إبراهيم عوض
إصرار سوري على مطالبة براميرتس بالتحقيق في اغتيال الأخوين المجذوب

لم يفاجأ زوار دمشق من قيادات وشخصيات سياسية لبنانية معارضة بما طالب به مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري خلال الجلسة الأخيرة التي عقدها مجلس الأمن الدولي لمناقشة تقرير المحقق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بأن تضم لجنة التحقيق الدولية إلى مهمتها حادثة اغتيال اللبناني محمود المجذوب المسؤول عن حركة الجهاد الإسلامي في صيدا وشقيقه نضال، والتي اتهم «الموساد» بالوقوف وراءها، إذ سبق لهؤلاء الزوار أنهم سمعوا بمثل هذه المطالبة على لسان أكثر من مسؤول في سوريا، كان آخرها ما قاله مسؤول بارز في معرض تعليقه على موضوع ضبط الحدود بين لبنان وسوريا وما تردد عن نشر قوات دولية على الجانب اللبناني، إذ تمنى أن تولي الدولة اللبنانية، إلى جانب اهتمامها بقضية الحدود، اهتماماً خاصاً بمتابعة التحقيق مع أفراد شبكة الموساد اللبنانيين التي ضبطت قبل الحرب الإسرائيلية على لبنان، والكشف عما أدلى به أحد رؤوس هذه الشبكة محمود رافع، والسعي لإلقاء القبض على رفيقه محمود خطاب الذي اختفت آثاره بعد جريمة الاغتيال. ويرى المسؤول السوري أن الإمساك الكامل بهذه القضية كفيل بأن يفك الكثير من الألغاز المتعلقة بموجة التفجيرات وحوادث الاغتيال التي حصلت في لبنان بعد عملية اغتيال الرئيس الحريري.
ويبدي مصدر أمني لبناني مواكب للتحقيق في جريمة اغتيال الأخوين المجذوب تفهماً للموقف السوري، لافتاً إلى أن لجنة التحقيق في جريمة اغتيال الحريري لم تبد حماساً لإدراجها في لائحة التفجيرات الأربعة عشر التي يشملها التحقيق من دون معرفة الأسباب التي حدتها إلى اتخاذ هذا القرار.
ويوضح المصدر الأمني لـ «الأخبار» أن التحقيقات التي أُجريت على أرض الجريمة في صيدا أكدت أن عملية التفخيخ والتفجير التي استهدفت الأخوين المجذوب تكاد تكون نسخة طبق الأصل عن عملية اغتيال النائب والصحافي جبران تويني وقريبة من محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة.
فهذه التفجيرات الثلاثة تمت من خارج موقع المستهدف وبالتقنية نفسها، أي بزرع المتفجرات داخل سيارة، فيما تبين أن السيارتين اللتين استخدمتا لاغتيال الأخوين المجذوب وتويني زودتا بعين سرية تتحسس الأشخاص ومن يمر بالقرب منها فتبعث بالمعلومات إلى حيث مركز الرصد الذي يقوم بدوره بتنفيذ التفجير عن بعد.
وفيما يوضح المصدر المذكور أنه لا جديد في مجريات التحقيق في جريمة اغتيال الأخوين المجذوب بعد ضبط إفادات محمود رافع، يشير إلى أن الرأس المدبر الآخر للعملية المدعو محمود خطاب ما زال متوارياً عن الأنظار ويبدو أنه فر خارج لبنان بعد أن شوهد للمرة الأخيرة داخل مخيم عين الحلوة قبل أيام من حصول الجريمة. ويذكر المصدر الأمني أن التقنية نفسها استخدمت في حوادث اغتيال كل من جورج حاوي وسمير قصير ومحاولة اغتيال مي شدياق، مع فارق أن التفجيرات الثلاثة هنا حصلت داخل السيارات التي كانوا يستقلونها وطاولتهم مباشرة.
ويؤكد ركنان بارزان من أركان المعارضة التقيا بالرئيس بشار الأسد قبل ساعات على صدور تقرير براميرتس أنهما لمسا مدى ارتياحه لسير التحقيق ويقينه من براءة سوريا من هذه الجريمة وحرصه على استمرار التعاون مع اللجنة الدولية من منطلق أن سوريا يهمها قبل غيرها معرفة الحقيقة لأن ذلك يريحها ويعطل محاولات الضغط عليها.
ويروي أحد ركني المعارضة في هذا الإطار أنه سمع من الرئيس الأسد ما مفاده أن القاضي البلجيكي سيرج براميرتس وفي معرض شكره الجهات السورية المعنية على المعلومات التي زودته بها بناء على طلبه قال: «لم أحصل على المعلومات التي طلبتها فحسب، بل على جرعة زائدة منها أيضاً».
ويكشف ركن المعارضة الآخر أنه تمنى على الرئيس الأسد أن يمتنع المسؤولون السوريون عن الرد على الحملات اللبنانية التي تستهدف سوريا، وأن يسري ذلك على وسائل الإعلام بما فيها صحف «البعث» و«الثورة» و«تشرين»، مشيراً إلى أن الرئيس السوري لم يكن بعيداً عن هذا التوجه، ويبدو أنه سبق أن أعطى تعليماته بهذا الخصوص، ومن هنا يلاحظ انحسار التصريحات والتعليقات والردود السورية على الحملات اللبنانية، وقد ظهر ذلك بوضوح بعد الهجوم العنيف الذي شنه أخيراً كل من النائب سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط وعدد من نواب اللقاء الديمقراطي على سوريا ورئيسها، إذ تعمدت دمشق تجاهل ما صدر عن الرجلين وفريقيهما.