جورج شاهين
جدول أعمال لبناني وعربي والملف الداخلي “تحصيل الحاصل”

تكتسب زيارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري للمملكة العربية السعودية هذه المرة أهمية خاصة، توازي تلك التي قام بها في إطار زياراته المكوكية بين الرياض والقاهرة ما بين آخر كانون الثاني الماضي ونهاية شهر شباط، والتي مهدت لطاولة الحوار المستديرة التي بدأت أعمالها في 2 آذار الماضي، وقيل يومها إنها كانت في شكلها والمضمون “الغطاء العربي” الذي ظلل طاولة ساحة النجمة.
وإن كانت مصادر مطلعة على الكثير من المعطيات التي وفرت الدعوة الممهدة لهذه الزيارة، تجزم لـ “الأخبار” بأنها ليست لبري وحده، بل له وللأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي تحول الظروف السياسية والأمنية دون تلبيته لها، علماً بأن الشراكة بين الرجلين قد تجاوزت الشكليات إلى ما هو أعمق بعدما اتحدت الطائفة الشيعية وراءهما، ولذلك لم يعد هناك سقوف لجدول أعمال الزيارة كما أعلن قبلها، عندما قيل إنها لشكر المملكة على الدعم الذي قدمته للبنان في الحرب وما بعدها، إلى قضايا أخرى تتجاوز في أهميتها المظهر البروتوكولي إلى ما سمته مصادر مقربة من بري قبل الزيارة بساعات “المناخ الشيعي ــ السني” في المنطقة وانعكاساته على لبنان. بالإضافة إلى العلاقات اللبنانية الداخلية، وما بين لبنان والسعودية وتفصيلاً ما بين المملكة وحزب الله، لمعالجة الاهتزاز الذي أصاب العلاقة بين الحزب والمملكة في ضوء الموقف السعودي السلبي من عملية “الوعد الصادق” فور حصولها، والتبدل الإيجابي الذي طرأ لاحقاً على هذا الموقف.
كما سيتناول البحث موضوع العلاقات السورية ــ السعودية في ضوء الاتهام السوري بانتماء منفذي الاعتداء على السفارة الأميركية في دمشق إلى “ديوانية” أحد المشايخ السعوديين، وهو الاتهام الذي “توج” التردي في العلاقات بين البلدين.
وقالت المصادر لـ “الأخبار” إن بري الذي قدم هذه الزيارة على ما عداها من الزيارات المقررة له عربياً يعلق عليها الكثير من الأهمية، وكذلك الجانب السعودي الذي مهد لها باتصالات ولقاءات في القاهرة مع القيادة المصرية ومع رئيس كتلة تيار المستقبل النائب سعد الحريري، الذي زار السعودية ليل الخميس ــ الجمعة الماضي والتقى الملك عبد الله وكبار أعضاء القيادة، فضلاً عن اتصالات سفير الرياض في لبنان عبد العزيز الخوجا بالعديد من الزعماء والمسؤولين اللبنانيين من كل الأطراف.
وكشفت المصادر أن موضوع التغيير الحكومي لن يكون له الأولوية في جدول أعمال بري لأكثر من سبب: أولها أن هذا الأمر ما زال مصدر الخلاف الرئيسي بين اللبنانيين، ولم تتوافر الظروف الموضوعية لبت هذا الملف سلباً أو إيجاباً على الأقل في المدى المنظور.
وإن كانت التوقعات تعطي شهر رمضان كمهلة للبت، مما حوله “شهر الهدنة”, إضافة إلى أن لدى بري رأياً في هذا الشأن يقول إن بقاء الحكومة الحالية شرط أساسي لتوفير ما تقرر تقديمه للبنان من مساعدات عربية ودولية، ولا يجوز التلاعب بهذا الملف الحيوي لمواجهة آثار العدوان الإسرائيلي.
وتستطرد المصادر أنه، إذا طرح أمر الحكومة على رئيس المجلس، فسيشدد على أهمية قيام حكومة وحدة وطنية لمواجهة الاستحقاقات الداخلية، ولا سيما ما يتصل منها بدخول لبنان عام الاستحقاق الرئاسي، وإن استمرار الفرقاء على مواقفهم المتخاصمة راهناً لن يوفر النصاب القانوني لعقد جلسة انتخاب الرئيس العتيد، لأن الأكثرية الحالية أكثرية عددية وليست دستورية.
أضف إلى ذلك أن موضوع التبديل الحكومي لا يقف عند حدود التفاهم بين بري ونصرالله من جهة والاكثرية من جهة أخرى. فلرئيس الجمهورية العماد اميل لحود دور في هذا الأمر ولا يعتقد أنه بالامكان الوصول إلى قاسم مشترك يحسم مواضيع الاستقالة واستشارات التكليف فالتأليف بالسهولة التي يعتقدها البعض فهناك ملفات داخلية واقليمية تحول دون ذلك عدا عما يترقبه من ترددات اعقبت وصول القوات الدولية المعززة الى لبنان ولا يمكن لأحد ان يتجاهل الجدل القائم اليوم حول مهامها وآلية عملها.
وفي حال إعلان بري في نهاية الزيارة أنه في طريقه من الرياض إلى دمشق، فهذا يعني أن “أمراً إيجابياً قد تحقق على المستوى العربي وأن الإيجابيات اللبنانية ستكون حينذاك من تحصيل الحاصل”.
وكان الرئيس بري قد توجه الى السعودية أول أمس السبت على متن طائرة ملكية سعودية خاصة أقلته والوفد المرافق والسفير السعودي في لبنان عبد العزيز خوجة إلى جدة.
وكان في استقباله في مطارها الأمير مقرن بن عبد العزيز شقيق الملك السعودي ورئيس الاستخبارات السعودية العامة وعدد من المسؤولين الكبار.
وأمس أدى الرئيس بري والوفد المرافق مناسك العمرة.