نادر فوز
«أعطِ الأجير حقّ أجره قبل أنّ يجفّ عرقه»... «مطلبنا رفع أجر ساعة العمل»... «مستقبل عائلاتنا في خطر!! من المسؤول؟»... لسنا في إضراب ينظمه عمال أحد المصانع في بدايات القرن العشرين، إنما أمام قصر الأونيسكو حيث أقامت أمس وزارة التربية والتعليم العالي «اليوم التضامني مع القطاع التربويلافتات كثيرة رفعها عدد من الأساتذة المتعاقدين في مرحلة التعليم الأساسي في اعتصام رمزي، عبّروا من خلالها عن مطالبهم المحقّة الي لم تقابلها إلا وعود وزراء التربية المتعاقبين على الوزارة.
منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، لم تأتِ الإضرابات والاعتصامات بالنتائج المرجوّة المتمثّلة بـ: رفع أجر ساعات العمل، تحديد موعد سنويّ ثابت لدفع المستحقات المالية، دفع بدل نقل، تأمين الضمان الاجتماعي، وتعديل القانون 442 للسماح لكل المتعاقدين الحاليين بالتقدم لمباراة الدخول. اندرج هذا العام مطلبان جديدان هما دفع عشرين في المئة من المستحقات المالية للعام الدراسي 2004ــ 2005، وكل مستحقات العام الماضي.
يؤكد الأستاذ ركان فقيه، رئيس لجنة المتابعة للأساتذة المتعاقدين، أنّ اعتصام أمس هو «رسالة للحكومة بأننا غير قادرين حتى على دخول المدارس في هذه الظروف». هذه الظروف يتحدّث عنها بشكل مفصّل بعض المعتصمين، ومنهم غنى التي تتساءل: «كيف فينا نجي عالمدرسة إذا ما معنا أجرة الطريق؟». وتعلن دارين استعدادها لعدم الحصول على مستحقاتها إذا قامت الدولة بدفع «كل الفواتير وتأمين الكهرباء ومياه الشفة وإيجار البيت وقسط الأولاد»، ثمّ تنتقل بعدها لتشير إلى التناقض بين الاحتفال والاعتصام، «إذا كفّينا هيك ما في عام دراسي جديد».
من ناحيته، يعتبر فقيه أنّ الاعتصام غير موجّه ضد احتفال وزارة التربية، بل للفت أنظار وزير التريبة لقضيتهم. وكان وفد من المعتصمين قد التقى بالوزير خالد قباني ورئيسة لجنة التربية النيابية النائبة بهية الحريري ورئيس منطقة بيروت التربوية محيي الدين كشلي، قبل بدء «المهرجان التربوي».
«نفس الأجر نحنا والسيريلانكية، بس نحنا بليسانس وهنّي بلا ليسانس»، تقول إحدى المعتصمات مشددةً على مبلغ الثمانية آلاف ليرة مقابل ساعة التعليم، إضافة إلى ضريبة الدخل (3 % من الدخل). حتى هذا الأجر المتدني يحصلون عليه «بالتقسيط الممل»، كما تقول إيناس، إذ تتمّ تجزئته بنسب مئوية، ولا يدفع بموعد محدد كل عام.
يؤكّد كلّ المعتصمين أنّه لا خلفية سياسية لهذا الاعتصام. منهم من يحسب نفسه خارج الانتماء السياسي كلياً، مضيفاً: «بدنا حقوقنا»، ومنهم من يقول: «نحن مع الكل، نحن مع الدولة»، علّ هذه العبارة تساعدهم في الحصول على مطالبهم.
بعد أن أنهوا اعتصامهم، دارت بعض النقاشات بين الأساتذة المتعاقدين وركان فقيه حول مقاطعة المهرجان أو حضوره. لكنّ رئيس اللجنة حسم الأمر: «صحيح زهقنا تضحيات بس مش هيك بتنحلّ الأمور»، مؤكّداً أنّ هذا المهرجان التربوي ليس للوزير فقط، بل لكلّ التعليم الرسمي.
حوالى ثلاثين أستاذاً متقاعداً مثّلوا عشرة آلاف آخرين في افتتاح العام الدراسي من خلال إضراب محق. ألا يدعو العدد الضئيل إلى التساؤل عن سبب غياب الآخرين؟