءلون عن سبب رفع «جمجمة» خلال المهرجان، وكان الرد واضحاً، «فرقة النخبة بالقوات اللبنانية». ترافقت هذه الأسئلة مع وجود كثيف لعدد كبير من شبان القوات اللبنانية ببزاتهم العسكرية ونظارات «البشير» الشهيرة، حتى إنّ أحد المشاركين الدروز توجّه لأحدهم قائلاً «مش ناقصك إلا البارودة».
معظم الشبان تساءلوا ما إذا كان الحشد سيتوجه إلى بعبدا. منهم من كان رأيه «ما استوِت بعد»، وبدا بعضهم الآخر متحمساً «يلا نحرر بعبدا».