برز أمس تحرك نيابي مسيحي من «قوى 14 آذار» لإيجاد منطقة وسطية خارج اصطفافَي الموالاة والمعارضة، قادرة على استيعاب القواسم المشتركة لدى كل الأطراف للخروج من الأزمة.فقد زار وفد ضم النواب: هنري حلو، روبير غانم، عبد الله حنا وعبد الله فرحات، البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير. وبعد اللقاء وجّه الوفد نداءً الى «كل اللبنانيين» تلاه النائب غانم، جاء فيه: «يعيش اللبنانيون حالة اصطفاف وتعبئة شبيهة بأجواء الأحداث الأليمة التي عصفت بلبنان، في ظل أزمة حكم متفاقمة ووضع اقتصادي على شفير الهاوية، كما ان هذه الفترة رافقها سماع صرخات الانتصار المسبق وهي تدوّي في مسامع شبابنا وشاباتنا المعبّأة في الشوارع والجامعات».
ورأى أن «مسؤولية كل معنيّ بالشأن العام، أن يعمل اليوم جاهداً حتى لا يؤدي هذا الاصطفاف الى حرب أهلية بين اللبنانيين، وحتى داخل الطائفة الواحدة»، مؤكداً أن «واجبنا ألا نسمح بإراقة دماء أي لبناني، وسنسعى بكل ما أوتينا من قوة لحقن الدماء ومنع التصادم. نحن مع العقلاء وسعاة الخير في مركز الثقل، لإعادة التوازن الى المفهوم اللبناني من دون أن نتخلى عن مبادئنا واقتناعاتنا».
وقال: «في العمق، نرى أن عدداً كبيراً من اللبنانيين لا يجدون أنفسهم في أي من هذين الاصطفافين، وعليه نتثبت من أن هذه الفئة تنطبق عليها صفة الفئة الصامتة. لهذا جئنا بهدف تحفيز هذه الفئة التي تعبر عن تطلعاتها لكي يعلو صوتها، منطلقين من مبدأ أن هذا الصوت هو الصوت الذي يجمع بين هذين الاصطفافين المتنافرين». وأضاف: «من هذا المنطلق، لسنا في موقع الوسط التقليدي، بل نحن في مركز التلاقي، مركز الثقل الذي يعيد التوازن بين اللبنانيين، بالارتكاز على النواة الصلبة التي هي في المركز المساوي لجميع تطلعات اللبنانيين، ومن دون استثناء حتى ينتصر لبنان، فينتصر حينئذ كل الأفرقاء، بمن فيهم من يعتبر نفسه خصماً لشريكه في الوطن». ودعا «الى قرار وطني فوري يفصل التشنج السياسي القائم عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الإنساني الفائق الحساسية، ويجمّد التشنج والتطرف والتعبئة الى حين إيجاد التعادلية المطلقة بين كل المواقف، انطلاقاً من الثوابت المشتركة التي هي حتماً: لبنان الوطن ولبنان الرسالة ولبنان الدولة».
وزار الوفد رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، وأوضح النائب فرحات بعد اللقاء أن هدف التحرك «تقريب وجهات النظر على المستوى الوطني عموماً وعلى المستوى المسيحي خصوصاً، معتبراً أنه «لا بد من الوصول الى قواسم مشتركة تمنع أي اصطدام داخل الشارع المسيحي».
واللافت أن غياب بعض من النواب الأربعة عن الإعلام دام أكثر من سنة. ووفقاً لفرحات فإن المجموعة لديها الثقة بوجود نقاط تلاق، وستحاول إظهارها. مع الحرص على إبقاء الأمور طي الكتمان، حتّى بدء الحوار في شأنها مع القادة السياسيين، وكشفت أوساط المجموعة أن الخطوة لا تعني بالضرورة خروجاً من الأغلبية النيابية التي ينتمون إليها، بل هي مجرد مبادرة أو محاولة تحتاج إلى مزيد من الوقت للتبلور، وخصوصاً أن ثمة حاجة إلى معرفة رأي الطرف الآخر، وقبوله أو رفضه يحدد الكثير من معالم المرحلة اللاحقة من المبادرة.
وفي التفاصيل التي أعلن عنها فرحات، يطال المسعى كل الأقطاب ولا سيما المسيحيين منهم للوصول الى قواسم مشتركة حول رفض العنف في الشارع، ورفض الانقسام المسيحي. وهذه جميعها بحسب المطلعين أقرب إلى الورقة التي حاول نائبان من «تكتل التغيير والإصلاح» الاتفاق عليها مع سيد بكركي، لكن رد فعل الأكثرية عليها تمثل في كلام شبه رافض قاله النائب جورج عدوان، وبرفض حاسم من المجتمعين تحت عنوان «لقاء قرنة شهوان» في بكركي.
وكان النائب روبير غانم، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، قد رفض قبل يومين فكرة دعوة المجلس النيابي إلى الانعقاد، إلا عبر رئيسه. وتمايز أيضاً في موقفه غداة اغتيال الوزير بيار الجميل، رافضاً الرعاية الأجنبية أو الوصاية أو الهيمنة من أي طرف أو فريق داخلي أو خارجي.
(الأخبار، وطنية)