طرابلس ــ فريد بو فرنسيس
منذ نشأته في مطلع خمسينيات القرن الماضي، شكّل المستشفى الحكومي في منطقة القبة بطرابلس، مركزاً صحياً هاماً وضرورياً لأبناء الفيحاء والشمال. ومن أسباب ذلك، انعدام وجود المراكز الصحية الحكومية في سائر مناطق الشمال ومنها طرابلس، وندرة وجود المستوصفات المجانية في المدينة والمناطق، واقتصار الطب المجاني من معاينات وجراحات بسيطة، على أطباء، نذروا أنفسهم ووضعوا إمكاناتهم بتصرف المواطنين، يعالجون ويطبّبون من دون أجر في غالب الأحيان، وحوّلوا عياداتهم الخاصة إلى مراكز لتقديم سائر الخدمات الاستشفائية والصحيةغير أن المستشفى الحكومي في القبة، سرعان ما توقف عن العمل مع اندلاع حرب السنتين، واشتعال المعارك من حوله وسرقة تجهيزاته، إلى جانب الدمار الذي لحق ببعض أقسامه التي كانت قائمة آنذاك.
ورغم أعمال الترميم التي جرت في مراحل مختلفة، بقي الشلل السمة البارزة لهذا المرفق الصحي، إلى أن تم أخيراً المباشرة باستقبال المرضى في العيادات الخارجية. وهو أمر ترى فيه مؤسسات المجتمع الأهلي بطرابلس خطوة تبقى ناقصة إذا لم يتمّ تعزيزها، بمباشرة العمل في أقسام أساسية مثل الجراحة والتوليد وسواها.
فالمواطن جميل عبد الرزاق (55 سنة) الذي صادف وجوده في الأيام الأولى في المستشفى قال لـ«الأخبار»: «جئت لإجراء فحوص صدرية ولأستفيد من التجهيزات الحديثة في الكشف الطبي، ولكن ماذا أفعل وقد طلب مني الطبيب إجراء عملية جراحية؟».
مواطن آخر التقينا به أيضاً في المستشفى الحكومي بالقبة، يدعى بسام الجزار (70 سنة)، يقول: «حتى الآن لا يزال المستشفى مثل أي مستوصف. وأي مريض بإمكانه الذهاب الى أي مركز صحي مجاني من دون أن يتكبد مشقة الانتقال الى القبة من أماكن بعيدة. لذلك، من الضروري الإسراع في افتتاح أقسام الجراحة. وما يهمّنا نحن الفئات الشعبية وجود مستشفى للجراحة والطبابة بشكل ينقذنا من الكلفة العالية للمستشفيات الخاصة، حتى لو كان ذلك على حساب وزارة الصحة، فهناك ألف باب وباب لتحميل المريض أعباء مالية إضافية بغياب الرقابة وذكاء إدارات هذه المستشفيات في تمرير هذه التكاليف الإضافية على حساب المريض».
من جهته، قال مدير المستشفى ناصر عدرة لـ«الأخبار»: «بدأ العمل في المستشفى منذ حوالى أسبوعين، ورغم وجود فريق طبي متخصص وجيد إلا أن الإقبال على هذا المستشفى لا يزال ضئيلاً، مع توفر كافة العيادات الخارجية اللازمة، من أنف، وأذن، وجراحة أعصاب، حنجرة، مسالك بولية، قلب، جراحة، نسائية... وغيرها من الاختصاصات».
المستشفى الحكومي في طرابلس ما زال في بداية طريقه، بحسب عدرة، ويستلزم شهرين على الأقل للقيام بخطوات أخرى. فهناك أقسام يلزمها تجهيز بشكل سريع نظراً لأهميتها في حياة المريض، وهذا يخضع لفترة من الإعداد والتدريب والتجهيز مثل أقسام التعقيم، الولادة والأطفال، وهذه الأقسام ستفتح تباعاً. أما الأشعة فتشمل كافة أنواع الفحوص المخبرية.
وما ينقص المستشفى هو قسم جراحة «القلب المفتوح» وسيتم التعامل مع مستشفى رفيق الحريري الحكومي في بيروت. وقد تمت دراسة الخطوات مع إدارة مستشفى بيروت من أجل التنسيق في كيفية تحويل مرضى القلب الذين هم بحاجة الى عمليات قلب مفتوح الى المستشفى الحكومي في بيروت. كما سيكون هناك تعاون مع كافة المستشفيات الحكومية، وسيكون المستشفى الحكومي في طرابلس هو المستشفى المركزي. في الشمال.
وعن قسم الحروق، قال عدرة «هو قسم مكلف جداً لناحية التجهيزات. وفي غالب الأحيان لا يأتي بأية أرباح للمستشفى، ولكن بدافع إنساني سنفتح هذا القسم في وقت لاحق، بعد تشغيل الأقسام الأكثر ضرورية، وإن قسم الحروق في المستشفى، مزوّد بمعدات حديثة، وهو من الأقسام القليلة في لبنان. ومن المتوقع خلال منتصف عام 2007 أن تفتح 80% من أقسام المستشفى».
مستشفى طرابلس الحكومي هو ثاني أكبر مستشفى في لبنان، بعد مستشفى بيروت الحكومي، فهو يحوي 220 سريراً. وإن ملاك المستشفى الأقصى يبلغ 305 موظفين، وقد تم حالياً توظيف نحو 30 شخصاً ممن فازوا في امتحانات مجلس الخدمة المدنية. وستكون كلفة الاستشفاء على نفقة وزارة الصحة، يدفع المريض 5% من قيمة الفاتورة، فيما تساهم إدارة المستشفى بدفع 10% من التكاليف، أما المرضى من غير اللبنانيين فيكون الاستشفاء على نفقتهم.