قطع الطريق امام إضفاء الطابع المذهبي على الخلافات ورفض التدخل الخارجي
دعت القمة الروحية الاسلامية القيادات السياسية الى «اعتماد لغة الحوار مدخلاً وحيداً للخروج من الوضع المتأزم» وتنفيذ بنود اتفاق الطائف نصاً وروحاً على قاعدة التوافق، ورفضت اي تدخل خارجي من اي جهة في الشؤون اللبنانية الداخلية.
وكان رؤساء المذاهب الاسلامية قد اجتمعوا أمس في دار الطائفة الدرزية في بيروت بحضور مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني يرافقه نجله الشيخ راغب قباني، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان يرافقه مستشار شؤون الرئاسة في المجلس نزيه جمول، وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن وعدد من أعضاء المجلس المذهبي الدرزي وأعضاء من الامانة العامة الدائمة للقمة الروحية الاسلامية.
وبعد اجتماع عام مع اعضاء المجلس المذهبي الدرزي، عقد رؤساء المذاهب الثلاثة خلوة استمرت قرابة ساعتين عرضوا خلالها الوضعين الوطني والاسلامي. وأصدروا بياناً تلاه الأمين العام للقمة محمد السماك، أعلن عن إعادة تفعيل القمة الروحية الاسلامية وتنظيم اجتماعاتها الدورية بما يمكّنها من اداء واجباتها الروحية الوطنية تعزيزاً لوحدة الوطن اللبناني وتوطيد أواصر الأخوّة بين جميع عائلاته الروحية.
وأكد المجتمعون «على الوحدة الاسلامية باعتبار أنها كالوحدة المسيحية تؤلف ركناً اساسياً من اركان الوحدة الوطنية، والعمل على قطع الطريق امام اي محاولة لإضفاء الطابع الطائفي والمذهبي على اي اختلاف في وجهات النظر بين القوى والفعاليات السياسية» مشددين على «التمسك بأهداب الوحدة الوطنية والسلم الاهلي وبرسالة لبنان، وفي العيش المشترك، والتأكيد على هذه الثوابت الوطنية في التربية والثقافة والممارسة اليومية، وكذلك التمسك بشرعية الدولة الواحدة وبميثاق الوفاق الوطني الذي اقر في الطائف، والعمل على تنفيذ بنوده كاملة نصاً وروحاً على قاعدة التوافق التي ارتضاها اللبنانيون». و«احترام الحريات العامة وفي مقدمها حرية العقيدة والرأي، واحترام مبدأ التعدد والتنوع في المجتمع اللبناني الواحد تكريساً للإيمان بأن لبنان هو وطن نهائي لكل ابنائه ولكل عائلاته الروحية، يتساوون فيه امام القانون في الحقوق والواجبات».
ورفضت القمة «اي تدخل خارجي من اي جهة في الشؤون اللبنانية الداخلية تأكيداً للسيادة والاستقلال والقرار الوطني الحر» واستنكرت «الجريمة النكراء التي اودت بحياة الوزير والنائب الراحل الشيخ بيار امين الجميل»، مدينة هذه الجريمة وما سبقها من جرائم مماثلة وخاصة جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، داعية الى كشف الجناة ومحاكمتهم امام المحكمة ذات الطابع الدولي والتي هي محل اجماع اللبنانيين جميعاً لقطع دابر الفتنة، ووضع حد لهذا المسلسل من الاعمال الاجرامية المدانة».
وأعرب المجتمعون «عن التقدير الكبير للمقاومة اللبنانية وللجيش اللبناني ولتضحياتهما في مواجهة العدوان الاسرائيلي، والاشادة بصمود الشعب اللبناني وتضامنه في وجه العدوان». وحذرت «من الانقسامات التي تؤلف ثغراً في جدار الوحدة الوطنية والتي يتسلل عبرها المغرضون من اعداء لبنان بهدف تشويه رسالته الحضارية ومحاولة طعن وحدة ابنائه وتعطيل مسيرته نحو التقدم والازدهار».
ودعا المجتمعون «الدولة بمؤسساتها الدستورية كلها وهيئات المجتمع المدني، وخاصة الهيئات الصناعية والتجارية والزراعية والمالية إلى اعطاء الاولوية للقضايا المعيشية المتدهورة» وناشدوا «اللبنانيين قيادات وهيئات ومؤسسات وأفراداً، الترفع عن الحزازات والضغائن، ومعالجة القضايا الخلافية بالسماحة والايثار لا بالعصبية والاثرة وتعزيز ثقتهم جميعا بالله والوطن وبأنفسهم».
كما ناشد المجتمعون "الشعب العراقي الشقيق بكل فئاته ومناطقه التزام تعاليم الدين الحنيف الذي يحرم سفك الدماء ويحض المسلمين على الوحدة» محذرين «من الفتن التي لا تخدم سوى العدو والاحتلال» ودعوا «الشعب الفلسطيني الشقيق الى نبذ الخلافات وتجنب الانقسامات والوقوف صفاً واحداً في مواجهة العدوان الاسرائيلي الذي يستهدف الفلسطينيين جميعا بشراً وحجراً".
وأعرب المجتمعون «عن الشكر والتقدير لجميع الدول الشقيقة والصديقة وللمؤسسات والهيئات العربية والاسلامية والدولية التي تتعاون مع لبنان وتشد ازره لاعادة بناء اقتصاده ومساعدته على التغلب على الصعاب التي يواجهها من جراء العدوان الاسرائيلي الذي تعرض له».
وأذ أبدى المجتمعون «قلقهم الشديد من حالة التوتر السياسي التي تخيم على البلاد حالياً، وأعربوا عن «مخاوفهم من انعكاساتها السلبية والخطيرة على الاوضاع العامة»، أهابوا بالقيادات السياسية اعتماد لغة الحوار مدخلاً وحيداً للخروج من الوضع المتأزم».
وبعد القمة زار رؤساء المذاهب مع وفد كبير الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة وأوضح قباني ان زيارة الرئيس بري هي «لمطالبته بمبادرة سريعة وعاجلة يتخذها من أجل لملمة الأوضاع الحالية والإمساك بها لوقف التدهور الخطر»، متمنياً على «الجميع ومن كل الأطراف عدم النزول الى الشارع لأن أحداً لا يضمن الشباب المتهور من أي إساءات».
من جهته طالب الشيخ قبلان باسم رؤساء المذاهب الاسلامية بعدم النزول الى الشارع «سواء كان من جهتنا أو من غير جهتنا، معتبراً ان لبنان في حاجة الى جمع لا الى فرقة».
(وطنية)