البقاع ــ الأخبار
منذ ما يعرف بحرب زحلة عام 1981 خرجت القوات من عاصمة البقاع التي كانت تحت «الادارة» السورية طوال ثلاثة عقود.
محطات القوات اللبنانية في البقاع كانت نهاياتهادوماً «حزينة»، ولم يكتب لها ان تنعم بوجود طويل نسبياً في هذه المنطقة. بعد خروجها من مدينة زحلة، عادت الى البقاع الغربي بعد الاجتياح الاسرائيلي للمنطقة صيف 1982. إلا أن العودة لم تطل، فمع تحرر البقاع الغربي وراشيا من الاحتلال الاسرائيلي غادر مسلحو القوات المنطقة.
انقلب المشهد تماماً. أعداء الأمس باتوا من أشد الحلفاء للقوات التي لم يكن أحد ليتخيل ان تدخل الى بلدة المرج في البقاع الغربي لولا تيار المستقبلالمرج «عرين» جمال عبد الناصر، وحضن كل «البعث» السوري، دخلتها القوات اللبنانية، ممثلة بوزير السياحة جو سركيس موفداً من «الحكيم» الى البقاع الغربي وراشيا بمعية «الحلفاء الجدد». كان كلام سركيس واضحاً وصريحاً: «نحن هنا لتأكيد التحالف مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي».
الانقلاب الكبير في التحالفات والأدوار كان سريعاً جداً. لم يستطع أنصار الوزير السابق عبد الرحيم مراد استيعاب المشهد. وقفوا ينظرون الى محاولات بعضهم «سرقة وجه البقاع الغربي» وإعطاء روحه حياة سياسية جديدة مناقضة لما تربّى عليه. «لن يستطيعوا إلباس البقاع الغربي عباءة جديدة لا تناسب مقاسه الوطني والقومي». قال أحد القياديين في حزب «الاتحاد» الذي يرأسه مراد وهو يتابع حفاوة الاستقبال الذي أقامه حلفاء القوات لسركيس في البقاع الغربي وراشيا أول من أمس.
في زحلة لم يكن المشهد مشابهاً تماماً. دخلت القوات الى المدينة بمهرجان كبير وحشود شعبية تجمعت من مختلف أحياء زحلة وقراها ترحيباً بعودة «الشباب» الى مدينة «السلام ومربى الأسود». رفعت زحلة أقواس النصر السبت الماضي، وكانت تتوقع ان يأتي «الحكيم» لافتتاح مركز القوات اللبنانية بعد إقفال دام ربع قرن.
لم يقطع جمهور القوات الأمل في حضور «الحكيم» الى زحلة «فزحلة إلنا ومش لحدا تاني» بحسب شاب قواتي غامزاً من قناة التيار الوطني الحر الذي اعتبر مناصروه «حفل» القوات بأنه «أمر طبيعي. فللقوات وجود في المدينة كبقية القوى السياسية».
وقد أكد النائب جورج عدوان حفل العشاء الذي أقيم في كسارة (زحلة) بعد مهرجان افتتاح مركز القوات في «ساحة شهداء زحلة» ان «دولة الشراكة لا تقوم إلا على التوازن (...) وحين يشعر المسيحي بأنه مطمئن، وان حقوقه محفوظة»، داعياً القواتيين الى «التعاطي مع العالم باحترام».
وألقى سركيس كلمة باسم رئيس الهيئة التنفيذية في القوات سمير جعجع أكّد فيها «لمن يسأل الى أين تقود القوات اللبنانية المسيحيين، بأننا ماضون بالمسيحيين الى شراكة حقيقية في الدولة والوطن (...) الى وطن نهائي والى مستقبل لا خوف فيه على أولادهم، لا الى حروب واضطرابات».
وكان سركيس قد اعتبر خلال جولة سياسية ـ سياحية في البقاع الغربي وراشيا انه لولا «شهداؤنا الذين سقطوا في الأشرفية وعين الرمانة وقنات وبله وزحلة لابتلعت سوريا لبنان وباعت القضية العربية بأبخس الأثمان ولما كان هناك دور لأي مقاومة، ولهذا البعض نقول لولا صمود الحكيم (جعجع) في سجنه ورفضه التنازلات والتسويات، لسقط لبنان في يد سوريا الى الأبد، ولكانت كبرى هذه التسويات قد تمت على رأس المقاومة، هذه التسوية التي لا نتمنى ان تتم بين دولتين جارتين، شقيقة ضالة وعدو غاشم».