عمر نشابة
قرّر «مجلس الوزراء» إبرام مشروع المحكمة الخاصة بلبنان في جلسة عقدت أول من أمس وغاب عنها سبعة وزراء، ستة منهم بسبب موقف سياسي معارض لنهج الحكومة وتركيبتها والسابع اغتيل يوم الثلاثاء الماضي. مع غياب سبعة وزراء لا تعتبر الحكومة مستقيلة إذ إن المادة 69 من الدستور تعتبرها كذلك في الحالات الست التالية فقط: استقالة رئيسها، فقدانها أكثر من ثلث عدد أعضائها المحدد في مرسوم تشكيلها، وفاة رئيسها، عند بدء ولاية رئيس الجمهورية، عند بدء ولاية مجلس النواب، أو عند نزع مجلس النواب الثقة منها بمبادرة منه أو بناء على طرحها الثقة.
لكن انتماء خمسة من الوزراء الغائبين عن الجلسة للطائفة الشيعية لا يمكن إغفاله لأن نظام الدولة في الجمهورية اللبنانية هو، من دون شكّ، وللأسف، نظام يعتمد على المحاصصة الطائفية. لذلك وبناءً على الفقرة «ي» في مقدمة الدستور التي تنصّ على عدم شرعية «أي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك» تعتبر الحكومة فاقدة للشرعية وبالتالي مستقيلة. لكن يناقش البعض في كون المادة 69 حدّدت شرط استقالة عدد من الوزراء من الحكومة، لتصبح مستقيلة، من دون تحديد طوائفهم (أو طائفتهم). ويضيف هؤلاء أن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لم يقبل استقالة الوزراء الستة أصلاً وبالتالي يعتبر وزراء «أمل» و«حزب الله» والوزير يعقوب الصراف وزراء في حكومة السنيورة لكنهم غائبون عن جلساتها. وانطلاقاً من هذه الفرضية يعتبر إبرام المحكمة في مجلس الوزراء أول من أمس شرعياً بسبب اكتمال النصاب الدستوري (الثلثان بحسب المادة 65) ومع غياب سبعة وزراء.
لكن الدستور اللبناني يحدّد المؤسسة التي ينبغي الاحتكام إليها «لمراقبة دستورية القوانين» وهي المجلس الدستوري. وفي ظلّ تعطيل هذا المجلس في الوقت الراهن، يدخل لبنان في مرحلة انقسام حادّ يدّعي كلّ من الفريقين المنقسمين فيه دستورية تحرّكه السياسي.
لذا من الحكمة أن يطلب رئيس مجلس النواب نبيه برّي إنشاء المجلس الدستوري ليبتّ دستورية إحالة مشروع قانون المحكمة الخاصّة من حكومة السنيورة على مجلس النواب لإقرارها قبل طرحها على المجلس للتصويت. لكن الحكومة والمجلس النيابي يعيّنان أعضاء المجلس الدستوري، فما شرعية هذا التعيين في حال اعتبر المجلس الدستوري عدم دستورية القوانين الصادرة عن حكومة السنيورة؟
وهل يمكن المجلس الدستوري حينها أن ينزع عن نفسه الصفة الدستورية؟