إبراهيم عوض
كرامي: السنيورة أيّد أفكاري حين سمع بها ورفضها بعد أن وصلته خطياً

لم يكن في جيب الرئيس عمر كرامي مشروع خطة لحل الأزمة حين زار الرئيس أمين الجميل معزياً أول من أمس، فيما كان الأخير يتحدث بحماسة قبل دقائق من وصول كرامي عن عزمه على الطلب من زائره المساعدة والبحث عن مخرج ينفس جو الاحتقان، وحثه على إقناع حلفائه في المعارضة بتقديم تنازل في أحد الأمور الرئيسة المختلف عليها، وهي: رئاسة الجمهورية، تشكيل حكومة وحدة وطنية، والمحكمة الدولية. وقال الجميل لمعزيه رداً على دعوتهم له للقيام بدور توفيقي إنه ما فتئ يدعو الجميع للتعاون والتفاهم وإبداء الليونة المطلوبة، مشيراً إلى أنه سيزور الرئيس نبيه بري لاحقاً لشكره على مشاركته في تشييع بيار، والتداول معه في ما يمكن فعله للإنقاذ.
وما كاد الرئيس الجميل ينهي كلامه حتى دخل عليه كرامي يرافقه الوزيران السابقان إلياس سابا وناجي البستاني والدكتور خلدون الشريف ومستشاره الإعلامي عثمان مجذوب. ولدى تطرق الحاضرين إلى ما وصلت إليه الأوضاع من تدهور، ظهرت رغبة واضحة لدى كل من الجميل وكرامي بعمل «شيء ما» للخروج من الجمود، فكانت المداولات التي أفضت إلى أفكار اقترحها رئيس الحكومة السابق واعتبرت خطة لتهدئة الأجواء قبل الدخول في تنفيذ بنودها. وقد أفصح عنها للصحافيين لدى مغادرته منزل الجميل، وهي تنطلق من الالتزام بـ«هدنة» لعشرة أيام تتوقف خلالها الحكومة عن عقد جلسات لها، فيما ينكب فريق قانوني من الأكثرية والمعارضة على درس مشروع المحكمة الدولية وتنقيته من «الألغام» تمهيداً لإقراره الأمر الذي يفتح الباب أمام تأليف حكومة جديدة مع إعطاء المعارضــــة «الثــــلث الــــضامن» كما يؤدي إلى فتح ملف رئاسة الجمهورية.
واقترح كرامي على الجميل عرض الخطة التي وصفها بأنها «بنت ساعتها» على الرئيس بري، وهذا ما حصل. إذ قام الجميل بزيارة رئيس البرلمان في عين التينة وأعلن أنه «وضع بعض الأفكار على السكة للانتقال من جو التشنج إلى جو الكلام السياسي».
«بعض الأفكار» هذه التي تحدث عنها الجميل لم تلق قبولاً من جانب «حزب الله» الذي أعلن على لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بعد اجتماعه مع بري أنها «لم ترق بعد إلى مستوى المعالجة الحقيقية، وقد سمعناها من قبل على لسان رئيس الحكومة وبعض أقطاب السلطة».
تصريح رعد هذا أثار التباساً، وثمة جهات سياسية ووسائل إعلام موالية للأكثرية رأته «انشقاقاً داخل صفوف المعارضة» بحجة أن رفض «حزب الله» للأفكار إنما يطال صاحبها حليفه الرئيس كرامي ويجهض الخطة المقترحة من قبله.
كرامي لا يرى الأمر كذلك، إذ يوضح لـ«الأخبار» أنه لا يعرف «ماذا حمل الجميل معه إلى عين التينة، وإذا ما كان نقل الأفكار التي طرحها أمامه بدقة وأمانة».
وقال كرامي إنه لدى سماعه تصريح النائب محمد رعد، وإثر تلقيه اتصالاً من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة يبلغه فيه تأييده للمبادرة أدرك أن في الأمر «عقدة مفقودة» فسارع إلى إعلام محدثه بأنه يفضل أن يرسل له نص الخطة خطياً «لتكون الأمور واضحة لدي ولديك»، خصوصاً أنه لا يعلم كيفية عرض الجميل المبادرة أمام بري.
وفي حديث لـ«وكالة أخبار لبنان» أمس أفاد كرامي بأنه بعد تسلم السنيورة المبادرة خطياً تلقى منه اتصالاً قال فيه: «لم تتركوا لنا شيئاً، وقد أخذتم كل شيء»، وأضاف كرامي: «في واقع الحال نحن، أي المعارضة لم نأخذ شيئاً. نحن نأخذ للوطن وليس لطرف. هذا ما أجبت به الرئيس السنيورة لدى اتصاله لإبلاغي رفض المبادرة لأن هذا البلد لا يحكم إلا بالتوافق، فأجاب الرئيس السنيورة بأنه يفضل التفاهم على المبادرة التي طرحها هو المتعلقة بالحكومة، أي بوجود وزيرين «صم، بكم» لا يمكن أن يصوتا أو يستقيلا».
وفيما لفت كرامي إلى أنه لم يتشاور مع حلفائه في شأن المبادرة لأنها كانت «وليدة اللحظة»، رأى أن الأمور تتجه إلى الشارع ومسألة النزول إليه ستكون خلال ساعات وليس أيام.
من جهته أكد النائب أمين شري لـ«الأخبار» أن ما صرح به النائب رعد إثر اللقاء مع بري «لا يعني الرئيس كرامي، لا من قريب ولا من بعيد»، موضحاً أن وفد «حزب الله» لم يسمع من رئيس المجلس في ما يخص الأفكار التي حملها الجميل سوى الحديث عن هدنة عشرة أيام وتكرار لطروحات فريق السلطة والأكثرية «وهذا ما دفع الحاج محمد إلى القول بأنها دون المعالجة الحقيقية لأسباب الأزمة الراهنة».