strong>أين اصبحت التحقيقات في جريمة اغتيال الوزير بيار الجميل يوم الثلاثاء الماضي؟ يبدو أن سلطات النحقيق اللبنانية غير قادرة على الاجابة عن هذا السؤال بدون مؤازرة خبراء دوليين من الناحية التقنية. كيف تساعد لجنة التحقيق في الكشف عن المجرمين؟
طلب رئيس لجنة التحقيق الدولية الدكتور سيرج براميرتس وضع خيمة في مسرح جريمة اغتيال الوزير بيار الجميل في منطقة الجديدة. ووضعت الخيمة أول من أمس لتغطّي سيارة الجميل (كيا) التي قتل فيها مع مرافقه الشخصي سمير الشرتوني، وسيارة الـ «فيات» الصغيرة التي اصطدمت بها من الخلف (وهي تعود الى شركة تجارية). وجاء طلب براميرتس بعد معاينته مسرح الجريمة أول من أمس برفقة مجموعة من الخبراء والمحققين الجنائيين. وطلب براميرتس أن تكون الخيمة مغلقة من جميع الجهات حتى يكون عمل المحققين الجنائيين داخلها سرّياً وبعيداً عن الانظار. ويذكّر ذلك بالخيمة التي طلب براميرتس تركيبها في مسرح جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وقد تمكنت لجنة التحقيق حينها من اكتشاف اغراض وبقايا وبصمات ساعدت على تحديد تقاطع في معلومات ادى الى الاقتراب من تحديد هوية الرجل الذي فجّر شاحنة المتفجرات.
لم تتعامل اجهزة التحقيق اللبنانية طبقاً للمعايير المهنية الدقيقة في مسرح جريمة اغتيال الجميل يوم الثلاثاء الماضي. وهذا الفشل المهني ليس بجديد، إذ سبقه فشل في التعاطي مع مسرح جريمة اغتيال جبران تويني وجورج حاوي وسمير قصير وغيرهم من الشهداء. ومع أن ذلك سيصعّب مهمة التدقيق في موجودات المكان والبحث عن ادلّة جنائية، فإن الفريق التقني التابع للجنة الدولية سيتمكّن على الارجح من العثور على دلائل مجهرية «ميكروسكوبية» (MICROSCOPIC EVIDENCE) من خلال عزل التلوّث (CONTAMINATION) الناتج من سوء ادارة مسرح الجريمة.
ماذا سيفعل الخبراء في الخيمة؟
سيفتش خبراء لجنة التحقيق الدولية بدقة كبيرة السيارتين من الداخل والخارج ومحيطهما. وسيستخدمون أجهزة الكترونية متطوّرة تمكنهم من إجراء تحليل «ذرّي» للغبار. كما سترسَل انسجة وقطع من الحديد والتربة والدهان وبقايا بشرية وغيرها من موجودات مسرح الجريمة الى مختبرات متطوّرة للبحث عن آثار قد تساهم في تحديد هوية الجناة وكيفية ارتكابهم الجريمة (MODUS OPERANDI).
الانسجة في مسرح الجريمة
هناك نوعان من الانسجة: طبيعية واصطناعية. الانسجة الطبيعية مصدرها فروة حيوانية أو صوف طبيعي يستخدم في صناعة الملابس. أما الانسجة الاصطناعية «سنتيتيك» (Synthetic) فيمكن أن تكون بولييستر (Polyester) أو غيرها من المواد الصناعية. ومن المرجح أن الجناة تركوا قطعاً مجهرية من الانسجة في مكان تحرّكاتهم. وقد تكون قطعة صغيرة جداً من النسيج قد علقت في مسكة باب السيارة عندما فتح احد الجناة باب سيارة الجميّل. ومن المرجح أن قطع نسيج مجهرية موجودة على أرض الطريق حيث ركض الجناة متوجهين نحو سيارة الهوندا التي كانت تنتظرهم بجانب محطة الوقود في آخر شارع مار انطانيوس. وترفع بقايا النسيج من مسرح الجريمة بواسطة شريط لاصق وترسل الى المختبرات الجنائية للتحليل.
قطع الزجاج
سيجمع الخبراء كلّ قطع الزجاج المتناثرة في المكان حتى يتمكنوا من درس بصمات الطلقات النارية. اضافة الى ذلك، يحدد الخبراء وجهة تناثر الزجاج حتى يتمكنوا من معرفة وجهة اطلاق النار والمسافة التي تفصل مطلق النار عن الاصابة عبر قياس قوة الدفع. وسيساعد ذلك على تحديد طريقة تنفيذ العملية ومكان وجود مطلق النار، وهو مما سيسمح بتوجيه عملية التفتيش.
البحث عن الشعر
يتساقط من جسم الانسان يومياً ما معدله مئة قطعة من بقايا الشعر. وكلّ قطعة توصلنا الى تعريف الحمض النووي (DNA) (أو «ميتروكوندريال» MITROCHONDRIAL DNA في حال عدم توفّر جذور الشعرة) الذي يعود لصاحب الشعر، وهو مما يسمح بمقارنتها مع الحمض النووي لأشخاص مشتبه فيهم. وبما أن الجناة تنقّلوا بكثافة وبسرعة في مكان الاغتيال اثناء العملية، فمن المرجح انهم تركوا بقايا شعر خاصة من جرّاء الدفع الذي يولّده اطلاق النار.
الدهان
باشر المحققون بأخذ عينات من دهان سيارة الهوندا التي استخدمها الجناة والتي بقيت على هيكل سيارة الـ«كيا» بعد اصطدام السيارتين. ووردتنا معلومات أمس، أن الفحوص المخبرية أدت الى اكتشاف أن لون سيارة الهوندا الأساسي ليس أسود بل تمّ تغييره، ويبدو أن المحققين تمكّنوا من
تحديد اللون الاساسي وتاريخ تغييره اضافة الى خصوصيات كيميائية تفصيلية قد تدلّ على الذين نفّذوا تغيير لون السيارة.
(الأخبار)