ما دام التفتيش القضائي له بصماته في كل ما يجري في القضاء، وخصوصاً عند استحقاق التشكيلات القضائية التي ترتكز أساساً على تقويم التفتيش لسلوكية القضاة ومناقبيتهم عند اختيار القاضي المناسب للمركز المناسب
إن هيئة التفتيش الرقابية لما لها من صلاحيات واسعة تبقى هاجس قضاة كثر، وخصوصاً الذين مثلوا أمامها أو أمام المفتشين العامين عندما ترد أي شكوى ضدهم، ويبقى هذا الأمر مصدر قلقهم عند كل تشكيلات أو مناقلات دائماً ما تكون محطة الثواب والعقاب من دون أن يعلموا أي من هذين الخيارين في انتظارهما.
وعن مصير الشكاوى التي ترد التفتيش، قال مصدر قضائي مواكب لعمل هيئة التفتيش القضائي وجهودها لـ“الأخبار” ان عشرات الشكاوى تصل للهيئة سنوياً في حق قضاة، ومئات الشكاوى في حق الموظفين القضائيين. وأشار المصدر الى ان أي من هذه الشكاوي لا تُهمل إطلاقاً، إنما تُحال إلى المفتشين العامين الذين يتحققون مما يتعلق بالقضاة، أما المفتشون فيتحققون من المخالفات المتعلقة بعمل الموظفين. ولفت الى ان المفتش العام يستمع الى المشتكي من القاضي ويدوّن المعلومات، ويطّلع على الملف الذي هو موضع الشكوى فإذا لم يجد أي شائبة يحفظ القضية من دون إبلاغ القاضي المشكو منه، أما اذا تبين أن ثمة شكوكاً يطلب من القاضي الحضور ويستوضحه ويطلب منه تفسيراً فإذا اقتنع المفتش العام بهذا التفسير ينهي الاستيضاح واذا لم يقتنع يفتح تحقيقاً رسمياً، واذا تعززت الشكوك نتيجة التحقيق تجتمع هيئة التفتيش القضائي وتتخذ قراراً إما بتنبيه القاضي أو بتوجيه اللوم له، أما اذا كانت مخالفة كبيرة تحيله الهيئة إلى المجلس التأديبي وعندها لا يتدخل التفتيش بتحقيق مجلس التأديب، ولكن اذا لم يقتنع التفتيش بالعقوبة يستأنف قرار التأديب امام الهيئة العليا للتأديب التي تلتئم برئاسة الرئيس الاول لمحكمة التمييز أو نائبه ـ النائب العام التمييزي ـ وتجري محاكمتهورفض المصدر القضائي الإفصاح عن عدد القضاة اللبنانيين الذين يُحالون سنوياً إلى مجلس التأديب، لأن ذلك يسيء الى القضاء ولأن قضاة لبنان بشكل عام يتمتعون بالكفاءة والنزاهة والاستقامة، وذكر ان ملاك القضاء الفرنسي يضم سبعة آلاف قاضٍ يُحال منهم أربعة قضاة إلى التأديب سنوياً، أما في لبنان فيُحال أكثر من ذلك مقارنة بالعدد الكبير للقضاة في فرنسا، وشدد المصدر على ان كل الاحالات التي تحصل في لبنان تترافق مع تكتّم شديد ليس حرصاً على القاضي المُحال للتأديب، بل على القضاء برمته، وعلى صون كرامته وسمعته وكي لا يكون عرضة للطعن والتشكيك.
وأشار المصدر الى ان التفتيش اتخذ عقوبات صارمة في حق مساعدين قضائيين ارتكبوا مخالفات، وان بعض هؤلاء صُرفوا من الوظيفة والبعض أُحيل إلى محكمة الجنايات ليحاكموا بجرائم جنائية ارتكبوها.
وعما اذا كانت رقابة التفتيش على أعمال المحاكم والدوائر القضائية تجدي نفعاً، أكد ان هيئة التفتيش اعتمدت منذ تعيين القاضي طارق زيادة رئيساً للهيئة قبل ست سنوات، أسلوب تفقّد المحاكم والاطلاع على الأحكام وسرعة البتّ في الدعاوى، وقد أثمر ذلك تقدّماً هائلاً في فصل آلاف الدعاوى، وهذا الأسلوب استمر بعد ترؤس القاضي محمد علي عويضة لهيئة التفتيش قبل سنتين.
(الأخبار)


بطاقة تعريف
يستند مجلس القضاء الأعلى في كل القرارات التي يتخذها بشكل أساسي الى تقارير هيئة التفتيش القضائية أو توصياتها لأنها هي الأوسع اطّلاعاً والأكثر معرفة ودراية بسلوك هذا القاضي أو ذاك. وتستمد الهيئة سلطتها من القانون المنصوص عليه تنظيم القضاء العدلي وتحديداً الشق المتعلق بتنظيم التفتيش وصلاحياته. وهذه الصلاحية لا تشمل الرقابة على القضاء العدلي فحسب، بل المحاكم الإدارية والهيئات التابعة لوزارة العدل وديوان المحاسبة والأقلام التابعة لها وكل القائمين بعمل ذي صفة قضائية في المجالس والهيئات واللجان وكتّاب العدل والخبراء ووكلاء الدفاع ومراقبي الصلح الاحتياطي.
وتعمل الهيئة بإشراف وزير العدل، وتتولى مراقبة حسن سير القضاء وأعمال القضاة وموظفي الأقلام وسائر الأشخاص التابعين لها، وتقوم بمهمة لفت نظر السلطات الى ما تراه من خلل في الأعمال وتقدم الاقتراحات الرامية الى اصلاح هذا الخلل، كما يتولى رئيس هيئة التفتيش شخصياً أو من يكلفه من المفتشين العامين تفتيش المحاكم بما فيها محكمة التمييز ومجلس شورى الدولة وديوان المحاسبة والمديرية العامة لوزارة العدل والتحقيق مع القضاة العدليين من الدرجة السابعة وما فوق، كما يقوم رئيس الهيئة بنفسه فوراً أو بواسطة من يكلف من المفتشين العامين أو المفتشين بالتحقيق في كل شكوى ترد إليه مباشرة أو عن طريق وزير العدل.
ويمكن لهيئة التفتيش استعمال جميع وسائل التحقيق للقيام بمهماتهم والاطلاع على جميع الوثائق والملفات والسجلات والاستماع الى من يرون استماعهم ضرورياً عند الاقتضاء، ويمكن لمجلس هيئة التفتيش أن يفرض عند الاقتضاء على الموظفين عقوبة التنبيه في حالات عرقلة أعمال التفتيش، كذلك يحق للهيئة إحالة القضاة والموظفين التابعين لمراقبتها على المجلس التأديبي ويسمح لهؤلاء بالدفاع أمام مجلس التأديب وتوفر لهم أسباب هذا الدفاع.
يعين رئيس هيئة التفتيش القضائي والمفتش العام بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل من بين القضاة العدليين ويمكن نقل هؤلاء الى إدارة أخرى بناء على طلبهم واقتراح وزير العدل بعد موافقة لجنة خاصة مؤلفة من رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس شورى الدولة ورئيس ديوان المحاسبة.
(الأخبار)