فداء عيتاني
يراجع قادة ميدانيون وسياسيون في «حزب الله» فصول الأزمة الحالية، وبحكم علاقتهم الوثيقة بالفريق السني وإطلالتهم على القوى السنية والإسلامية الأخرى، معارضة وأكثرية، فهم يراجعون تحديداً نقاط فشل مشاريع التسويات السابقة، ويعيدون قراءة ما تقدّم من اقتراحات حلول.
كان اجتماع السفير السعودي عبد العزيز الخوجة بالأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله مفصلياً، وكان يمكنه أن يؤسس لتفاهم جدي يجنّب البلاد الأزمة، قال الخوجة لنصر الله: «في قلبي أنا مقتنع بما تقولون»، وكان يمكن التفاهم على العديد من الأمور، من أهمها حكومة الوحدة الوطنية والمحكمة الدولية، بعد وضع ملاحظات المعارضة عليها. إلا أن هذا الكلام الإيجابي الذي سجله «حزب الله» لم يؤد الى نتائج عملية.
كما يسجل قادة «الحزب» ما حصل في جلسات التشاور، حين لمسوا موافقة رئيس كتلة «المستقبل» سعد الدين الحريري المبدئية على الثلث المشارك، ثم جرى التراجع السريع عنه، إضافة الى ما يرون أنّه مدعاة للبحث الجدي، وهو ما حصل بعد لقاء السفيرين السعودي عبد العزيز الخوجة والايراني محمد رضا شيباني، حيث سمع الأخير ارتياحاً من نظيره السعودي حيال ما طرحه الأول، لناحية إمكان التسوية. وتمنى السفير السعودي على نظيره الايراني التدخل، وقدم شيباني تصوراً، وخرج السفير السعودي من اللقاء واعداً بالرد السريع والايجابي على ما جرى تبادله من أفكار أولية، ومن ثم سافر خوجه الى بلاده، من دون أن يعود بأي جواب من «قوى 14 آذار».
هذه الصورة تدفع قادة «حزب الله» الى الإشارة الى أن التعطيل ليس محلياً، ولا هو سعودي الأصل، ولا من قصر قريطم او محيطه، وبينما يصر «المستقبليون» على أن على الفريق الاخر تقديم المحكمة الدولية وإقرار قانونها من دون مقابل، مع التأكيد على أن لا عودة الى الوراء، بمعنى أن على فريق المعارصة الموافقة على شرعية ما ذهبت الى اقراره الحكومة، وبعد هذه الخطوة يجري البحث في كل المسائل ضمن سلة واحدة، يرى المتابعون لملف القوى السنية في قيادة «حزب الله» أن القرار لا يصدر من هنا، وإن كان يصدر من قريطم فإنه يعطّل في مكان آخر.
«إنها السفارة الأميركية، والاتصالات الدولية وخصوصاً تلك الآتية من الولايات المتحدة»، يتهم «حزب الله» في قراءة سياسية لما يواجهه من سلبية، إنها السفارة الأميركية وليس في الأمر مزاح، وإلا فما معنى انعدام الثقة المفرط وتعطيل كل المبادرات، وتحوّل الرئيس نبيه بري الى مستمع لما يقدم اليه، بعد ما كان من يطرح الحلول؟
يتابع «حزب الله» الملف من دون أن يغفل أعمال تسلح بات يمكن إثباتها بالأسماء والتواريخ والمواقع والأماكن التي تجري فيها وعبرها، «وصار يمكن ان نطلب من الجيش اللبناني أن يفيد عن المواقع التي تدخّل فيها من أجل إجبار المسلحين من أطراف الاكثرية على الانسحاب من الشارع بهدوء»، «حزب الله» يتابع بدقة وبقلق حجم التسلح في العديد من المناطق وخصوصاً في بيروت، وهو يعرف تماماً أن من يعرقل التسويات يضع البلد على فوهة بركان.