جنيف- بسّام القنطار
يقدم أربعة خبراء مستقلين الأربعاء المقبل تقريراً عن انتهاكات حقوق الإنسان في لبنان وإسرائيل إلى مجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف.
«الأخبار» تنفرد بنشر ابرز ما جاء في التقرير مع التوصيات الموجهة إلى مختلف الأطراف


يعقد مجلس حقوق الإنسان بعد غد الأربعاء جلسة مختصة في انتهاكات حقوق الإنسان في النزاع الأخير بين إسرائيل وحزب الله، حيث يقدم أربعة خبراء مستقلين تقريراً مفصلاً عن نتائج جولتهم على لبنان وإسرائيل. ويقع هذا التقرير الذي حصلت «الأخبار» على نسخة منه في 30 صفحة، وهو يقدم خلاصة لجولة شملت لبنان وإسرائيل من 7 ولغاية 14 أيلول 2006 قام بها ممثل الأمين العام حول حقوق الأشخاص النازحين والتر كالين، والمقرر الخاص حول الإعدام الفوري والتعسفي والخارج عن نطاق القانون فيليب آلستون، والمقرر الخاص حول حق كل إنسان في الوصول إلى أعلى مستوى من الصحة الجسدية والنفسية بول هانت، والمقرر الخاص حول السكن الملائم كجزء من الحق في مستوى معيشي ملائم ميلون كوثاري.
يتضمن التقرير وصفاً للتسلسل الزمني للصراع اللبناني ــ الإسرائيلي، والإطار القانوني الذي يحكم هذا النزاع في سياق أحكام قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. كما يعرض التقرير حماية السكان المدنيين أثناء النزاع وبعده في لبنان وإسرائيل، ويقدم مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات إلى مختلف الافرقاء بمن فيهم حزب الله.ويبدو واضحاً أن التقرير الذي يصف انتهاكات حقوق الإنسان، يحاول أن يظهر أن هذه الانتهاكات حصلت بشكل متساو من جانب إسرائيل وحزب الله. وهو يمثل حلقة موسعة ومستقلة عن عمل لجنة التحقيق الرفيعة المستوى التي تحقق في «الاستهداف والقتل بشكل منهجي» للمدنيين اللبنانيين «من جانب إسرائيل»، ليخلص إلى التوصية بتوسيع أعمالها لتشمل انتهاكات حزب الله في الجانب الإسرائيلي. وفي الوقت الذي يستفيض فيه التقرير في وصف أنواع الأسلحة التي استخدمها حزب الله ومدى توافقها مع القانون الدولي وتأثيرها على الممتلكات والبنية التحتية والبيئة، لا يقدم وصفاً دقيقاً لأنواع الأسلحة الإسرائيلية المستخدمة باستثناء الاستفاضة في الحديث عن القنابل العنقودية والأضرار التي سببتها.
ويشير التقرير إلى عدم تمييز إسرائيل بين مقاتلي حزب الله وأعضاء الحزب ومؤيديه من المدنيين، وأنها استهدفت المنشآت الحيوية والبنية التحتية، وهو الأمر الذي أسفر عن قتل وجرح آلاف المدنيين، وعن تدمير شامل لحق بالهياكل الأساسية المدنية، وتشريد مليون شخص، وتدفق اللاجئين هرباً من إطلاق القذائف، إضافة إلى «التهور المتعمد» في إطلاق القنابل العنقودية.
