عمر نشابة
فشل عناصر الأمن المكلفون حماية الوزير بيار الجميل إذ تمكّن المجرمون من مواجهة سيارته وإطلاق النار عليه مباشرة يوم الثلاثاء الماضي. هذا الفشل يطرح تساؤلات عن سبب عدم فاعلية الإجراءات الأمنية المتخذة وعن مدى كفاءة العناصر الأمنية وقدرتهم على الحمايةبناءً على ما توافر لـ«الأخبار» من معلومات عن جريمة اغتيال الجميّل، لم يطلق مرافق الجميّل النار على المجرمين الذين اعترضوا سيارته بل احتمى بالمبنى المجاور وادّعى أن مسدّسه «روكب». لكن علمنا أن الأسلحة التي كان يفترض بالمرافقين استخدامها لصدّ هجوم كهذا، وهي أسلحة رشاشة، كانت في صندوق السيارة.
منهجية أمنية للحماية؟
تخصّص الاجهزة الامنية من قوى أمن داخلي وأمن الدولة عدداً من العناصر الامنية لحماية الشخصيات السياسية في الظروف العادية، وهي محدّدة بحسب قرار ثابت يصدر عن وزارة الداخلية. أما في الظروف الاستثنائية التي تمرّ بها البلاد اليوم فيخصّص المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، بعد تقييم مدى الخطر الأمني على كلّ من الشخصيات السياسية والقضائية وحتى الصحافية والروحية التي يعتبرها معرّضة للاغتيال، عدداً من العناصر الإضافية للحماية. على سبيل المثال خصّصت قوى الأمن الداخلي 23 عنصراً لحماية الوزير والنائب مروان حمادة و12 عنصراً لحماية النائب السابق سليم دياب و12 عنصراً لحماية الوزير غازي العريضي و4 عناصر لحماية النائب السابق نجاح واكيم و12 عنصراً لحماية القاضي أنطوان خير و4 عناصر لحماية الصحافي علي حمادة و6 عناصر لحماية النائب حسن يعقوب وعنصراً لحماية الشيخ عفيف النابلسي وغيرهم (ويضاف هذا العدد من العناصر الى عدد عناصر أمن الدولة المخصصة لحماية الشخصيات).
يقترح مدير عام قوى الأمن على الشخصية المعرّضة للخطر أسماء العناصر التي تتميّز بالحدّ الأدنى من الأهلية المهنية والقدرة العسكرية على الحماية. لكن تفضّل الشخصيات المعرّضة للخطر الامني أن تختار العناصر بحسب طوائفهم وتوجهاتهم أو توجهات عائلاتهم السياسية وبحسب بلدتهم أو مدينتهم أو انحيازهم. وفي أكثر الأحيان تتقدّم هذه الاعتبارات على الاعتبارات المهنية ومدى القدرة العسكرية، ولا يستطيع المدير العام أن يفرض عناصر حماية على أي من الشخصيات. وبذلك لا يعد عناصر الامن والحماية في لبنان مهنيين ومحترفين بقدر ما يعتبرون «زلماً» منحازين سياسياً وطائفياً وعقائدياً للشخصية السياسية أو الدينية أو حتى القضائية والصحافية. وبالتالي يطيع رجال الأمن والحماية الشخصية المخولين حمايتها وهذا أمر غير مجدٍ من الناحية الامنية. فالوزير أو النائب أو الصحافي أو حتى القاضي ليس خبيراً في الحماية ويجب أن يتبع توجيهات العناصر المسؤولين عن أمنه في تحديد مكان الإقامة ووجهة السير وتوقيت التنقّل. إذ إن عناصر الأمن يفترض أن يتبعوا منهجية علمية أمنية دقيقة في عملهم تعتمد على جمع المعلومات والتخطيط لوجهة السير ومتابعة التحركات وتحديد الظرف الذي يفرض استخدام القوة الجسدية أو قوة النار. ويفترض أن يكون عنصر الامن مستعداً للحركة وأخذ المبادرة الامنية في كلّ لحظة ولا يتعرّض لانتكاسة بسبب غزارة النيران أو الخوف أو حتى الإصابة الجسدية الطفيفة. وتوظّف الشخصيات المعرّضة للخطر عناصر حماية ومرافقة من خارج مؤسسات الدولة. وهذه العناصر هي في أغلب الأحيان من المقرّبين والموالين لها، مما يسمح لهم بتحديد إجراءات الحماية. يضع ذلك الأمر العناصر الامنية الرسمية في وضع حرج لأنهم ليسوا مخوّلين تلقي أوامر أو توجيهات إلا مــــن قياداتهم الرسمية.
تعمل مؤسسات قوى الأمن الداخلي وأمن الدولة والأمن العام والجيش على تدريب عناصرها على حماية الشخصيات، فعلى سبيل المثال وصل الى بيروت في 19 تشرين الثاني ثلاثة عناصر من «خدمة الشخصيات الرفيعة» Service de Protection des Hautes Personalites لتدريب عناصر الامن العام، كما يعمل عناصر من «الجندرما» الفرنسيين على تدريب عناصر حرس رئاسة الحكومة على القيام بمهماتهم بنجاح.