البقاع ـــــ عفيف دياب
هل عاد الرهاب الأمني ليتحكم بتصرفات المواطنين والأجهزة
الأمنية كما كانت الحال في الفترة التي تلت اغتيال الرئيس الحريري؟ وهل أضيفت إليه إشكالات «سياسية» و«طائفية» صارت شبه يومية؟


شهدت منطقة البقاع أمس حادثين «وهميين» تمثل الاول بـ«شكوك» امنية في وجود عبوة ناسفة في صندوق موضوع بجانب الطريق في منطقة سكنية في البقاع الاوسط، وبعدما كشفت الاجهزة الامنية على الصندوق تبين أنه خال من المتفجرات. ولم تمض ساعة حتى انتقلت العدوى إلى بعلبك. فقد أبلغ مواطنون «القوى الامنية» عن حقيبة «مشكوك فيها»، كانت موضوعة قرب التكميلية الثانية القريبة من سرايا بعلبك. «موضع» الحقيبة هو ما أثار الشبهة، فتحركت الاجهزة الامنية وأجرت كشفاً على الحقيبة. وكان اللافت انتشار شائعة العثور على «عبوة» ناسفة زنة 80 كلغ فككتها الاجهزة المعنية، ليتبين لاحقاً أن «الحقيبة» فارغة.
الحادثان لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، وإن أدّت الصدفة دورها في الامر على حد تعبير احد الامنيين في البقاع. فالحرب النفسية تقلق الاهالي الذين يتجنبون التحرك ليلاً، ولا سيما أن اكثر من «حادثة» تضارب بالعصي والسكاكين سجلت خلال الايام الماضية بين قوى حزبية وتيارات سياسية متنافسة، أو على خلفيات «مذهبية».
ففي بلدة جديتا سجل ليل أول من امس تضارب بالأيدي والعصي بين مؤيدين لحزب الله والقوات اللبنانية انتهى بسقوط جريح نقل الى المستشفى، وتوقيف آخرين على ذمة التحقيق. وأكد «عقلاء» البلدة ان لا خلفيات سياسية وراء «التضارب»، وأن «الإشكال ليس الا خلافات صبيانية بين فتية لم يتجاوز عمر اكبرهم 15 عاماً».
وفي احدى مدارس تعلبايا، تضارب تلامذة يناصرون تيار المستقبل مع زملاء لهم من مناصري حركة امل وحزب الله، واتخذ التضارب طابعه «المذهبي». وفشلت معه كل وساطات التهدئة التي انتهت بطرد تلامذة الفريقين. ويؤكِّد أساتذة عملوا على التهدئة ان «الاولاد تضاربوا نتيجة «تلطيش» أحدهم زميلة لهم، وأن الموضوع ليس طائفياً».
وفي بعلبك، اضطر «عقلاء» للتدخل نتيجة إقدام موالٍ لأحد الاحزاب على إجبار احد الموالين لحزب آخر على دوس صورة «زعيمه» وهو ما وتّر الجو وكاد «التضارب» ان ينطلق ويأخذ بعده الطائفي.
المعالجة الأمنية
هذه الإشكالات المتنقلة في البقاع، تتدخل الاجهزة الامنية كافة لوضع حد لها. ويقول احد الامنيين في البقاع، ان «الانقسام السياسي لا ينجح الأمن في لملمته، وهذا أدخلنا في امور ومتاهات بدأت تعوق عملنا، وحدّث ولا حرج عن التدخلات السياسية في معالجة هذه الامور التي تأتي على حساب الأمن والنظام العام».
ويتابع قائلاً: «عندما نبلَّغ عن حادثة تضارب نتجه فوراً لحسم الامر، لكننا نقع تحت كثرة التدخلات المحلية والمراجعات، ولم نصادف يوماً مرجعاً في البقاع الا كان يتدخل لمصلحة جماعته.. والمؤسف انه عند دخولنا البلدات التي تقع فيها الإشكالات يتدخل المصلحون ويقنعوننا بأن الإشكال فردي لا سياسي وينتهي الامر بـ «بوسة دقن»، مما يدخلنا في إشكال آخر مع هذه المرجعيات».
ولا يخفي «الامني» قلقه على الامن العام في قرى البقاع قائلاً: «لا يكاد يمر يوم في البقاع من دون تسجيل حادثة تضارب بالعصي، ونحن لا يسعنا الا التدخل و.. إرضاء الاهواء السياسية».