وانتقد التقرير توسيع الضربات على حزب الله لتشمل مؤسساته الاجتماعية والصحية ومؤسساته الإعلامية، معتبراً أنها مخالفة لمبدأ التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية. كما أن إطلاق الآلاف من المناشير وإرسال الرسائل الصوتية التحذيرية للمدنيين من «جيش الدفاع الإسرائيلي» لا يبرر إطلاقاً قتل المدنيين الذين رفضوا مغادرة قراهم. يضيف أن عرض الجيش الإسرائيلي لشريط فيديو يظهر إطلاق صواريخ من مقاتلي حزب الله بالقرب من المنازل، لا يبرر تدمير منازل مئات المدنيين في جنوب لبنان. ويفرد التقرير فقرة خاصة للحديث عن مجزرة مروحين التي ذهب ضحيتها 21 مدنياً والتي بررتها اسرائيل عبر الزعم أن حزب الله قد استغل المدنيين الهاربين، الأمر الذي أدى إلى قصفهم. ويشير التقرير إلى عدم وجود أدلة على أن حزب الله قد أساء استخدام قافلة النازحين من مروحين أو أي قافلة أخرى لأغراضه العسكرية. وأن على إسرائيل أن تثبت بالأرقام والوقائع عدد مقاتلي حزب الله الذين كانوا في عداد قافلة مروحين وما هذه الاعتدة التي كانوا يهربونها وما هي الإجراءات المتخذة للتخفيف من حدة تأثير الضربة العسكرية على المدنيين.
أما في الجانب الإسرائيلي، فيركز التقرير على الخطابات التي أدلى بها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله خلال فترة الحرب. ويرى التقرير أن نصر الله أكد في عدة خطابات حرص حزب الله على التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية. لكن التقرير قال إن نصر الله لا يمكنه اعتبار أن حزب الله لديه الحق في التخلي عن مبدأ التمييز بين المدنيين والعسكريين في سياق سعيه لتحقيق النصر، أو في سياق التعامل بالمثل، على اعتبار أن الجيش الإسرائيلي يستهدف المدنيين، معتبراً أن ذلك خرق فاضح للقانون الدولي الإنساني.
ولقد قدم المقررون الخاصون في ختام تقريرهم مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات إلى الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية وحزب الله ومجلس حقوق الإنسان، وإلى لجنة تقصي الحقائق حول الحالة الخطيرة لحقوق الإنسان في لبنان التي سببتها العمليات العسكرية الإسرائيلية.
واستنتج المقررون حصول خروق خطيرة لقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ولا سيما قوانين الحرب وأعرافها التي تحظر مهاجمة وقصف السكان المدنيين والأهداف المدنية وخرق الالتزامات بتوفير الحماية العامة من الأخطار التي تنشأ عن العمليات العسكرية للأهداف المدنية، والمستشفيات ومواد الإغاثة ووسائط النقل من قبل إسرائيل وحزب الله.
توصيات إلى الحكومة الإسرائيلية
ــ ترحّب البعثة بقرار الحكومة الإسرائيلية إنشاء لجنة تحقيق حكومية للتحقيق في إدارة الحملة العسكرية. وتوصي البعثة بضرورة أن تشمل أعمال لجنة التحقيق قضايا انتهاكات حقوق الإنسان بما فيها التحقيق باحتمال ارتكاب جرائم حرب.
ــ على الحكومة الإسرائيلية تقديم خرائط تظهر المناطق التي قصفت بالقنابل العنقودية. وبرغم الادعاءات الإسرائيلية أن هذه الخرائط قد سُلّمت إلى السلطات اللبنانية، فإن الوقائع تفيد بأن المعلومات المقدمة غير وافية. .
ــ إن الحكومة الإسرائيلية لم تقدم معلومات متكاملة ومنهجية عن أن جميع الأهداف التي قصفت كانت أهدافاً عسكرية، وأن قواعد تحييد المدنيين قد احترمت، لذلك على الحكومة أن تكشف عن الأهداف التي تحركت على أساسها، واثر الأحداث العرضية التي تم أحبطت.
ــ على الحكومة أن تجري تحقيقات جدية للتأكد من تعامل الأجهزة الحكومية بالمساواة بين المواطنين العرب واليهود في إسرائيل، فيما يرتبط بإجراءات الحماية والرعاية وإعادة الإعمار والعلاج الصحي وتأمين الملاجئ وأجهزة الإنذار بدون تمييز أثناء الحرب وبعدها.
