ألغيت كل المناسبات الاحتفالية في ذكرى عيد الاستقلال في البترون، ساحلاً ووسطاً وجرداً، لتحل مكانها مظاهر الحزن والصدمة والحداد التي انعكست شللاً على الحركة العامة. وأفادت مراسلة «الأخبار» في البترون ريتا شاهين أنّ الإدارات العامة والمؤسسات والمدارس والبلديات والمراكز التجارية أقفلت، ورفعت اللافتات حداداً على وزير الصناعة اللبنانية بيار الجميل.وازدان إقليم البترون الكتائبي الذي دشّنه الوزير الجميل منذ أشهر قليلة بالشرائط البيضاء حداداً، وعلقت للشهيد صورة عملاقة على حائط البيت المركزي. واللافت ان الشهيد كان قد دشن أيضاً مركز إقليم الكتائب في بلدة شكا منذ أسابيع قليلة وامتنع يوم السبت الفائت في 11 الجاري عن حضور حفل تدشين قسم عبرين الكتائبي الذي كان مقرراً برعايته وحضوره، وذلك لدواع أمنية.
وقد تقاطر المحازبون الكتائبيون ومناصرو قوى 14 آذار منذ ساعات الصباح الأولى من قرى القضاء وبلداته، وتجمعوا أمام مكتب النائب أنطوان زهرا في مدينة البترون رافعين الأعلام اللبنانية، وأعلام الحزب، وصور الوزير الراحل استعداداً للانطلاق الى كنيسة مار جرجس في وسط العاصمة للمشاركة في مراسم التشييع في مشهد رمزي تكرر مراراً في السنتين المنصرمتين.
وأشارت المصادر المنظمة إلى أن التعليمات أعطيت من مناصري قوى 14 آذار برفع الأعلام اللبنانية فقط، وبأن الحافلات ووسائل النقل قد استأجرها تيار المستقبل ووزّع «بونات» الوقود على السائقين مع وجوب التزام أماكن التجمّع والانطلاق. وعند الواحدة ظهراً قرعت أجراس الحزن في المدينة وقرى القضاء لتضم الى أجراس كنيسة مار جرجس حيث جرت مراسم التشييع.
وفي جبيل، أفادت مراسلة «الأخبار» جوانا عازار أنّ قوى 14 آذار بدأت تتجمّع في المدينة منذ الصباح، استعداداً للمشاركة في وداع الوزير الشهيد بيار الجميّل. الكتائب، القوّات، تيّار المستقبل وسائر القوى حشدت أنصارها منذ ليل الأربعاء. اذ جابت مواكب سيّارة شوارع المدينة ودعت مكبّرات الصوت باسم قوى 14 آذار جميع الجبيليّين الى المشاركة الكثيفة في تشييع الشهيد بيار الجميّل.
ولبّت القوى الشبابيّة لـ 14 آذار الدعوة فتجمّعت الباصات في مواقف على مداخل المدينة وزُيّنت بصور الشهيد بيار الجميّل، صور رئيس الهيئة التنفيذيّة للقوّات اللبنانيّة وصور الرئيس رفيق الحريري ونجله النائب سعد الدين الحريري.
بعض طلاب الجامعة اللبنانية الأميركية اجتمعوا في جبيل في انتظار الباصات لنقلهم الى ساحة الشهداء. وأكّد رئيس مصلحة الطلاب الكتائب في جبيل بشير نصراني، أنّ البوسطات تولّت نقل الناس من مختلف المناطق، معاهداً أنّ المجرمين لن يقتلوا لبنان بقتلهم الشهيد بيار الجميّل. أمّا التيار الوطني الحرّ فقد شارك بصورة فرديّة، بمعنى أنّ المناصرين شاركوا بصفتهم الشخصيّة ملبّين دعوة العماد ميشال عون إلى المشاركة بكثافة في تشييع الشيخ بيار الجميّل الذي يبقى بالنسبة اليهم شهيداً لكلّ لبنان لا لفئة معيّنة منه.
وكانت مدينة جبيل قد زُيّنت بالشرائط البيضاء واللافتات، ومنها لإقليم جبيل الكتائبي: «هذا قدر الكتائب اللّبنانيّة، استشهاد على مذابحك يا لبنان». وخلت شوارع المدينة وأقفلت محالها ومتاجرها ملبيّة الدعوة الى الإضراب العام،
وأفاد مراسل «الأخبار» في عاليه عامر ملاعب أنّ قرى قضاء عاليه شهدت يوم أمس إقفالاً تاماً للمحال التجارية والمؤسسات منذ ساعات الصباح، باستثناء مدينة الشويفات. وتفاوتت المشاركة العددية في التشييع بين منطقة وأخرى. فمدينة عاليه وقرى الجرد الأعلى شاركت بكثافة ملحوظة وبنسبة أعلى من قرى ساحل القضاء وقرى الشحار الغربي. إلا أنه من الواضح أن المشاركة لم تكن على قدر التوقعات التي أرادها المنظمون، بالمقارنة مع المشاركات السابقة لجمهور هذه القوى. ومردّ ذلك بالدرجة الأولى إلى الهاجس الأمني الذي سيطر على الوضع العام، وامتناع العديد من العائلات عن إرسال أبنائها ضمن الحافلات الحزبية التي تجمعت منذ ساعات الصباح.