رزان يحيى
في 21 تشرين الثاني، في جامعة القديس يوسف ــ هوفلان، أعلن بعض الموظفين “محاولة اغتيال وزير الصناعة اللبناني بيار الجميّل”. وما هي إلا دقائق حتى توجّه الطلاب إلى الباحة الخارجية لحرم الكلية. تأكد الخبر. توقفت الصفوف، وغادر الطلاب “الشيعة” الجامعة. وبين طالب وآخر، تباينت الروايات. جورج يقول إن “جماعة حزب الله، نزلوا والبسمة على وجوهم ساعة شيوع خبر الاغتيال”، بينما يؤكد رامي “أن الشيعة حزنوا للاغتيال لأنه سيحدث فتنة”. وبين البسمة والدمعة، دارت التكهّنات حول احتمال وقوع “إشكال” بين الطلاب.
يقول مسؤول التعبئة التربوية في “هوفلان” سلمان حرب إنه “بعد خبر الاغتيال تجمع طلاب القوات والكتائب وبدأوا بالاستفزازات، عبر اتهامنا بالاغتيال”. ويضيف أن ممثل القوات اللبنانية في الجامعة نديم يزبك قال له عبر أحد الطلاب: “لا يكون عقل الإنسان في رأسه في هكذا أوضاع والشباب متوترون جداً، نتمنى عليكم أن تغادروا الجامعة”. “شباب الحزب” خرجوا من الجامعة بهدوء ومن دون أي استفزازات. لكن حرب أكد أن الطلب من “الشيعة” الخروج من الجامعة يأتي في إطار اتهام حزب الله بعملية الاغتيال، مشيراً إلى أن “الجامعة للجميع ومغادرتها كانت “كرم أخلاق”، وتثبيتاً لنية حزب الله التعاطي بروية وحكمة”. إلا أن القواتيين روّجوا أن الحزب “سيحوّل الجامعة المسيحية إلى جامعة حسن نصر الله”. ورأى حرب أن “القوات كرست واقعاً ميليشيوياً داخل حرم الجامعة”.
من جهته، يقول نديم يزبك إن القواتيين “كانوا مفجوعين بخبر الاغتيال، لكن بناءً على قرار مصلحة الطلاب في القوات اللبنانية التزم القواتيون التروي والحكمة، علماً بأن الطلاب كانوا مصابين بهلع”. وأكد أن الطلاب لم يتهجموا على أحد ولكنهم قالوا: “نحنا ما بدنا حرب... بدنا نعيش بسلام”.
يؤكد يزبك قصة جورج، أن شباباً من حزب الله خرجوا والبسمة على وجوههم، ويضيف أن أجواء الفرح سادت عند تأكيد الاغتيال، عندها دارت أحاديث بين الطلاب: “ليش عم بيعملوا فينا هيك بقلب منطقتنا”. لذلك طلب يزبك من حرب الانسحاب من الجامعة.
إلا أنّ يزبك يشير إلى قصة أخرى، وهي ما يسمّيه “خرق مخابراتي في الجامعة من قبل حزب الله عبر تكوين (data base) تحتوي على معلومات شخصية عن طلاب الجامعة، وخصوصاً القواتيين”. وتساءلت مصلحة الطلاب في القوات اللبنانية في بيان صدر عنها “ماذا يفعل حزب الله بمخابراته داخل الجامعات في الوقت الذي تنشط فيه الاغتيالات السياسية؟”. في المقابل، رأى مسؤول التعبئة التربوية في حزب الله يوسف مرعي أن “القواتيين” يحاولون تشويه صورة حزب الله بعد أن خسروا في انتخابات الهيئة الطلابية. “وتأتي هذه الشبكة المزعومة لبرهنة أن الطلاب في حزب الله أهدافهم التجسس لا العلم”. وأضاف مرعي: “إن القوات يرون أن الجامعة للمسيحيين ولهم الحق في أن يتحكموا بها”.
يقول الطرفان المعنيان إن الجامعة هادئة، وقد حضر الجميع القداس الذي أقامته الهيئة الطالبية أمس في مجمع “هوفلان” لراحة نفس الشهيد. وتوجّه رؤساء الهيئات الطالبية ووفد من طلاب التيار الوطني الحر و14 آذار إلى حرم الجامعة حيث رفعوا صورة للشهيد.
ورأى الأمين العام للجامعة هنري عويط، أن “الجامعة للجميع”. ورداً على بعض الطلاب الذين يروّجون أنّ الجامعة سمحت لبعض الطلاب بعدم الحضور إلى الجامعة منعاً لاحتكاكات تؤدي إلى إشكالات، قال: “إن الجامعة لم تسمح للطلاب بعدم الحضور، ولكنها قامت ببعض التدابير لتترك حيزاً من الحرية”. ومن هذه التدابير عدم الأخذ بعين الاعتبار الحضور عند قيام أي جهة بأي تحرك، على أن تؤجل الامتحانات في هذا النهار، إذا وجدت.
وأكد عويط أن الجامعة لن تقفل أبوابها إلا عندما تطلب وزارة التربية والتعليم العالي ذلك.