عمر نشّابة
مؤسسة قوى الامن الداخلي في لبنان هي المؤسسة الرئيسية المعنية بحفظ النظام وتوطيد الامن وحماية الاشخاص والممتلكات والسهر على تطبيق القوانين و«حماية الحريات» و«تأمين الراحة العامّة» كما ينصّ قانون تنظيم قوى الامن الداخلي (القانون 17). وتمرّ المؤسسة حالياً بإحدى أهمّ وأدقّ المراحل في تاريخها.
لا يختلف أحد على أن البلد مقسوم سياسياً ويتصارع قطبان اساسيان على النفوذ في المؤسسات الرسمية بما فيها قوى الامن الداخلي، وتوظّف الاحداث الامنية لخدمة التحرّكات والمواقف السياسية. ويتعطّل عمل المؤسسات ويزيد التشنج وتتفاقم الازمة. أكيد أن هناك ضباطاً من قوى الامن يحاولون ايجاد طريق سليم في حقل ألغام السياسة. ويسعون الى الابتعاد عن القوى التي تحاول تحويل المؤسسة الى جهاز يستخدمه البعض لأهداف خاصّة. لكنهم يتعرّضون لضغوط من العيار الثقيل من خارج قوى الامن ومن داخلها. بينما يسعى مدير المؤسسة الى توازن بين تحييد قوى الأمن عن الصراعات السياسية والتوتّر المذهبي من جهة، والتقيّد بأوامر وزير الداخلية بالوكالة وتوجيهات مجلس الوزراء من جهة أخرى. وهذه مهمة في غاية الصعوبة لكن التحدي الأكبر يتعلّق بحسن عمل المؤسسة وطريقة تعاطي عناصرها وضباطها بعضهم مع بعض ومع المواطنين، ومدى انضباطهم المسلكي وتقيّدهم بالقانون وإصرارهم على الحياد والنزاهة.
تمكنت قوى الامن الداخلي بعد الحرب من اعادة تجهيز الدرك الاقليمي والقوى السيارة وشرطة بيروت والشرطة القضائية وجهاز أمن السفارات والادارات والمؤسسات العامة ومعهد قوى الامن وبنائها وتطويرها، ونجح مجلس القيادة في دفع المؤسسة الى الامام واعادة بسط سلطتها وتفعيل دورها.
ان أحداث الاسبوع الماضي الدموية وأعمال العنف التي وقعت في الضاحية الجنوبية لبيروت مناسبة لبحث أداء قوى الامن الداخلي ومدى التزام عناصرها وضباطها القانون الذي ينصّ: «على رجال قوى الامن الداخلي عندما يمارسون صلاحياتهم الاكراهية اجتناب كل عنف لا تقتضيه الضرورة» (القانون 17 ــ المادة 225). ويعطي القانون رجال قوى الامن الحقّ في إطلاق النار «بعد أن يكونوا قد اتخذوا كلّ تدابير الحيطة واستنــــفذوا كافة الســـبل الأخرى غير استعمال الســــلاح» (المادة 221). فهل حصل ذلك؟
المديــــر اللــــــواء سيعمل على التحقّق من الامر، لا بــل ســــيقوم بأهــــمّ من ذلك وهو تهدئة الأمور وطمأنة الجميع إلى أنه سيقوم، كما في الماضي، باحتواء الحادث الامني للحؤول دون تحويله الى مادة تجاذب وصراع سياسي.