strong> لا تزال حركة الانشقاق في «فتح الانتفاضة» تأخذ حيزاً من المتابعة السياسية والأمنية والإعلامية في لبنان، وسط تكتم شديد من الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية، واجتماعات ومتابعة من الفصائل الفلسطينية المختلفة. ولا تزال الشائعات والأقاويل والروايات متناقضة عمن يقف وراء الحركة المستجدة على ساحة المخيمات الفلسطينية. ماذا يجري في مخيمات اللجوء؟
فتحت السوق التجارية أبوابها، وتجمّع بعض كبار السنّ في «دواوينهم» اليوميّة. فقد عادت الحياة إلى طبيعتها بعدما انسحبت المظاهر المسلحة من شوارع مخيم نهر البارد وأماكنه العامة، وعاود السكان أعمالهم بشكل اعتيادي. ولم يكن الوضع خلاف ذلك في مخيم البداوي، حيث تمركزت قيادة الشمال في «فتح ــ الانتفاضة» بعد انسحاب مسؤوليها والعناصر التي لم تنضمّ إلى «التمرد» في المقلب الآخر. في مخيم نهر البارد، تحدث إلى «الأخبار» الناطق باسم «فتح الاسلام» الملقب «أبو الليث»، مستغرباً ما تُتّهم به حركته من علاقة بالمخابرات السورية، «في الوقت الذي قامت فيه اللجنة الأمنية في الشمال بتسليم عنصرين، يفترض أن يكونا من عناصر الحركة، للسلطات اللبنانية، بالتنسيق مع الفصائل المتحالفة مع سوريا». كما استغرب ادّعاء وجود سعودي في صفوف حركته، قائلاً إنّ هذا عار تماماً من الصحّة.
وأعاد «أبو الليث» سبب انفصال حركته عن فتح ــ الانتفاضة إلى شعور أفراد المجموعة بأن «قيادة الحركة والفصائل المتحالفة مع سوريا لا تحتمل وجودنا في المخيّم بسبب الطرح الإسلامي الذي نخرج به إلى الجماهير». وأضاف ان «المنشقين طالما أبدوا انزعاجاً عندما كانت تطلب منهم أعمال نسّقتها قيادة الحركة مع السوريين، لأننا نؤمن أنّ خطّنا يركّز على الصراع مع العدو الصهيوني، ولم نكن نريد أن تستغلّ نضالاتنا وتضحياتنا لمصلحة نظام معيّن أو جهاز أمني معيّن، وفي مقدّمهم النظام السوري». وقال أبو الليث إن «حادث مخيم البداوي، وإطلاق النار على مركز «صامد» من قبل عناصر اللجنة الأمنية، وتوقيف اللجنة عنصرين سلّمتهما إلى الجيش اللبناني بالتعاون مع التنظيمات الموالية لسوريا»، كانت بمثابة «القشّة التي قصمت ظهر البعير». وعن احتمال التوصل إلى تسوية مع المركز في الحركة، تساءل أبو الليث عن معنى بيان التنصّل الصادر عن قيادة «فتح ــ الانتفاضة» من المجموعة، مؤكّداً أن الاتصال بقيادة الحركة مقطوع بصورة تامّة.
«فتح ــ الانتفاضة»
من جهته، عبّر مصدر مسؤول في «فتح ــ الانتفاضة» في مخيم البداوي لـ«الأخبار» عن دهشته واستغرابه لما حصل. وأوضح أنّ «المجموعة التي داهمتها القوة الأمنية المشتركة في مخيم البداوي منذ أيام ليست منضوية في صفوف حركتنا، وأنّ أسباب المداهمة كانت متعلقة، بالدرجة الأولى، بالحفاظ على الأمن الاجتماعي والأخلاقي في المخيم، لأنّ قيادات الفصائل ترفض إقامة شباب عازبين في شقق داخل المخيم، وخصوصاً إذا كانوا من الغرباء، نظراً لوجود سوابق وظواهر في هذا الإطار قمنا بمعالجتها، إضافة لوجود عشرات العائلات اللبنانية المقيمة في المخيم لأسباب اقتصادية». ولفت المصدر إلى أنّ كل «تهمة توجه إلى الحركة بالتورط بصورة ما عن الاضطرابات الأمنية الأخيرة في لبنان، ليست سوى أسلوب لتجهيل الفاعل الحقيقي». وتساءل عمّن هو قادر على تمويل تيار فلسطيني جديد، «في حين أننا وعناصرنا نقف اليوم على عتبة الجوع؟»
الجبهة الشعبية ــ القيادة العامة
