أعرب رئيس جبهة العمل الاسلامي فتحي يكن عن «الألم» لرؤية الجماعة الاسلامية تنتقل الى «موقع غريب» عنها باصطفافها مع فريق 14 آذار، الا انه ثمّن المبادرة التي اطلقها امينها العام الشيخ فيصل المولوي بدعوته الى تشريع المقاومة. وتحدث يكن عن علاقته مع تيار المستقبل وكشف عن زيارته الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أخيراًبشيء من المرارة يستعيد الداعية فتحي يكن مشهد احد اركان الجماعة الاسلامية (النائب السابق اسعد هرموش) يعلن انضمامها الى الفريق الذي بات اسمه ملازماً للتاريخ المذكور. ما آلمه يومها ليس الخطاب الذي القاه الركن ولم يسمع وسط الضجيج، بل لرؤيته الجماعة الاسلامية، التي أسسها، في موقع غريب عنها.
من ذلك «اليوم الحزين» يبدأ «الشيخ فتحي» حديثه لـ «الأخبار» متوقفاً في محطات عدة ليستعرض علاقته مع تيار المستقبل، وخلافه مع قوى معينة في 14 اذار، ونظرته الى المقاومة وبطولاتها، وتفسيره لمواقف النائب وليد جنبلاط المتقلبة، وصولاً الى الغاية من لقائه الرئيس بشار الاسد نهاية الشهر الماضي، والذي سبقه اجتماع غير معلن مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
يقول يكن «ان الجماعة قامت على هوية واضحة وشخصية جدا بينة للقاصي والداني، وعلى منهجية عمل منذ الخمسينات وحتى هذه اللحظة. وأي خروج عن هذه المنهجية يمس اعماق نفسي وقلبي ومشاعري. هذه الجماعة كنت مؤسسها بعون الله تعالى، وكنت متابعا لها على مدار 24 ساعة في اليوم. الذي حدث في 14اذار عام 2005 يجب ان تسال عنه قيادة الجماعة اليوم، لماذا هذا الاصطفاف؟ قد يكون سهلا ان يكون الاصطفاف ضمن تيار المستقبل، لكن الاصطفاف ضمن «14 اذار» وما تحتويه من قوى وفصائل نعرف تاريخها واين كانت واين اصبحت أمر يدعو الى الاستغراب. لا شك ان قيادة الجماعة تتحمل هذا المشهد الذي ازعجني كما ازعج الساحة الاسلامية كلها. قد يهون الامر مع «تيار المستقبل»، لاننا قد نجد قواسم مشتركة مع هذا التيار، لكننا لن نجد قواسم مشتركة مع بعض الفصائل وفي مقدمها طبعا القوات اللبنانية.
ويعزو يكن اسباب التباعد بينه وبين الجماعة الى عام 1992 عندما خاضت الجماعة الانتخابات النيابية. «واعتقد ان هذا التباعد ليس عميقا، فعندما تريد القيادة اعادة النظر في المواقف السياسية، يمكن الخروج من هذه المآزق. ثم هناك قضية التمايز في المواقف السياسية، فأنا ارفض ان اكون ضمن اطار سياسي متعدد الاوجه، لا يمكن ان اكون مع النقيضين في آن. اذا كان اختياري للمقاومة والعروبة والنهج العربي، فلا يمكن ان اجتمع مع 14 اذار».
