عسّاف أبو رحال
مزرعة عين فجور التي تتوسط وادي التيم بين حاصبيا وراشيا الوادي، عانى أهلها كثيراً من الاحتلال لوقوعها قبالة معبر زمريا سابقاً. وتعاني اليوم تهميشاً وحال نسيان قد يجبران الأهالي على تركها لتصبح منازل مهجورة، أسيرة أشواك برية تحوطها من كل جانب

«قد يكون هناك من يعدّ لنفسه قبراً أفضل من بيوتنا» و«العاقة من عزرائيل»... هكذا يصف أهالي مزرعة عين فجور أوضاعهم المعيشية في مزرعتهم المتموضعة عند منحدر يشرف على طريق عام مرج الزهور ــ الحاصباني. 12 منزلاً هي عبارة عن 12 عائلة مقيمة، تعدادها مئة نسمة، هؤلاء هم سكان هذه المزرعة التابعة إدارياً لبلدة لبايا في البقاع الغربي.
البؤس المتجذر في هذه المساحة الصغيرة بمنازلها القليلة المتواضعة المنهكة بالتصدعات والتشقق نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية سابقاً، لم يمنع رحابة الصدر وحسن الضيافة والكرم عند أهلها الساعين ليل نهار خلف لقمة عيش كريم رغم غياب كل شيء عنهاالحاج علي حسن وهبي (75 عاماً) المتكئ على أريكة خشبية أمام منزله استعرض حاجات المزرعة بخمس لاءات: لا مياه، لا مدرسة، لا طبابة، لا هاتف، لا بنى تحتية. وقال: «إنّ والده المرحوم حسن وهبي أسّس المزرعة بعد انتقاله من بلدة لبايا الى مقربة من عين فجور منذ نحو 70 سنة. تبعته عائلات من آل الجبلي وإبراهيم، عملوا جميعاً في الزراعة كوسيلة عيش وحيدة، واعتمدوا عليها طوال عقود مضت، لكنها «ما عادت تنفع اليوم» وتقتصر على بعض الأنواع من الحبوب لتأمين مؤونة العيال. ومع الأيام اتسعت المزرعة وارتفع عدد السكان ليلامس 150 نسمة. لكن قسماً منهم ترك المحلة بحثاً عن فرص عمل حيث لا وظائف ولا عمل هنا سوى الزراعة البسيطة بطرق بدائية قديمة، والبعض الآخر انتقل الى مناطق مختلفة لتعليم أولاده. فالانتقال من المزرعة الى المدرسة في بلدة لبايا يتم سيراً على الأقدام لعدم وجود سيارات هنا. والحمير والبغال هي وسيلة النقل الوحيدة المعتمدة منذ زمن طويل.
وأضاف: «الاعتداءات الإسرائيلية لم توفّر المزرعة. كل البيوت مصدّعة ومتشققة وبحاجة الى إعادة ترميم. ونطالب مجلس الجنوب والجهات المعنية بالتعويض على الأهالي، والنواب الكرام بزيارة المزرعة والوقوف على حاجاتها». ويختم قائلاً: «العاقة من عزرائيل».
من جهتها، طالبت ليلى محمد إبراهيم، وهي أمّ لخمسة أولاد، الصليب الأحمر اللبناني والجمعيات الخيرية والإنسانية بالقيام بلفتة كريمة وزيارة المزرعة ولو على فترات متقطعة للوقوف على وضعها الصحي ومطالب سكانها وتقديم المعاينة والأدوية إذا أمكن، مشيرة إلى أن المزرعة بحاجة الى أبسط الخدمات. «نحن وجدنا على هذه الأرض وسنبقى فيها رغم الصعوبات التي تواجهنا، ونأمل من الدولة الكريمة والمسؤولين عنا الالتفات نحونا، أقلّه في توفير مياه الشفة. العين الوحيدة الموجودة في المزرعة تشحّ مياهها وتنضب مع مطلع شهر آب. عندها نضطر لشراء المياه بسعر 25 ألفاً للصهريج الواحد. ومن أين لنا أن نفعل ذلك؟ جابي الكهرباء هو الوحيد الذي يتردّد بانتظام الى المزرعة لتحصيل قيمة الفواتير. أما الطرقات، فحدّث ولا حرج.
وتشير الحاجة نايفة عقل (61 عاماً) الى حياة مليئة بالمعوقات وظروف صعبة تواجه الأهالي، وتقول: «نمضي أوقاتنا في جمع أوراق الصعتر وحبوب السماق، إضافة الى الحطب كمادة أساسية نعتمد عليها في التدفئة والطبخ وتسخين المياه، بعيداً عن اسطوانات الغاز غير المتوافرة أصلاً».