أمال ناصر
منذ أن وضع العدوان الإسرائيليّ على لبنان أوزاره، بدأ “حزب الله” بخوض مواجهة من نوع آخر لإزالة آثار العدوان. الدكتور بلال نعيم، معاون رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله»، يتحدّث لـ«الأخبار» عن هذه التجربة وعن النتائج التي أسفرت عنها حتّى الآن

أكّد معاون رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الدكتور بلال نعيم لـ“الأخبار” أن «حجم الدمار كان كارثياً ومهولاً يشبه مشاهد الحرب العالمية حيث دمرت منطقة بكاملها وانهارت مئات المباني بشكل كامل أو جزئي وسد الدمار كل المنافذ.
ولكن ما أدى الى تخطي هذا المشهد على المستوى النفسي، هو إحساس الناس بالانتصار والعزة والكرامة واستعداد حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصر الله للوقوف الى جانب الناس وإزالة آثار العدوان وإعادة الإعمار بأفضل مما كان، كل هذا خفف من وطأة وآثار الحالة الكارثية التي عاشها الناس».
وفي المقابل، انتقد نعيم تقاعس الدولة في عملية إعادة الإعمار وإزالة آثار العدوان الإسرائيلي، مؤكداً «ان الدولة لم تتحرك إلا بعد اسبوع من وقف العدوان الاسرائيلي. وكل ما قامت به حتى الآن هو تكليف وزارة الاشغال بإزالة الانقاض وتكليف صندوق المهجرين ومجلس الجنوب بمسح الأضرار. ولم تضع خطة للتعويض على القطاعات الانتاجية المختلفة سواء زراعية كانت او تجارية او صناعية.
ولم تشكل لجنة طورائ أو خطة طورائ للتعاطي مع حجم كارثة من هذا النوع. كما أن عدداً كبيراً من العمال فقدوا وظائفهم وأعمالهم نتيجة تدمير المصانع والمحال التي كانوا يعملون فيها. وباختصار، حضور الدولة ضعيف وعشوائي».
وأوضح نعيم أن «هناك 72000 شقة متضررة، و13500 وحدة سكنية مدمرة كلياً، و16000 وحدة بحاجة إلى ترميم في مختلف المناطق اللبنانية. أما في الضاحية الجنوبية، فقد اتخذ قرار بهدم 25 مبنى من أصل 164 لأنها لم تعد صالحة للسكن نتيجة تزعزع الأساسات. وهناك 40 مبنى ما زالت قيد الدرس لمعرفة اذا كانت تصلح للترميم أو بحاجة الى التدمير”. كما أعلن ان “هذا الموضوع سيحسم خلال الاسبوع المقبل. وستقوم شركة تابعة للدولة بتدمير هذه المباني ورفع ركامها”.
ولفت نعيم إلى أنّ خطّة إعادة البناء وضعت أثناء العدوان لا بعد وقف اطلاق النار “وإلا لتأخرنا كثيراً”. وقال: “كنا نراقب أثناء العدوان ما يحصل ونضع على الخريطة كل المباني التي تُدمّر. أما الناس الذين اصبحوا من دون مسكن فدفعنا لهم الأموال خلال 48 ساعة، وهو ما أذهل العالم. دُفع 12000 دولار لكل شقة في بيروت، و 10،000 في الجنوب والبقاع. أنجزنا «ملف الإيواء» بالكامل، ما عدا بعض الحالات الفردية”.
وأضاف: “قريباً، سننهي ملفّ الترميم لجهة دفع الاموال. ولقد أنجزنا دفع حوالى ثمانين في المئة منه وستقوم مؤسسة “جهاد البناء” بترميم المرافق المشتركة للمباني المتضررة والتي تصل الى مئتي مبنى. وحتى نهاية شهر رمضان، نكون قد أنجزنا عملية رفع الركام، بما في ذلك تدمير المباني التي تخلخلت أساساتها”.
