منهال الأمين
محالّ ومقاهٍ بدّلت أسماءها من وحي المناسبة

ما زالت الاسماء تطبع، بحسب كل حقبة تاريخية وظروفها، النشاط العام لأي منطقة تشهد احداثاً معيّنة، أو تمرّ بظروف كالتي مر بها لبنان أخيراً.
ففيما يبدو اسم الوعد الصادق بالنسبة إلى البعض عنواناً كوارثياً قياساً بما «جرّته» العملية التي حملت هذا الاسم على البلد من ويلات ودمار، فإنه في الضاحية الجنوبية (وأخواتها المدمرات)، يشبه نفسه تماماً. اذ يتخذه أهلها، وهم الاكثر تأثّراً بـ«الكارثة»، عنواناً صريحاً وماركة مسجلة لمؤسساتهم ومنشآتهم التي جدّدوا العمل فيها بعدما نفضوا عنها الغبار، واستعادوا من جديد روح منطقتهم التي يحلو لهم أن يطلقوا عليها اسم «نيو ضاحية»، واعدين انفسهم، او موعودين بأنّ الضاحية سيعاد بناؤها.
شأن المئات من اصحاب المحال التجارية في الضاحية، كان محمد صبرا منكباً طوال اسبوعين بعد وقف العدوان على إعادة تأهيل محلّه (play station2) الواقع في محيط جامع بئر العبد. أنجز صبرا اعمال الصيانة، وبقي عليه وضع لافتة على مدخل الزقاق المؤدي الى محله ليعلن معاودة استقبال الزبائن. فدارت الخيارات بين «رعد» و«خيبر» و«زلزال» و... الى أن لمعت في رأسه فكرة الوعد الصادق، اسما جديداً لمحله المتجدد. وفيما لا ينكر محمد أن الاسم كفيل بجذب الناس، فإنه يؤكّد أن الدوافع لها علاقة بانتصار المقاومة التي يؤيدها من كل قلبه، وحيث تمثّل عملية الوعد الصادق احدى اهم محطات الانتصار.
وليس معلوماً من كان صاحب السبق إلى اختيار الاسم، الا ان الامر تكرر مع المركز الصحي للغذاء، في شارع عبد النور، الذي تحول بعد الحرب الى «سوبر ماركت الوعد الصادق». ويقول صاحب المحل إن الامر عرض عليه من قبيل المزاح في بداية الأمر، إلا انه عاد وقرر أخذها بجدية بعدما شجعه الخطاط الذي كان ينجز له اللوحة المضيئة.
ولعل الاسم ايضاً كان ملهماً لمتعهد اعمال صيانة وديكور، فأطلق على شركته الخاصة هذا الاسم دلالة على الدقة في التنفيذ وتلبية الطلبات. فانتشرت في الضاحية أخيراً ملصقات إعلان لـ«تعهدات الوعد الصادق» التي تؤمّن خدمات «ترميمية»، موجّهة الى اهالي الضاحية.
كذلك لوحظ بروز اسماء ومصطلحات جديدة ربما ساهم إعلام حزب الله في استلهام بعض شعاراتها من خلال البوسترات العملاقة التي انتشرت بعد العدوان في معظم مناطق لبنان: فنجد مثلاً، نيو ضاحية، أو the victory gym (نادي الانتصار للياقة البدنية)... ونستعيد هنا موجة الاسماء المشتقة من التحرير والانتصار التي اعقبت التحرير عام 2000، فكان مطعم التحرير ومحطة النصر واستراحة القدس وشارع المقاومة ومستشفى الاستشهادي صلاح غندور. الجدير بالذكر أن معظم هذه الاماكن شهدت معارك ضارية في حرب تموز الاخيرة. فعلى سبيل المثال، استشهد صاحب مطعم التحرير في بنت جبيل وشريكه السابق.