توصيات إلى الحكومة اللبنانية
ــ على الحكومة اللبنانية أن تنشئ وزارة خاصة بالإسكان تعطى الصلاحيات الكاملة لتولي مهام إعادة الإعمار، وضمان حصول المتضررين على حقهم بالحصول على السكن الملائم كجزء من الحق في مستوى معيشي ملائم.
ــ على الحكومة اللبنانية أن تعيد النظر وبعناية شديدة تجاه سياستها المرتبطة بإنشاء البيوت الجاهزة في المناطق المتضررة، لأن الخبرات السابقة وتجارب مفوضية شؤون اللاجئين اثبتت عدم فاعلية هذا الإجراء وصحته، وأثره السلبي في السكان.
ــ توصي اللجنة بضرورة إقامة صلات التعاون بين وزارة الإسكان الموصى بإنشائها والأجهزة الحكومية ذات الصلة، ومع مفوضية اللاجئين ومؤسسة جهاد البناء التي أثبتت فاعلية كبيرة في أعمال المسح.
ــ ضرورة وضع الحكومة إستراتيجية متكاملة لمساعدة المهجرين والنازحين على العودة إلى مدنهم وقراهم، بما في ذلك حل النزاعات القانونية الناشئة، وبالأخص نزاعات الملكية التي تنشأ جرّاء عملية إعادة الإعمار.
ــ إنشاء نظام صحي شامل ومتطور وفعال يضمن حصول الفئات المتضررة على الرعاية الصحية المتكاملة وما يستتبع ذلك من عمليات إعادة تأهيل للمرافق والنظم الصحية.
توصيات إلى حزب الله
ــ على حزب الله أن يؤكد علناً تقيده بقواعد القانون الدولي الإنساني، والإعلان انه سيتخلى عن استهداف المدنيين في أية ظروف.
ــ على حزب الله أن يدرب مقاتليه على مستلزمات القانون الدولي الإنساني، وإعلام مقاتليه عن احتمال المقاضاة الجنائية بسبب خرق هذا القانون، واتخاذ كل الإجراءات الضرورية لضمان مطاوعة القانون في المستقبل.
توصيات إلى مجلس حقوق الإنسان
ــ إن المجلس الذي أوصى بالتحقيق في انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في لبنان، يجب أن يتحقق أيضاً من الهجمات التي شنها حزب الله بسبب أثرها البالغ على السكان المدنيين في شمال إسرائيل.
ــ إن استخدام حزب الله المفرط لصواريخ الكاتيوشا المجهزة بكرات حديدية صغيرة قاتلة على المناطق المأهولة بالسكان، يمثّل خرقاً واضحاً للقانون الإنساني. وينبغي تحديد إذا كانت أعمال القصف هذه جرائم حرب بناءً على الأدلة المفصلة، وهو أمر لم نستطع التأكد منه.
ــ من الواضح أن حزب الله استخدم بعض المنازل والمنشآت المدنية لإخفاء أنشطة عسكرية أو التكتم عنها، لكن المعلومات التي قدمت لنا في هذا الشأن بعيدة عن الصياغة في سياق متماسك ومنهجي. إن أي تحقيق في هذا الموضوع من المجلس، يجب أن يأخذ بالحساب، إذا كانت هذه الممارسات قد أدت إلى استخدام المدنيين دروعاً بشرية.
ــ على المجلس أن يوصي بضرورة إضافة القنابل العنقودية إلى لائحة الأسلحة المحظّر استخدامها تحت القانون الدولي.
توصيات إلى لجنة تقصّي الحقائق
ــ التحقيق الدقيق في أعمال القصف من الجانب الإسرائيلي التي استهدفت منشآت مدنية ومستشفيات وسيارات الإسعاف، ومقدار اعتبار هذه الإعمال جرائم حرب.
ــ التحقيق المعمق في إطلاق إسرائيل الكثيف للقنابل العنقودية قبل ساعات من وقف إطلاق النار، ومدى تأثير ذلك في حياة المدنيين في المستقبل.