طرابلس ــ عبد الكافي الصمد
على الرغم من مرور نحو شهر ونصف شهر على بداية العام الدراسي، لا يزال عدد كبير من الطلاب من دون كتاب. أسباب التأخير في تسليم الكتب متعدّدة، إلا أنّ المؤكّد أنّ العام الدراسي برمّته بات مهدّداً

لم تجد مشكلة تأمين الكتاب المدرسي، وخصوصاً لطلاب المرحلة الثانوية، طريقها إلى الحلّ النهائي بعد، وذلك على الرغم من مرور نحو شهر ونصف شهر على انطلاق العام الدراسي في المدارس والثانويات الرسمية في الشمال.
وانعكست هذه المشكلة معاناة للطلاب والأساتذة وإدارات بعض الثانويات في الوقت نفسه، ذلك أن قسماً كبيراً من طلاب المرحلة الثانوية، وتحديداً طلاب السنة الأولى، لم يستطيعوا حتى اليوم تأمين كل ما يحتاجونه من كتب لصفوفهم، نظراً لعدم توافرها في المكتبات، أو بسبب سعي بعض وكلاء التوزيع في الشمال لتأخير تسليم الكتب إلى المكتبات بعضاً من الوقت، من أجل احتكارها لاحقاً، وتحقيق أرباح معينة، ولو كان ذلك على حساب الطلاب والعام الدراسي ككل.
وإزاء هذه المشكلة التي سببت إرباكاً وإزعاجاً لبعض أصحاب المكتبات في طرابلس، فضّل حسن عطية صاحب مكتبة «بوك شوب» إيقاف بيعه للكتاب المدرسي الرسمي «لأنه يوجع الرأس، ويتسبب بإحراجي أمام الزبائن، وينعكس عليّ بخسائر أكثر منها بأرباح، إضافة إلى عدم تسليمنا كميات كافية من الكتب لتلبية طلبات زبائننا». ولفت إلى أنه باع كل ما لديه من كتب مدرسية إلى مكتبات أخرى «حتى أرتاح من مراجعات الزبائن لي، في حين أن بعض أصحاب المكتبات، في مناطق أخرى، كانوا قد عمدوا إلى شراء إيصالات الكتب من الطلاب بأسعار أقل مما هو مفترض، وإعطائهم حقائب وقرطاسية بدلاً منها».
وأوضح عطية أنّ «النقص الحاصل في الكتب جاء نتيجة التسرع وعدم التنسيق في وضع آلية تطبيق ناجحة وعملية، للاستفادة من المساعدات المدرسية التي قدمتها بعض الدول العربية، بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان». وأشار إلى أن «عدداً من الأساتذة والمدراء أخرجوا طلاباً من صفوفهم، طالبين منهم عدم المجيء إلى مدارسهم وثانوياتهم إلا بعد إحضار كتبهم معهم»!
بدوره، المسؤول في «دار جروس للنشر» في طرابلس رفيق جروس أشار إلى «احتمال أن تنتهي الأزمة الأسبوع المقبل على أبعد حدّ، لأن الوكلاء والموزعين الرئيسيين لطباعة وتوزيع الكتب المدرسية في لبنان وعدوا بتسليم كميات كافية من الكتب إلى المكتبات كافة».
وإذ لفت جروس إلى أن «الزبائن الذين يطلبون الحصول على الكتب المدرسية، وخصوصاً الثانوية منها، لا يزالون حتى اليوم يترددون إلى مكتبتنا طلباً لهذه الكتب»، فإنه أبدى أسفه لكون «هذه المبادرة غير المسبوقة قد جرى تطبيقها على عجل، وبلا أي دراسة وافية من أجل أن تؤتي ثمارها المرجوة، ما جعلها تنعكس سلباً على الطلاب في مطلع عامهم الدراسي».
إلا أن رئيس المنطقة التربوية في الشمال حسام الدين شحادة أوضح لـ«الأخبار» أن «السبب الأساسي للمشكلة يتمثل في أن الجهات المانحة للكتب المدرسية اشترطت تقديم كتب جديدة لا مستعملة للطلاب. وبما أن دور النشر المعنية تطبع سنوياً نحو 15 في المئة كتباً جديدة للمرحلة الثانوية، وقرابة 40 في المئة للمرحلتين الابتدائية والتكميلية، فإنها وجدت نفسها أمام مأزق ضرورة تأمين الكميات الباقية من الكتب الجديدة في مرحلة زمنية قصيرة».
وأضاف شحادة: «ما فاقم الأمور أنّ نوعية الورق التي كانت ستعتمد في طباعة الكميات الإضافية رفض وزير التربية الموافقة عليها، فتمّ لهذه الغاية العمل على استيراد نوعيات أخرى منها، إلا أن الحصار البحري الذي ضربته البوارج الحربية الإسرائيلية على المرافئ اللبنانية بعد انتهاء الحرب في 14 آب الماضي، والذي استمر لفترة، دفع المستوردين إلى إنزال الورق الجديد المستورد في مرفأ طرطوس في سوريا، ونقله براً بعد ذلك إلى لبنان، وهذا ما تسبب بتأخير إضافي في تأمين الكتب المدرسية وتسليمها للطلاب».
إلا أن شحادة طمأن المواطنين والطلاب في أن «المشكلة في طريقها إلى الحل النهائي قبل نهاية هذا الشهر، وأن الطلاب الثانويين في الشمال، الذين بلغ عددهم السنة الماضية 16779 طالباً، قادرون على استلحاق عامهم الدراسي، بعدما كنّا نخشى أن تتأخر انطلاقته، نتيجة الظروف الصعبة التي مرّ بها لبنان في الآونة الأخيرة».