نادر فوز
تزامن شهر رمضان هذا العام مع بداية السنة الجامعية. من الجامعات الخاصة ما تكيّف كافتيرياتها مع هذا الأمر، ومنها ما لا يتبدّل شيء في حياتها اليوميّة.
يعود ذلك إلى التركيبة الطالبية لهذه الجامعات، ومدى تنوّعها، إضافة للعادات التي التزمت بها إداراتها خلال السنوات السابقة


تقوم كافيتيريا الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) كالعادة في شهر رمضان بتقديم وجبات الإفطار للطلاب. كما تستمر في تقديم الطعام في كل أوقات النهار. لم تتأثر الكافيتيريا بشهر الصوم، إذ استطاعت استقطاب الطلاب الصائمين وغير الصائمين، كما يقول طوني، أحد المسؤولين عنها: «حتى في ناس بيجوا بيتغدوا وبيرجعوا عالإفطار بياكلوا عادي». وفي بعض «الحدائق»، تتوزع اللوحات الإعلانية لشهر رمضان «دعاء رمضان، إفطار المغرب».
ناجي من الطلاب الذين يأكلون وجبات عديدة خلال النهار؛ كان يتناول طعام الغداء، أو «وجبة خفيفة» كما قال لحين مجيء موعد «الأكل المزبوط وبعشرة آلاف بس». «ما بنطر تيفطر الكل، بلحّق حالي قبل ما تعجق»، يقول ناجيهناء كانت تنتظر حلول موعد الإفطار برفقة صديقاتها. يحاولن تمرير الوقت كي لا يشعرن بالجوع، على أنغام موسيقى لتوفيق فرّوخ تبثّها مكبّرات الصوت في الكافيتيريا! إحدى صديقاتها تعترف بأنها صامت أمس لأنها كانت مدعوةً على حفل إفطار؛ «أنا عادةً ما بصوم، بس صمت تفوت بالجو» تقول وهي تبتسم. صداقتها لهناء تمنعها جزئياً من الأكل، لكنها لا تمتنع عن شرب بعض جرعات من الماء من وقت لآخر.
يجلس أنور، من نادي المقاصد في الـ AUB، تحت لوحات إعلانية في ممرّ الـ«وست هول»، «إفطار الأيتام». يقوم هذا النادي بتحضير حفل إفطار للأيتام، فيبيعون بعض البطاقات للطلاب لعلّها تساعدهم في جمع أكبر عدد ممكن من الأطفال. «عشرة للطالب وعشرة لليتيم»، يقول أحد الشبان الجالسين بالقرب من طاولة العرض؛ لا يعتقد أنّ جمع المال هو المهم، «بل أن يختلط الطلاب بالأيتام».
أما كلية العلوم الإنسانية في الجامعة اليسوعية فتستقبل الطلاب والزائرين بمعرض (أو شبه معرض) للإرساليات اليسوعية والتعاليم التي تقدمها، بعيداً من الأجواء الرمضانية. تسير «حياة» كافيتيريا «Sodexho»، بشكل شبه اعتيادي، فيتهافت الطلاب خلال استراحات ما بين الصفوف لشرب القهوة أو لأكل بعض الوجبات السريعة. بالقرب من «الصندوق»، تسمع أحد موظّفي الكافتيريا: «قلت لك بدّي 124 قنينة، مش 100». التاسعة صباحاًَ، يبدأ بعض الطلاب بالخروج من حصصهم الدراسية للانضمام إلى مقاعد «Sodexho». منهم من يتوّجه إلى ماكينة القهوة، ومنهم من يطلب الكرواسان... لا «رهجة» لشهر رمضان في الكلية.
لا تجد كلارا أية مشكلة في تناول الطعام خلال رمضان، «بس المهم ما يكون حدا مدايق مني»، تقول وهي تشرب القهوة بعد حصة الصباح. لكنها تتساءل: «en principe حدا بيجوّع حاله؟». من جهة أخرى، تشعر حلا بعدم الراحة وهي تتناول الطعام؛ تنزعج من نظرات بعض الطلاب الصائمين خلال تناولها للطعام أو حتى حين تشرب المياه «في الصف».
في إحدى زوايا الكلية، يجتمع عدد من الطلاب؛ تغيب السيجارة والقهوة والنسكافيه... يبتعدون قدر الإمكان عن الكافيتيريا كي لا يثيرهم موضوع الأكل! «عم نتعوّد شوي بس يلّا شو منساوي»، يقول عبد الله. لا يكترث بما يأكله أو يشربه زملاؤهم «البعاد عن الجوّ»، فعبد الله يهتم فقط بنفسه؛ يقول: «ما بدّي ضايق حدا وما بدّي حدا يضايقني»، فيجلس بعيداً عن الكافيتيريا.
في «هوفلين» (Huvlein)، كلية «اليسوعية» الأقرب إلى السياسة والتحزّب، تبقى الأجواء بعيدة عن «رمضان». أجواء الكافيتيريا لا تزال هي نفسها. بعض الطلاب يلعبون الورق، أو يأكلون الطعام، أو يقضون استراحاتهم بتناول فنجان قهوة. أثار السؤال حول «رمضان» نقاشاً بين الطلاب؛ «حرية الإيمان والتصرّف من جهة، وحق الصائمين بنيل الاحترام». لم ينته النقاش إلا بعد أن غادروا.