غسان سعود
تشبه حال شباب التيار الوطني الحر خلال هذين اليومين حالهم قبل بضع سنوات عشية تحضيرهم للتحركات الاحتجاجية. لكن زاد عدد المكاتب، حتى بات في كل بلدة مسيحية على الأقل مكتب للتيار، فيما لم يكن عدد المكاتب يتخطى الخمسة قبل عامين.
والناشطون الذين كانوا لا يزيدون عن الخمسة آلاف في كل لبنان، باتوا اليوم أكثر بكثير من عشرين ألفاً مستعدين للتحرك، حتى بعد منتصف الليل.
واللافت في التحضير للتحرك الآتي لا محالة، أن ساعته غير معلنة، ولن تعلن إلا قبل وقت قصير تماماً كما كان العونيون يفعلون طوال السنوات الماضية، ولو بالشكل. فينقلون التحرك عند اللحظة الأخيرة إلى نقطة أخرى، ويجتمعون ثم يفترقون ليعودوا ويجتمعوا من جديد، خارقين الجدران الأمنية دون عنف رغم الاعتداءات العنيفة عليهم.
وهكذا، بدا أمس في مكتب أمانة سر التيار المركزي في الجديدة كما في مختلف مكاتب التيار في بيروت والمتن وكسروان وجبيل والبترون، كما لو أن غداً يوم الاستقلال أو يوم 14 آذار ــ ذكرى «حرب التحرير» أو 13 تشرين، وهي المناسبات الثلاث التي أحياها التيار الوطني الحر خلال السنوات الخمس عشرة الماضية في الشارع. وإن كان الاطلاع على مخطط المعارضة للأيام القادمة يبدو شبه تعجيزي، بسبب إجماع كل الأطراف على عدم قدرتهم على كشف أية تفاصيل. فيبدو أقلّه أن لحظة الصفر يحددها فريق صغير جداً يضم ممثلاً واحداً عن كل من التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل. والتأخير الحاصل بحجج مختلفة يهدف إلى إتمام التيار الوطني الحر استعداداته وقدرته التنظيمية لحشد أضخم حجم جماهيري مسيحي ممكن. وبدا أمس أن استعدادات التيار وصلت إلى أقصى درجاتها، وكل التحركات أمس وخصوصاً في المناطق البعيدة عن العاصمة مثل عكار وجزين وزحلة دلت على أن خيار الشارع بات وشيكاً، والساعة الصفر ستعلن خلال ثمان وأربعين ساعة كأبعد موعد.
وتشير استطلاعات التيار إلى قدرة غير مسبوقة على الحشد خلال فترة زمنية قد لا تتعدى الثلاث ساعات. علماً بأن المعطيات تشير إلى نجاح التيار بحشد ثلاثة آلاف ناشط في ساحة حلبا ومثلهم تقريباً في مدينة زحلة، وألفي ناشط في ساحة جزين عند الساعة الثالثة فجراً انطلاقاً من أمس. وهذه الأعداد تتضاعف بكثرة غير مسبوقة إذا كان التحرك، كما هو متوقع خلال النهار. وتشير مصادر التيار إلى أن ترقب التظاهرة وقلق الفريق الحاكم من موعدها وحجمها وشكلها جميعها تشير إلى الضعف والخوف الذي يعاني منهما الفريق الحاكم، علماً بأن التيار، من حيث التنظيم، يؤكد سلمية التحرك وحضاريته وعلنيته، تماماً كما كانت كل تحركات التيار. فيما يتشدد العونيون في دعوتهم السلطة للكف عن التصرفات الميليشيوية، والسعي لحماية المتظاهرين بدلاً من إطلاق التهديدات. أما سياسياً فعنوان التظاهر عونياً سيختصر بأن «خيارنا التفاعل مع محيطنا وليس ارتضاء تهميشنا بانتظار الرحيل».
وبدا من لهجة العماد عون أمس، وارتفاع حدّة خطابه أن قرار الشارع لا رجوع عنه. وعلّق أحد المقربين من العماد عون على خطاب الأخير بالقول إنه تضمن «غضباً مقدساً» سيترجم خلال الأيام المقبلة مزيداً من الوضوح في التفاعل بين القائد وقواعده إن من خلال المزيد من التصويب على اتهام عون للفريق الحاكم بالإجرام تجاه شعبهم أو بكلفة نصائح السفراء أو التركيز على شهادة الجميل وعدم المتاجرة بالدم.
من جهة أخرى، كشف عضو لجنة الاتصالات السياسية في التيار ميشال دو شادارفيان لـ«الأخبار» أن الاتصالات السياسية مستمرة مع القوات اللبنانية والكتائب. لكنها منقطعة بالكامل مع تيار المستقبل. وعن التحرك الآتي، قال دو شادارفيان إنها ستكون تظاهرة القوة السيادية ضد السلطة نفسها التي كانت تعتدي على التيار خلال السنوات الماضية. مؤكداً أن التحركات ستكون حضارية جداً. ولافتاً إلى أن حاجة الحكومة إلى شارع للدفاع عنها تكشف أموراً كثيرة، أبرزها أنها فاقدة لكل شيء، حتى الثقة بقدرة أجهزتها على إطاعة أوامرها.