حسن عليق
شاهد عدد من المواطنين الجناة الذين اغتالوا الوزير بيار الجميل والسيارات التي استخدموها، وهناك أرجحية للطريق الأولي الذي استخدمه الجناة أثناء مغادرتهم ساحة الجريمة. قد تكون هذه هي النقطة الأهم التي تميّز التحقيق في جريمة اغتيال الوزير بيار الجميل، عن التحقيق في الجرائم السابقة. فحسب إفادات الشهود، وحسب ما ذكرته مصادر أمنية، غادر الجناة مسرح الجريمة ركضاً باتجاه كنيسة مار انطانيوس حيث كانت تنتظرهم سيارة هوندا CRV (أنظر الخريطة ـــ النقطة K). ومن هناك، انطلقوا إلى حيث أخفوا السيارة أو أتلفوها أو غيّروا معالمها وآثار الاصطدام. هذا وأشارت المعلومات إلى إمكان مشاركة سيارة BMW، بيضاء اللون، في الجريمة بطريقة أو بأخرى. كما يُحتمل أن تكون الـ«هوندا»، التي حملت أثناء العملية لوحات تسجيل مزورة، شرعية من كل النواحي، واستخدمت في عملية الاغتيال قبل إعادة لوحتها الحقيقية بعد إزالة آثار الاصطدام، و/ أو تغيير اللون. وتقوم سلطات التحقيق حالياً باستدعاء أصحاب السيارات الشبيهة بالـ«هوندا» لأخذ إفاداتهم في محاولة لتضييق الاحتمالات.
أمّا فيما خص الطرق التي يمكن أن يكون الجناة قد سلكوها، فالاحتمالات عديدة. إذ من المفترض أن تكون السيارة قد سلكت الاحتمالات المبينة في الرسم وهي A, B أو C، لأن الاحتمال الرابع D يفضي إلى طريق غير نافذ، من المفترض أن يكون قد جرى تفتيشه بدقّة. أما الاحتمال A، فيتشعب إلى أكثر من طريق، أبرزها A21 و A13 وA121 التي توصل جميعها إلى أوتوستراد المتن، الذي قد يكون الجناة ساروا عليه للوصول إلى منطقة روميه أو عبر الطريق الجديد إلى منطقة برمانا ومنها إلى قرى وبلدات أخرى في المتن. كما يمكن العودة إلى الرويسات ثم الدخول مجدداً إلى الجديدة. ويُحتمل أن الهوندا التفّت وعادت إلى نهر الموت وبالتالي إلى أوتوستراد الزلقا شمالاً، أو باتجاه بيروت جنوباً. أما الاحتمال C، فمن الممكن أن يكون قد أعاد الجناة عبر C21 إلى شارع مار انطانيوس ـــ الحكمة، الذي كان قد سلكه الوزير الجميل، وبالتالي إمكان العودة إلى بيروت. وهذا مستبعد، على الأقل بالنسبة إلى السيارة التي اصطدمت بها سيارة الجميل، لأن الطريق غدت مزدحمة بعد الحادث مباشرة. لكن الطريق C23 تعيد الجناة إلى أول شارع مار انطانيوس ـــ الحكمة، ويكونون بالتالي قد تخطوا الازدحام. كما أن الاحتمالات C1 وB، بكل تفرعاتهـــــــا، تشكّل احتمالاً قد يُعدّ مرجّحاً لأنها طرقات فرعية لا ازدحام فيها عادةً، وليس فيها مراكز أمنية، و قلما تمر عليها الدوريات الأمنية. ويمكنهم سلوكها لمغـادرة المنطقـــــة بسهولة أكبر.
ذلك كلّه يقتضي الاستعانة ببرنامج كومبيوتر خاص، يضع كل الاحتمالات مع تشعباتها. ومن المرجح أن هذا البرنامج متوافر لدى لجنة التحقيق الدولية. ومن المجدي إنشاء عدة مجموعات تنسّق مع فريق التحقيق، يعمل كل منها على احتمال أساسي، ويلاحق تفرعاته في المرحلة الثانية. تعمل كل مجموعة على أخذ إفادات الشهود ومسح أشرطة الكاميرات، وخاصة في الأماكن القريبة من ساحة الجريمة والطرق التي يسلكها الجميّل عادةً. ويؤدي هذا العمل إلى تقليص دائرة الاحتمالات عبر شطب المحسوم سلباً منها. وفي الوقت نفسه، لا بد من تفتيش الأماكن الميتة والمواقف المخفية التي يمكن أن يكون الجناة قد استخدموها لتخبئة السيارة إذا قرروا عدم مغادرة المنطقة، أو تغيير لونها أو آثار الاصطدام.