ما هي الاحتمالات الممكنة لتطور الصراع للسيطرة على «المؤسسة اللبنانية للإرسال» بين كل من رئيس مجلس إدارتها ومديرها العام بيار الضاهر، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع؟
أوساط مواكبة للقضية تجزم بأن أمراً واحداً يبدو مؤكداً، هو أنه لا مصلحة للطرفين بالوصول إلى خيار التقاضي القانوني. وتفصّل أن الضاهر الذي بنى هذه الإمبراطورية الإعلامية يبدو الأحرص على استمرارها وديمومتها، وهو يدرك أن الوصول بها إلى المحاكم يشكل نوعاً من إعلان موتها البطيء.
وهو لذلك قد يبدو، منذ نحو عام، كمن يعض على جرحه مع معرفته بأنه بات في موقع الخاضع للابتزاز، بدافع تشبثه بديمومة المؤسسة واقتناعه بكونه «أم الصبي»، الرافضة لحل قتله بالفسخ أو بالاقتسام، كرمى لادعاء أو طمع أو مزعم.
أما من الجهة المقابلة فتكشف الأوساط نفسها أن معركة جعجع القانونية للسيطرة على المحطة خاسرة مئة في المئة. فمن ناحية الأصول والممتلكات وأموال التأسيس، تظهر القيود الدقيقة التي في حوزة المؤسسة، أن الضاهر سدد ما على محطته حتى الفلس الأخير، قبل أعوام طويلة.
وتستدل على صحة هذا المعطى بما حصل قبل أكثر من ستة أعوام، حين حاول أحد معاوني جعجع السابقين استدراج غازي كنعان إلى معركة قانونية على ملكية «إل بي سي»، استناداً إلى سندات مالية قديمة، غير أنه سرعان ما تبين أن هذه السندات سددت كاملة.
وتستدل الأوساط نفسها على سلامة الوضع القانوني للمحطة، باضطرار حزب الكتائب إلى القبول بمخالصة قانونية مع الضاهر، أجريت قبل عام 2000، وانتهت بتقاضي الحزب مبلغ نصف مليون دولار بدل ملكيته، وهو ما كان عائداً للمؤسسة قبل تأسيسها الثاني عام 1985. لكن السبب الأبرز الذي يجعل معركة جعجع ضد «إل بي سي» خاسرة قانونياً، هو ما تكشفه الأوساط نفسها من أن ثمة قاعدة سرية كان جعجع يطبقها طوال الأعوام التي سبقت اعتقاله، لإدارة الممتلكات المنقولة وغير المنقولة العائدة للقوات اللبنانية، وتقضي بتسجيل هذه الممتلكات بأسماء أشخاص حقيقيين، لا باسم «القوات»، على أن يتلازم ذلك مع توقيع هؤلاء على تنازلات عما سجل بأسمائهم. وغالباً ما كانت هذه التنازلات مغفلة، أو على بياض، علماً بأن بعضاً منها تم التصرف به لاحقاً من قبل بعض «الأقرباء»، وهو ما تملك جهات حزبية مسحاً كاملاً له.
لكن اللافت في قضية التلفزيون، أنه عند تأسيسه صيف 1985، ونظراً إلى كون الشركة المؤسسة لا تملك شيئاً فعلياً، ولا موجودات ذات قيمة لديها، تم التعامل مع وضعها القانوني بشيء من التساهل، فيما يرى البعض الآخر أن ذلك عائد تحديداً إلى علاقة الثقة التي كانت قائمة بين جعجع والضاهر آنذاك.
لكن النتيجة كانت أن الشركة الأم حملت أسماء ثلاثة مؤسسين هم: الضاهر، ومحامي الشركة سامي توما، والدكتور رئيف البستاني الذي تربطه بتوما صداقة وطيدة، وهو خارج لبنان منذ أعوام طويلة. والمفارقة الأكبر من كل ذلك، أن الثلاثة وقعوا يومها على التنازل المطلوب، لمصلحة كريم بقرادوني الذي كان يشغل يومها موقع مدير الدائرة الإعلامية في «القوات اللبنانية».
وتؤكد الأوساط نفسها أن هذا التنازل لا يزال موجوداً في ملف المؤسسة، وهو بالتالي يظل قابلاً للمحاججة عند أي مقاضاة قانونية من قبل أي طرف ثالث، وهذا ما يجعل مهمة جعجع في الاستيلاء على المحطة شبه مستحيلة قانونياً. فإما أن يهديها بذلك إلى الرئيس الحالي لحزب الكتائب، بصفته الشخصية لا غير، وإما أن يتوسل ممارسات قضائية، كالتي شكا منها جعجع نفسه أثناء محاكمته، وإما أن يفرض أمراً واقعاً من خارج القضاء والقانون تماماً كما كان الوضع في القديم المعروف من زمن المحطة ولبنان ما قبل الدولة.
(الأخبار)