عمر نشابة
إنّ السياسة المبنية على تأمين المصلحة العامّة لا بدّ أن تؤمّن المصالح الخاصّة والفردية في الأنظمة المثاليّة.
في لبنان ولاء للقيم والمبادئ الخاصّة (private loyalties) من جهة، وولاء للمصلحة العامّة (public loyalty) من جهة أخرى.
القيم الخاصّة تحدّد من خلال الطائفة أو المذهب أو الحزب أو المنطقة أو التيار السياسي أو الـ«دوغما» أو المكاسب المادية الخاصّة أو المكاسب السياسية الخاصّة ويحدد على أساسها «البرنامج» السياسي والانتخابي. من جهة أخرى، إن القيم المرتكزة على الولاء للمصلحة العامّة تحدّد من خلال البحث عن مصالح الدولة والمواطنين على حدّ سواء، وعلى أساس براغماتي يتمتّع بالليونة السياسية بعيداً من التشنّجات والمنافسات الفئويّة، وبالتالي يصبح العلم والدراسات المعمّقة والأخذ بمستوى الكفاءات سيّد المناقشات في الندوة البرلمانية وفي مجلس الوزراء أو في أي إدارة حكومية وغير حكومية.
يسود في لبنان نظام ديموقراطية «الأكثرية» لكن يبدو أنّ الأكثرية، من أهل الحكم ومن أهل المعارضة، هي من الموالين للقيم الخاصّة. والأقلّية من أهل الحكم ومن أهل المعارضة هي من الموالين للمصلحة العامّة.
إن تأويل المصلحة العامّة على كلّ المصالح الأخرى أفضل طريقة لتأمين حقّ الإنسان بالمساواة والعيش الكريم والآمن لأن المصلحة العامّة تقتضي توفير الخدمات الأفضل للمواطنين من الضمان الاجتماعي والإنماء والإعمار وعودة المهجرين الى الأمن والكهرباء والمياه والاستشفاء وغيرها من الخدمات العامّة.
يحتاج لبنان الى إصلاح الوضع القائم بتقديم المصلحة العامّة وتفضيل حقوق المواطنين على أي مصالح أخرى حتى ولو كان ذلك يعني خسارة منافسة خاصّة أو منصب أو موقع سياسي داخلي. فعندما يشعر المواطن أن الدولة تحترم حقوقه وتدافع عنها، سيعمل على حمايتها ويدعم مقرراتها ويشارك في إنهاض البلد وتعزيز المؤسسات بشكل فاعل وديناميكي. لذلك كلّه، لبنان بحاجة ماسّة إلى برنامج تعليم الحقوق ليس فقط في المدارس الابتدائية والثانوية والجامعات والمعاهد التربوية التعليمية بل أيضاً في جميع مؤسّسات الدولة بما فيها الإدارات الرسمية والقوى الأمنية. وعلينا تفعيل الإعلام بما فيه الصحف والتلفزيون والإذاعة والأنترنت لتوعية الناس على حقوقهم وواجباتهم.