ويضيف: «لا تربطني بسوريا اية مصالح شخصية واتحدى أياً كان ان يقدم دليلا على ذلك. سر العلاقة هو اني افتش عن الموقف العربي والوطني، الموقف الاميركي الان يُستقبل في كل مكان. ثماني دول عربية التقت بالامس للأسف وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس التي جاءت الى المنطقة من اجل مواجهة حماس واسقاطها ومن اجل مواجهة «حزب الله» ونزع سلاحه. ما الذي يجمع الزعماء العرب بهذه المخلوقة، هل نحن مع اسقاط حماس؟ هذا معناه اننا نقتل الديموقراطية التي يتبجح بها بوش. منذ عام 1948 لم تستطع كل الدول العربية ان تقف في مواجهة العدو الاسرائيلي الذي كان يعربد في كل مكان حتى جاءت المقاومة في لبنان وان كانت خلفيتها مذهبية معينة. والله لو كانت خلفية هذه المقاومة صينية او كوبية او فيتنامية، لكنت معها في مواجهة العدو الاسرائيلي. فاذا كانت مسلمة من مذهب اخر كما يحلو لهم ان يتشدقوا يصبح الامر كارثة؟!. اذا قامت مقاومة واستطاعت بحمد الله ان تسقط هذا الوهم القائل بان اسرائيل دولة لا تقهر، فهل اكون ضدها وادعو الى نزع سلاحها؟ هذا هو الواقع الذي يجعلني في خندق واحد مع كل من هو في هذا الاتجاه، وطبعا سوريا في هذا الاتجاه».
ويتوقف رئيس جبهة العمل الاسلامي عند ما يميز تيار المستقبل عن غيره آخذاً في الاعتبار ما صدر عن التيار من مواقف منتقدة للمقاومة، ويقول: «هناك قواسم مشتركة كثيرة يمكن ان تقوم بيننا وبين تيار المستقبل. احيانا تصدر عنه مواقف ترضينا، وآخرها قول النائب سعد الحريري انه لن ينزع يده من يد حزب الله. الخطاب السياسي يرتبط بظروف ومناخات معينة، وانا لا اريد ان ادين تيار المستقبل ادانة نهائية من خلال موقف واحد. وأعتقد ان هذا التيار لا يمكن له ان يخرج من بيئته ومن ثيابه العربية لانه ان خرج سقط لذلك لا بد من عودته الى سربه «. واشار الى انه يفرق بين فصائل 14 اذار «اذ ليست كلها على المسافة نفسها. هناك شخصيات مثل النائب بطرس حرب الذي لا يمكن ان يراهن على الخروج من عروبته وهو الموقع على اتفاق الطائف ولا يمكن وضعه في الخانة نفسها. للاسف ان ما جمع هؤلاء هو فترة انعدام الوزن التي حصلت بعد اغتيال الرئيس الحريري اذ وجدت بعض القوى الفرصة سانحة امامها لتطل بعد ان كانت معزولة لفترة طويلة، فركبت الموجة ولا اعتقد انها على وفاء للشهيد الحريري والشيخ سعد، انما تريد تحقيق اهدافها وقد حققت بعضها».
وأبدى يكن استغرابه وانزعاجه من مواقف النائب وليد جنبلاط تجاه المقاومة وسوريا قائلا: «جنبلاط كان على علاقة وطيدة مع سوريا قبل ان تكون لنا علاقة مع النظام السوري الذي كانت القيادات والجماعات السنية بعيدة عنه لفترة من الفترات. لماذا انساق؟ هل وجد انه اخطأ؟ اعتقد ان هناك سرا معينا لديه يجب ان يكشف عنه، فهذه ليست مواقفه ابدا». يرفض يكن القول ان الشارع السني ليس مع المقاومة، ويؤكد «ان المقاومة بدأت سنية مع الجماعة الاسلامية، قبل ان تبدأ مع حزب الله. نحن ما فتحنا اعيننا الا والسنة في طليعة حركة الجهاد. الشارع السني ليس ضد المقاومة، لكن هناك قوى معينة غرر بها او أُوغر صدرها بما يسمى احيانا بان خلفية هذا السلاح هي ضد الوجود السني، وبان ما يجري في ايران من تخصيب اليورانيوم وامتلاك السلاح المتقدم قد يستخدم ضد دول عربية سنية. هناك من يوقد النار ويسعى لتباعد المسلمين السنة والشيعة من ان يكونوا موقفا واحدا».