وعن عمليات الإعمار في الجنوب والبقاع، يقول نعيم إنّ حزب الله يدفع التعويضات اللازمة كي يعمر كل شخص منزله كما كان تماماً. كما أعلن استعداد الحزب لدفع الفارق، بمعنى أنّه اذا كان هناك فارق بين المبلغ المدفوع من قبل الدولة والمبالغ المطلوبة لإعادة إعمار كل وحدة سكنية، فإنّ حزب الله سيتكفل بها: “لنفترض ان الدولة ستدفع أربعين ألف دولار، والمبنى يكلف مئة ألف دولار، سندفع نحن الباقي. أمّا القصور في الجنوب والبقاع فلا يمكن التعويض عليها بالطريقة التقليدية، باعتبار ان كلفة المتر أعلى بكثير، وتصل الى 600 و700 دولار. نحن سندفع الفارق، فإذا دفعت الدولة تكلفة 130 متراً فسندفع المبلغ الباقي بحسب تكلفة المتر”.
أمّا في الضاحية، “فلم يتخذ بعد قرار بإعادة الإعمار. هناك نقاشات بيننا وبين الحكومة حول هذا الموضوع، وقد تفاهمنا مع الدولة حول مجموعة أسس وثوابت لها علاقة باستملاك بعض الاراضي لإنشاء مواقف وحدائق على ملعب الراية ومعمل جبر، وقد وافقت الدولة على ذلك. الأمر الثاني يتعلّق بالمخالفات والتعديات على الحق العام، وستقوم الدولة بشرعنتها ضمن قانون خاص”.
وحول وجود عراقيل أمام إنشاء حدائق لأول مرة في الضاحية، يؤكّد «أن لا شيء يعرقل هذا الأمر إلا موضوع الاستملاك الذي سيزيد من كلفة إعادة الاعمار. هناك مجموعة عقارات يجب ان يتم استملاكها لمصلحة البلديات من خزينة الدولة او من اموال الدول المانحة».
وعن مصدر أموال الحزب، يبتسم قائلاً: «بعض الناس لا يصدق أن جل إمكانات الحزب هي من الاموال الشرعية، أي الخمس. معظم الشيعة في العالم اصبحوا يرسلون اموالهم للمقاومة بعد صعود نجمها. وبسبب قانون مكافحة الارهاب والحظر على اموال الحزب، يعمد الناس الى الدفع نقداً. والبعض يتحدث عن تبييض أموال، أموالنا نظيفة ولم تُرسل عبر البنوك.
وهناك أيضاً أمراء من الخليج يدفعون الأموال سرّاً لحزب الله». وماذا عن الدعم المالي الايراني؟ يردّ: «إيران تدعم بشكل أساسي مؤسسة الشهيد والإمداد. وستدعم المدارس والمستشفيات خارج الجنوب وتعبّد الطرقات وتبني جسر العاصي وبعض الجسور في الضاحية».
وعلق على كلام الرئيس الأسبق أمين الجميل الذي قال ان حزب الله يملك ميزانية تفوق ميزانية الدولة بالقول «هذا الكلام سببه الحسد أو الحقد أو الخوف. والله سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم “ويكثّركم في أعينهم”. نحن لا نملك امكانات لإعادة إعمار ما تهدم كليا، ولكن لدينا إرادة جلب الاموال لإعمار البلد. فلتقل الدولة إنها غير قادرة، عندها سنضطر لتحمّل المسؤولية كاملة”. وأشار الى “أن عملية إعادة الإعمار في الجنوب والبقاع تتطلب من تسعة أشهر الى سنة، وفي الضاحية من سنة ونصف إلى سنتين”.
وعن عدد المؤسسات التجارية والمصانع التي تضررت، قال “هناك أكثر من 6500 مؤسسة تجارية بين محل ومكتبة ومصنع وفرن وغيرها، ونحن نفرزها اليوم بحسب مستوى الخسائر. فالصغرى هي التي لم تتعدَّ خسائرها عتبة الـ50000 دولار، والمتوسّطة تصل إلى نصف مليون دولار، والكبرى تفوق المليون دولار. سنوزّع قريباً مساعدات لأصحاب المحال التجارية والمؤسسات التي تضررت. هناك كلام أوّلي وغير نهائيّ يقضي بتقديم مساعدة للمؤسسات الكبرى، إضافة لقرض ميسّر بفوائد قليلة من أحد المصارف حيث سنودع مبلغاً نكفل به مجموعة من أصحاب المصانع الكبرى”.