صيدا- خالد الغربي
على بعد عشرات الأمتار من حاجز للجيش اللبناني، عند المدخل الشمالي لأكبر التجمعات الفلسطينية في لبنان (مخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا)، تسمّر ثلاثة شبان من حركة فتح أمام جهاز التلفاز لتقصّي الأنباء الواردة من الداخل الفلسطيني في ظل احتدام الموقف وتفجّره.
وبحكم انتمائهم، راح هؤلاء يكيلون سيل الاتهامات لحركة «حماس»، معتبرين أنّها افتعلت الأحداث على قاعدة فشلها في حماية الشعب الفلسطيني، كما قال أحدهم الذي يعرّف عن نفسه بأنه محمود حوراني «أبو الثوار». وتعهّد فتحاوي آخر بـ«أننا لن ندعهم (ويقصد حماس) يرتاحون مهما كلف الأمر»، قبل أن يتدخل قائدهم أبو مجاهد مذكّراً إياهم «بأننا في شهر رمضان المبارك وعلينا أن ندعو لفك كربة شعبنا وحقن الدماء».
غير أن صورة ما يبديه هؤلاء لا تعكس رأي أبناء المخيم الذين يعدّون الاقتتال الفلسطيني الداخلي، بمعزل عن أسبابه وعمّن بدأه، طعناً لكل النضال الفلسطيني وقضيته. لذلك صب معظم هؤلاء جام غضبهم على «معارك الأعدقاء» وحرب «أخوة السلاح» بين حركتي «فتح» و«حماس»، معتبرين أن استمرار هذه العبثية يعني القضاء على المقاومة وولوج حرب أهلية يخطط لها أعداء فلسطين.
ويقول أحمد عوض الذي كان يشق سيره وسط زحام سوق الخضر، إن ما يحصل جريمة كبرى بحق فلسطين ولا نعرف ما الذي يدفعنا الى قتل بعضنا بعضاً. هذا مسلسل عبثي وإذا كان ما يحصل سببه النزاع على السلطة فهذا مسيء ومعيب، ولن نقبله. وكل ما نتمناه هو وقف هذه العبثية والتفرغ لمقارعة الاحتلال. ورأى أن الدول العربية هي التي تعمل على تغذية الصراعات الفلسطينية الداخلية وتأجيجها خدمة للمشروع الأميركي ــ الإسرائيلي.
وتعبيراً عن إدانة ما يحصل من اقتتال دموي، أطلق عدد من الشبان الفلسطينيين في المخيم «صرخة» لوقف الاقتتال واعتماد الحوار. وعمد العشرات من أعضاء اتحاد الشباب الديموقراطي الفلسطيني «أشد» المقرب من الجبهة الديموقراطية، الى تخطيط اللافتات التي تدعو الى عدم الوقوع في الفخ، تمهيداً لرفعها في شوارع المخيم. ومن شعارات «أشد»: «فلسطين فوق الجميع وأوقفوا العبث بمصيرها ومستقبل شعبها».
وقال مسؤول الاتحاد عاصف موسى، إن ما نفعله هو صرخة احتجاج لوقف النزيف الداخلي، وقد نلجأ الى تصعيد حركتنا من أجل وضع حد لما يجري في الداخل، خصوصاً أننا نحن اللاجئين يعنينا الأمر كثيراً. وقال: يجب ألّا تذهب الدماء هدراً وفي الزواريب الداخلية.
ويواكب عشرات الفلسطينيين تفاصيل ما يحصل عبر شاشات التلفاز وسط حرقة و«غصّة». ويحمّل الشارع الفلسطيني الطرفين المتقاتلين المسؤولية. وأشار أبو يوسف الشمالي الى مسؤولية المتقاتلين «أمام الله والتاريخ» الذي لن يرحمهم، بينما دعا محمد الصالح حركة «حماس» الى ترك السلطة والعودة الى خيار الجهاد، وألا تستدرج الى فخ الفتنة لكي تبقى بتاريخها المشرّف الناصع.
وينتقد محمد اليوسف الطرفين: «لا فرق بين الاثنين، فكلاهما يصارع من أجل السلطة والمال»، داعياً الى تحرك ينقذ فلسطين من شرور فوضى السلاح والتقاتل الاخوي.