ابراهيم عوض
أكّد وقوفه على الحياد موضحاً أن تصريحه عن استقالة الوزراء جرى اجتزاؤه

«أمام اللبنانيين واحد من خيارين: تحصين وضعهم الداخلي أو الانجرار الى الفوضى».
الكلام للسفير السعودي عبد العزيز خوجة، قاله أول من أمس في بيروت قبل أن يغادر الى الرياض للمشاركة في الاجتماع السنوي الذي تعقده وزارة الخارجية السعودية لسفرائها المعتمدين لدى الدول العربية والإسلامية والأجنبية، والمخصص للبحث في أبرز القضايا التي تشغل المنطقة والعالم، وتقويم أداء السفراء إزاءها والتزوّد بالتوجيهات والتعليمات التي ترسم أفق العمل الدبلوماسي السعودي للعام المقبل.
وقد أثار كلام خوجة التحذيري قلقاً لدى مسؤولين وأوساط سياسية متابعة إذ أعاد الى الأذهان مشاهد من حقبة مؤلمة في الحرب اللبنانية بعد أن أطلق مساعد وزير الخارجية الأميركية ريتشارد مورفي عام 1988 عبارته الشهيرة في خضم المعركة على رئاسة الجمهورية اللبنانية «مخايل الضاهر أو الفوضى». ويومذاك دبت الفوضى فعلاً...
«لم يكن في ذهني ما أعلنه مورفي حين أدليت بهذا التصريح» يوضح خوجة لـ«الأخبار»، مضيفاً: «لقد أردت منه قبل أي شيء تنبيه الأشقاء اللبنانيين من دون استثناء الى ما بلغته الأوضاع من خطورة يُخشى أن تجر البلد الى المجهول بحيث يصعب عندئذ البحث عن مخرج أو حل»، لافتاً الى أنه في لقاءاته مع المسؤولين والقادة كان ينصح دائماً «بعدم تقديم أي مصلحة على المصلحة اللبنانية العليا من منطلق أن الظروف الصعبة في غير مكان من هذه المنطقة تستدعي اليقظة والتنبه».
وفي رده على التساؤلات التي أثارتها أطراف من المعارضة في شأن دعوته الوزراء المستقيلين للعودة عن استقالاتهم، وقراءتها لهذا الموقف على أنه انحياز الى فريق السلطة والأكثرية المطالب بهذه العودة، أوضح السفير خوجة أنه جرى اجتزاء للكلام الذي أدلى به بهذا الخصوص، مشيراً الى أنه دعا سائر الفرقاء الى الحوار والتشاور والتفاهم في ما بينهم أولاً مع تمنيه أن يسفر ذلك عن عودة الوزراء المستقيلين الى الحكومة. وأكد أنه لم يحد عن خطه المحايد شعرة واحدة وهو ما زال على مسافة واحدة من الجميع.
وأفاد أنه بغية وضع حد لأي تفسير أو تأويل خاطئ لما أدلى به في شأن المسألة المشار اليها عمد الى إصدار تصريحه أول من أمس الذي «كتبته بعناية وتوقفت طويلاً عند كل كلمة وردت فيه حتى أضع الأمور في نصابها الصحيح». ولفت الى أن التصريح لم يأت على ذكر الوزراء المستقيلين لا من قريب ولا من بعيد إذ تركّز بدايةً على تحذير اللبنانيين من «الانجرار الى الفوضى وتحصين وضعهم». كما شدّد فيه على «ضرورة اعتماد لغة التحاور التي تقود الى ما فيه خير لبنان واللبنانيين»، متمنياً على أصحاب التساؤلات معاودة قراءته بتمهل.
وحول التفاؤل الذي أبداه بعد الخطاب الأخير للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله وعبّر عنه في تصريح سابق لـ«الأخبار» بقوله إنه يتوقع من الجميع التعاون مع نصر الله الأمر الذي لم يحصل إذ زادت الأزمة تفاقماً، قال السفير خوجة: «هذا صحيح لكن ما باليد حيلة. لقد فعلت ما بوسعي لكنني لا أستطيع أن أفرض رأيي على الآخرين أو أن آتي بهم الى أماكن لا يريدون المجيء اليها».
ونفى خوجة معرفته بحصول أي تطور في حال الجمود التي تعتري العلاقات السعودية ـ السورية وقال: «إن المملكة تريد الخير للجميع وهي حريصة على إقامة أطيب العلاقات مع أشقائها العرب وكذلك عدم التدخل في شؤونهم الداخلية والخاصة».
وحرص السفير السعودي في نهاية حديثه على مناشدة اللبنانيين أن يعمل كل منهم من موقعه على تهدئة الأمور و«ألّا يرموا الحطب فوق النار المشتعــلة».