من جهته، قال ممثل الجبهة الشعبية ــ القيادة العامة في لبنان، أنور رجا، بعد انتهاء لقاء ممثلي فصائل التحالف الفلسطينية، لـ«الأخبار» إن حركة «فتح الإسلام» لا تزال حالة ضبابية، وإنه قد يكون للأمر خلفية تنظيمية داخل فتح ــ الانتفاضة. وأضاف ان ما اعتبره مسؤول «فتح الاسلام» شاكر عبسي ــ رفعاً للتغطية السياسية لهم داخل «الانتفاضة» بالرغم من تعرضهم إلى هجمة سياسية وأمنية، قد يكون مؤشراً لهذه المشكلة التنظيمية. وفي رد على سؤال عما إذا كان لـ«فتح الاسلام» علاقة بتنظيم القاعدة، رأى رجا أن عمل هذه المجموعة وأسلوب إعلانهم عن أنفسهم لا يظهر أن لهم ارتباطاً بـ«القاعدة»، مشيراً في الوقت نفسه «انها تحت السيطرة الأمنية، وإنه لدى فصائل التحالف من الإمكانات والقدرة الرادعة للتعامل مع الحالة بحيث لا تؤثر على الأمن الاجتماعي ولا على الإمساك بقرار المخيمات». وأضاف رجا ان ما يجري الآن في مخيمات الشمال هو «هجمة سياسية أمنية على المخيمات لسحب القرار الأمني»، ويراد منه «أخذ طرف فلسطيني إلى جهة سياسية لبنانية». وإن الهدف الإضافي هو تفكيك البنية السياسية لتحالف الفصائل، وهذا أمر «تضخ من أجله أموال وتفتح الطرقات أمام بعض الأطراف». واتهم رجا «بعض من في السلطة اللبنانية، ممن يصرخون ليل نهار بأن المخيمات باتت بؤرة لـ«القاعدة» بأنهم يحاولون إدخال الحالات المشبوهة، من خلال تصدير بعض الذين خرجوا من حي التعمير في صيدا إلى مخيمات بيروت والشمال». وكذلك، أضاف رجا، ان بعض الذين سرِّحوا من حركة فتح بأعداد كبيرة، بعد انتقال قيادتهم من الرشيدية إلى المية ومية، يتم استغلالهم على ما يبدو من جهات ما». ووجه رجا رسالة إلى «الداخل الفلسطيني» مفادها أن «التسرع بتنفيذ رغبات سياسية لبنانية على حساب الدم الفلسطيني ممنوع»، متهماً بعض الفلسطينيين بلعب دور «الطباخ للآخرين». وأضاف محذراً «من يظن المخيمات أرضاً خصبة لإشعال النيران» من أن «النار سريعة الاشتعال وسترتد بالتأكيد». واتهم رجا بعض الأجهزة الأمنية والجهات السياسية بـ«تهيئة بعض المجموعات الأمنية في محيط المخيمات، لمساندة أي حركة أو فعل أمني ضد القوى الفلسطينية التي لا تتماشى مع المشروع المحاك للبنان». وعن كيفية معالجة موضوع «فتح الاسلام»، أعلن رجا أن الأمر «يحتمل التعاطي بمرونة، وإمكان التوصل إلى حل يحفظ أمن المخيم واستمرار الإمساك بالقرار السياسي مضمونان».
حركة «حماس»
أما ممثل حركة حماس في لبنان أسامة حمدان، فذكر في حديث مع «الأخبار» أن ما يجري في «فتح الانتفاضة» يحتاج إلى تسوية، متوقفاً عند ملاحظة مفادها أن حركة «فتح الانتفاضة» كانت تُتهم بأنها موالية لسوريا، والآن يقال إن سوريا هي وراء «فتح الاسلام» المنشقة عن «الانتفاضة». ودعا حمدان إلى «عدم القفز إلى الاستنتاجات السياسية» قبل اتضاح الصورة، وخاصة أن الأمر لم ينشأ إلا منذ أيام معدودة.
من جهته، ذكر خالد عارف، أمين سر منظمة التحرير في جنوب لبنان، لوكالة فرانس برس أن مسلحي «فتح الاسلام» هم «موضع ريبة» من كافة الفصائل «لأننا لا نعرف انتماءهم الفعلي».
(الأخبار)



القضاء لا نفي ولا يؤكد

رفض مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية في حديث إلى «الأخبار» نفي أو تأكيد ما ذكر في الأيام الماضية عن علاقة الموقوفـَين بتنظيم «القاعدة» أو بالمخابرات السورية. كما رفض نفي أو تأكيد ما ذكر عن شبكة تم تفكيكها كانت تحضر لاغتيالات سياسة في لبنان. وأوضح القاضي فهد أن التحقيقات مع الموقوفين تتركز حتى الآن على الاشتباك الذي حصل في مخيم البداوي وأدى إلى توقيفهما بعد مقتل عنصرين من اللجنة الأمنية في المخيم، وأن المرحلة الثانية من التحقيق لم تبدأ بعد. وذكر مصدر أمني رفيع لـ«الأخبار» أن مديرية المخابرات في الجيش البناني لم تبدأ بعد بالتحقيق مع الموقوفين. وتناقلت اوساط أمنية أن ما قيل عن شبكة تخريب في مخيمات اللاجئين في الشمال ليس أكثر من تسريبات من بعض القوى الفلسطينية.