أكدت قيادتا حركة أمل وحزب الله دعمهما قيام المحكمة ذات الطابع الدولي وفق الآليات التي تحافظ على الأصول الدستورية مع الاصرار في الوقت نفسه «على حقنا المشروع في المطالبة بالمشاركة السياسية الحقيقية» ورفض «الخضوع لأي ابتزاز للعدول عن موقفنا تجاه هذه المشاركة، واستخدام كل الوسائل الديموقراطية في سبيل ذلك إذا استمر الطرف الآخر في التعنت».جاء ذلك في بيان مشترك صدر مساء أمس عن رئيس حركة أمل رئيس مجلس النواب نبيه بري والامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وكتلتي نوابهما واستهلّ بالقول:
«أيها اللبنانيون، بعد أن كثر الجدل في الآونة الأخيرة حول الموقف من المحكمة ذات الطابع الدولي ومحاولات الاستغلال التي مارسها البعض لتمرير مواقف سياسية، كان لا بد من التوجه إليكم بعرض الصورة على حقيقتها انطلاقاً من ثوابتنا الوطنية والسياسية ومن مبادئنا التي ترتكز على قيم العدالة والحقيقة. فإن حركة أمل وحزب الله ومنذ وقوع الجريمة الكبرى التي أصابت لبنان باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه أكدا وأعلنا حرصهما على العمل لكشف الحقيقة في هذه الجريمة وتحديد المحرّضين والمخططين والمنفذين وإنزال العقاب بهم باعتبار هذه المسألة أولوية وطنية يجب الوصول إليها.
إننا ونحن نجدد يومياً التزامنا العمل لإنجاز كل المقدمات التي تؤمّن قيام محكمة ذات طابع دولي، حصلت جريمة اغتيال النائب الشهيد جبران التويني وطرح موضوع طلب توسيع التحقيق وإنشاء المحكمة الدولية ووضع الأمر على جدول أعمال اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء بدون إعطاء الفرصة للوزراء لدرس الموضوع وتحضيره بما يسهل إقراره، وأمام إصرار رئيس الحكومة يومها على موعد الجلسة بدون إعطاء فرصة يومين فقط للتحضير والنقاش كانت كافية لو تجاوب لتحقيق الغاية من دون أن نصل الى موقف تعليق وزراء الحركة والحزب مشاركتهم في الحكومة نتيجة تجاهل دورهم في التحضير والمشاركة واتخاذ القرار».
أضاف البيان: «ولأن قيادتي الطرفين حريصتان على المحكمة والحقيقة، بقيتا تؤكدان في كل مناسبة موقفهما الداعم لها.
ولأنهما بقيا على الموقف نفسه الداعم للحقيقة فإنهما أكدا بوضوح في الجلسة الأولى للحوار الوطني على دعمهما إنشاء محكمة ذات طابع دولي حيث تم الاتفاق على هذا البند خلال الساعة الأولى لانعقاد المؤتمر وبإجماع الحاضرين الذين شهدوا لموقف الرئيس بري والسيد حسن نصر الله المتقدم بهذا الخصوص والموثق بالتسجيلات الخاصة بالمؤتمر.
ولأنهما يصران على عدم تزييف موقفهما من موضوع المحكمة، فإنه خلال الفترة الفاصلة بين مؤتمر الحوار الوطني ولقاء التشاور الأخير، لم تترك قيادتا الحركة والحزب وخلال كل المناسبات المركزية وعلى لسان الرئيس بري وسماحة السيد نصر الله إلا أكدتا فيها الموقف الحاسم من هذه القضية في وقت كانت فيه الأكثرية النيابية ولأسباب سياسية تحاول تغطية بعض أزماتها بإيهام الرأي العام بأن أي تعبير سياسي أو موقف من الحكومة أو أدائها ينطلق من خلفية الرفض للمحكمة، وهو الأمر الذي كشف عن تشويه الحقائق المتعلقة بقضايا سياسية ترتبط بالحرب الإسرائيلية على لبنان وبالأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمالية، وبشكل أدى الى فتح سجالات أضعفت صورة الإجماع حول كشف الحقيقة ولم يخدم مشروع المحكمة وأوجد حالة من البلبلة الشعبية».