وحول ما تردد عن لقاء مرتقب بينه وبين الحريري اجاب: «عندما طرحت القضية في لقاء مع (وزير الداخلية بالوكالة) الدكتور احمد فتفت، كنت حريصا على ذلك وكثيرون كانوا على حرص، لاني واثق من ان هذا اللقاء يمكن ان يبدّد الكثير الكثير من الاوهام التي ادخلها المغرضون في العلاقة بيننا وبين الشيخ سعد. لم يكن لدي اي تحفظ، القضية هي عند الشيخ سعد ولقد تمنيت ان يكون اللقاء في منزلي في بيروت، فاذا كانت هناك دواعٍ امنية يمكن ان يتم اللقاء في المملكة العربية السعودية او في تركيا. القضية عنده اما انا فحريص على هذا اللقاء».
وكشف يكن انه التقى السيد نصر الله الشهر الماضي وتناول الحديث بينهما «الهم المشترك الذي نعيش اذ قلت للسيد حسن: ينبغي ان نوظف هذا الانتصار عربياً واسلامياً وعالمياً في مشروع اكبر بكثير من ان يكون لبنانيا، وهذا يرفع من شأن لبنان ودوره ويجعل من لبنان كله مقاوما. استغرب الكلام والتساؤل ومقولة لماذا يجب على لبنان ان يقاتل عن كل الدول العربية. ماذا علي اذا كنت استطيع وحدي في لبنان ان اكفي الامة شر هذا العدو وان اسقط قوة اسرائيل التي لا تقهر. هذا تاج يوضع على رأس لبنان. لقد طرحت توظيف الانتصار بان يكون هناك مشروع مشاركة حقيقية بين السنة والشيعة في اطار مشروع واحد مقاوم. وتطرقنا الى قضية الحكومة، ولم اجد لديه انه يهدف الى اسقاط (رئيس الحكومة فؤاد) السنيورة، بل يريد تشكيل حكومة بحجم هذا الانتصار. فكيف يمكن وصف ما حدث بالكارثة؟».
وتحدث يكن عن تفاصيل لقائه مع الرئيس بشار الاسد الشهر الماضي لافتاً الى ان اللقاء كان بطلب منه لانه (الاسد) لم يلتق اعضاء جبهة العمل الاسلامي. وقال: «كان اللقاء صريحا وواضحا، نسج الآخرون حوله ما يريدون. قالوا ان خلوة حصلت بعد اللقاء فيما كنت اول من خرج منه. انا اسعى دائما في اطار العمل الجبهوي ان يُسمع الاعضاء ويسمعوا. والرئيس الاسد بادرهم بطلب الاستماع الى ما لديهم. وقد نقلوا له ما يجري في لبنان وتحدثوا اليه بكل صراحة عن اسباب العداء لسورية والممارسات التي كانت تحصل. ولا أبالغ اذا قلت بأنه تقبل كل ما قيل وتوقف عنده وقال لهم اننا نعترف ان اخطاء كثيرة حصلت في لبنان وقد سودت وجهنا. كانت جولة افق من قبل كل اركان جبهة العمل الاسلامي وكانت جلسة مريحة جدا، لم تكن جلسة «تربيت على الاكتاف» بل جلسة عمل بكل ما للكلمة من معنى. لماذا يستغرب البعض ان سورية تريد الخير للبنان؟ ان كان هناك شر في لبنان فهو سيصيب سورية والعكس صحيح».
وعلى رغم موقفه السابق من الجماعة الاسلامية الذي استهل به حديثه حرص يكن على «قول كلمة الحق» اذ نوه بما صدر عن امينها العام في الكلمة التي القاها في حفل افطار الجماعة غروب يوم او من امس ودعا فيها الى تشريع المقاومة لتضم كل الطوائف اللبنانية وترعاها الدولة، واعتبر هذا الطرح «طرحاً متقدماً ومتميزاً ويتسم بالواقعية والحضارية خصوصاً انه يمثل العديد من الحالات المعتمدة في بعض الدول العربية التي تشابهت فيها امثال هذه الحالات». وتمنى يكن على الاطراف جميعاً سواء من خلال الحوار المشترك او من خلال المواقع التي يحتلها كل فريق «ان يبادر الى اعتماد هذه الصيغة التي تحتاج الى بعض التفصيلات والى التقنين». كما تمنى على الحكومة «ان تدرس هذه المبادرة وهذه الصيغة المتميزة وان تحيلها وفق الاصول الى مواقع القرار المختلفة» .