غسان سعود
حرب العلمين، أو حرب الصورتين استمرت أمس في المناطق المسيحية. والاشتباكات التي غابت عملياً، كثر الكلام عنها، وسبّبت بلبلة بين المواطنين، وسط تأكيد من قيادتي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» غياب التنسيق المشترك بينهما. واستكمل المشهد مساء أول من أمس، بعد أن أثارت حملةالعونيين لرفع صور «الجنرال» والأعلام اللبنانية مكان تلك التي أحرقها ومزقها مناصرو «القوات اللبنانية»، رد فعل قواتياً تمثّل في احتشاد أكثر من مئتي مناصر قواتي، كان بعضهم يحمل صوراً للشهيد بيار الجميل، الذي غابت صوره وأعلام حزبه بالكامل عن مشهد الأشرفية. لكن أفراد الجيش أحاطوا بالطرفين، ومنعوا وقوع الاشتباك. فعمد قواتيون إلى رشق العونيين وعناصر الجيش بالزجاجات الفارغة والحجارة والشتائم. ما دفع مجموعة من فوج المغاوير إلى التدخل، ففرقت المعتدين. منهية ليلة أخرى من ليالي حمىّ الأشرفية. أما صباح أمس فكان العونيون أمام تحد آخر، في جامعاتهم هذه المرة. في مواجهة الاستفزازات والاعتداءات المستمرة ضدهم منذ أسبوع. وكانت نتيجة هذه الممارسات انكفاء معظم الطلاب عن المشاركة في نشاطات ذكرى مرور أسبوع على استشهاد الوزير بيار الجميل، فعلى سبيل المثال، لم يشارك في المناسبة التي أقيمت في معاهد الدكوانه المهنية أكثر من خمسة وخمسين طالباً من المعاهد الأربعة التي تضم أكثر من أربعة آلاف طالب. بالرغم من إجماع طلاب المعهد على احترامهم الكبير للشهيد.
ومع عودة تنفس الجمهور العوني إلى طبيعته، يتابع القادة السياسيون لـ«التيار» التطورات السياسية والتحضيرات الشعبية في الجامعات والمناطق تمهيداً للحظة الصفر للتحرك المعارض. ويُسجل «تكتل التغيير والإصلاح» في هذا السياق أن الساعات الأربع والعشرين المقبلة ستكون حبلى بالكثير من التطورات، نتيجة إصرار «الأكثرية» على عدم إعطاء المعارضة الثلث المشارك. فيما باتت المعارضة على كامل استعدادها للتوجه خلال ساعات أو أيام قليلة الى خياراتها الشعبية، بعدما أعطت أكثر من فرصة وجاءتها الأجوبة سلبية. وبحسب مصادر «التيار» فإن الإنقاذ الوحيد لسقوط الفريق الحاكم تحت ضغط الشارع، سيتمثل في مبادرة سعودية محتملة تراهن عليها قوى الأكثرية النيابية. وعلى الصعيد المسيحي، تقول مصادر «التيار» إن تصرفات «القوات اللبنانية» كرست تأييد الغالبية الشعبية المسيحية للعماد ميشال عون. وعن المبادرة التي كان بعض نواب «التيار» ينظمها لجمع القيادات المسيحية حول عدد من النقاط، عُلم أن ليس ثمة نتائج ملموسة أو حماس من الطرف الآخر، إضافة إلى عدم تقديمه إجابات في شأن الأفكار التي قُدمت. ويؤكد هؤلاء أن الورقة لم تنته. وأوقف العمل عليها لصالح البحث عن مبادرة أخرى وعن صيغة جديدة. ويكشف بعض المطلعين أن كلام النائب جورج عدوان من بكركي يوم الأحد الماضي، جاء ليضع حداً نسبياً للمبادرات. وليشجع «التيار» على المضي في سياسة «لا لقاءات شكلية ولا معارك ميليشياوية وليحكم الرأي العام». وبحسب أحد النواب العونيين فإن عودة أعضاء معينين من «لقاء قرنة شهوان» إلى الظهور مجدداً، جاء ليقطع الطريق على أي اجتماع كان يحتمل أن يعقد بين العماد عون والرئيس أمين الجميل وقائد القوات اللبنانية سمير جعجع والوزير السابق سليمان فرنجية.
وخلافاً للأجواء المتشائمة التي تحاول قوى الأكثرية تشييعها، يؤكد النائب عباس هاشم أن الأفق السياسي للفريق الحاكم مسدود في كل الاتجاهات. ويربط بين زيارة بوش إلى عمان وقرار توطين الفلسطينيين، وحصول تغيير كامل في لبنان إثر اتضاح مخططات البعض. ويجزم هاشم أن اللبنانيين قادمون على خير، لكن تعبئة الجمهور ضرورية لمواكبة مختلف الخيارات.