ولفت البيان الى دعوة بري الى عقد لقاء التشاور «حيث جددت قيادتا حركة أمل وحزب الله موقفهما المعروف تجاه هذه القضية وبشكل صريح وواضح في الجلستين الأولى والثانية للمشاورات وصولاً الى الخلوة التي عقدت على هامش الجلسة الثالثة بعد أن دخل النائب سعد الحريري الى لقاء جانبي كان يعقد بين الرئيس بري والنائب علي حسن خليل من جهة والنائب محمد رعد والوزير محمد فنيش والنائب حسين الحاج حسن من جهة ثانية، وطرح النائب الحريري على المجتمعين صيغة تقوم على الموافقة على مبدأ إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي ومناقشة التفاصيل المتعلقة بها في جلسات جانبية تضم الأطراف الثلاثة قبل عرضها على مجلس الوزراء، وبما يؤمّن تسهيلاً وإجماعاً على إقرارها وبالسرعة اللازمة، والموافقة في الوقت نفسه على تأليف حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها قوى المعارضة بأكثر من ثلث عدد الوزراء وتتأمن فيها المشاركة الحقيقية وتكون مدخلاً لمناقشة وحل القضايا الخلافية. ولأننا متحمسون الى حسم موضوع المحكمة وإنجازها، بادرنا بعد هذا اللقاء الذي رفعت على أثره جلسة التشاور الى الاتصال أكثر من مرة لاستعجال تسلم مسوّدة المحكمة لوضع ما اتفقنا عليه موضع التنفيذ، فلم يحصل هذا الأمر إلا الساعة العاشرة من مساء الجمعة التي سبقت جلسة التشاور الأخيرة، وبعد أن كان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة قد اتصل بالرئيس بري والذي أكد عدم تحديد موعد لانعقاد جلسة مجلس الوزراء بهذا الخصوص قبل اللقاء يوم السبت، وبالتالي قبل القيام بالخطوات التنفيذية لما اتفق عليه في الخلوة مع النائب الحريري تسهيلاً لإقرار المسوّدة بعد أن يكون قد تسنى للوزراء وللجنة المعنية دراسة التفاصيل المتعلقة بها.
إلا أننا فوجئنا في مستهل جلسة اليوم التالي ــ السبت 11\11\2006 بحملة مركزة صوّرتنا كأننا نطرح صيغة مقايضة بين المحكمة ومطالب سياسية وبتجاهل لكل الحديث الذي جرى في الخلوة والذي بدأه النائب الحريري، وبتحديد موعد لانعقاد جلسة الحكومة يوم الاثنين في 13\11\2006 بدون مفاتحة أحد بالموضوع وبدون الأخذ في الاعتبار كل الكلام الذي أبديناه حول الاستعداد لمناقشة المسوّدة بأعلى درجات الإيجابية والانفتاح، وترافق هذا الأمر مع إقفال باب النقاش السياسي حول البند الأساسي على جدول الأعمال والمتعلق بتأليف حكومة الوحدة الوطنية واعتبار بعض أركان الأكثرية أن هذا المطلب غير قابل للنقاش. إننا إزاء هذا الانقلاب وسياسة الأبواب الموصدة التي اتّبعت بتجاهل منطق المشاركة الذي نطالب به، كان لا بد من إعلان قرارنا المشترك باستقالة وزرائنا من الحكومة».
وقال: «وإزاء توظيف جريمة اغتيال النائب والوزير الشهيد بيار الجميل لاستمرار تشويه موقفنا من المحكمة ذات الطابع الدولي، فإننا نعرض هذه الوقائع لتأكيد الموقف الحاسم بدعمنا قيام هذه المحكمة وفق الآليات التي تحافظ على الأصول الدستورية وتضمن الغاية المرجوة في الوقت الذي نصرّ فيه على حقنا المشروع في المطالبة بالمشاركة السياسية الحقيقية، ولن نقبل الخضوع لأي ابتزاز للعدول عن موقفنا تجاه هذه المشاركة».
وختم البيان «إن مواجهة الطرف الآخر لمطالبنا السياسية المشروعة باستخدام ذريعة موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي لإرباك الرأي العام والتعويض عن ضعفه، لا يخدم بالتأكيد الحقيقة والعدالة، وبالتالي لن يثنينا عن الالتزام أمام اللبنانيين باستمرار المطالبة وباستخدام كل الوسائل الديموقراطية المتاحة وفق الأنظمة والقوانين المرعية والتي سنضطر لاستخدامها إذا ما استمر الطرف الآخر بالتعنت وتجاهل ركائز الوفاق الوطني اللبناني. اللّهمّ اشهد أننا قد بلّغنا».