إبراهيم عوض
«العتب السعودي مستمر على سوريا... لكن الخشية تتعاظم إزاء تفجّر الوضع اللبناني»

ينظر مسؤولون سعوديون بقلق الى ما آل اليه الوضع في لبنان وما بلغته المواقف السياسية للقوى المحلية من تصعيد. كما يعربون عن تخوفهم من ارتفاع حدة التوتر في الشارع نتيجة الشحن المذهبي والطائفي والسياسي الذي شاهد اللبنانيون «عيّنة» منه على الأرض في «زاروب التمليص» ومباريات كرة القدم، والرمل العالي وكذلك من خلال لافتات رفعت في أكثر من منطقة، وفيها من طالب بالتسلح لمواجهة ما هو آت.
وتنقل شخصية سياسية لبنانية مرموقة عن مسؤولين سعوديين كبار التقتهم في الرياض أخيراً صورة تشاؤمية لمسار الأمور في لبنان إذا ما بقيت الخلافات والسجالات على ما هي عليه الآن، معربة في الوقت نفسه عن صعوبة إصلاح الجسم اللبناني اذا لم يعمد اللبنانيون الى اصلاح ما بأنفسهم.
ويقول مسؤول سعودي في هذا الإطار انه لا يبالغ اذا تخيل المشهد ذاته بعد مئة عام، أي خطابات نارية وتراشق بالاتهامات بين احفاد أحفاد من أبعدت بينهم السياسة اليوم.
وتفصح الشخصية السياسية اللبنانية عن مرارة لمستها في حديث المسؤولين السعوديين عن العلاقة بين المملكة وسوريا، وتشير الى استغراب سعودي للكلام الذي قاله الرئيس بشار الأسد خلال الحرب الاسرائيلية على لبنان لجهة وصفه بعض الحكام العرب بـ«أنصاف الرجال» رغم كل التوضيحات التي صدرت بعد ذلك لتصويب المعنى المقصود.
ويقول مسؤول سعودي انه لو سلمنا جدلاً بأن ما جاء في بيان المصدر السعودي عن «المغامرة غير المحسوبة» والذي أذيع مع بدء العدوان الاسرائيلي على لبنان لم يكن موفقاً، فهل تستأهل المملكة كل هذا الهجوم الذي شن عليها من قبل جهات وأطراف لبنانية ومعها الرئيس الأسد، وخصوصاً أنها عمدت بعد ساعات على صدور البيان المذكور الى إطلاق المواقف الداعمة للبنان ولمواجهة الحرب التي شنتها اسرائيل عليه، وكانت المبادرة الى مساعدته في كافة المجالات المادية والحياتية والانسانية والطبية والعمرانية لتعزيز صموده، معتبرة أن لا منّة في ذلك بل واجب تمليه الأخوّة العربية.
وتـــــؤكد الشخـــــصية السيــــاسية اللبــــــنانية فـــــي معرض تطرقها للعـــــــتب السعــــودي على الرئيس السوري أنها سمعت أكثر من مرة ومن قيادات لبــنـــــانية على خلاف مع دمشق تلقيها نصـــــائح سعــــودية بضــــرورة الابتعاد عن توتير الأجواء مع سوريا والعمل من أجل قيام أطيـــــب العلاقات بين البلدين مــــن منطلق أن وجود مثــــل هذه العلاقات كفيل بمعالجة الكثير من الأمور المشكو منها، وخصوصاً من قبل الفريق اللبناني المناهض لسوريا في الوقت الحالي.
وتفسر الشخصية السياسية اللبنانية مآخذ الرياض على الأسد بأنه يأتي وفقاً للمثل الشعبي القائل «العتب على قدر المحبة»، وقد عبرت عنه صراحة المصادر المطلعة على زيارة الرئيس نبيه بري الأخيرة الى السعودية بقولها: «ان الملك عبد الله شرح طبيعة العلاقة الأخوية الخاصة التي كانت تربطه بالرئيس السوري الراحل حافظ الاسد، وحرصه شخصياً وحرص المملكة على سوريا، الشقيقة وسلامتها».
وتتوقف الشخصية السياسية اللبنانية عند ذكر الملك عبد الله للرئيس السوري الراحل وحده، موضحة أن هذه الإشارة لا تحتـــــاج الى تفسير بل الى مبادرة يقوم بها «اللبـــــيب» لوصل ما انقطع بحيث تسهل على الرئيس بري مهمته المرتقبة في دمشق فتحصر بـ«تطبيع واحد» للعلاقات بين لبنان وسوريا لا بتطبيعين...
ولا تفوت الشخصية السياسية اللبنانية التأكيد على استعداد المملكة لبذل كل «التضحيات» من أجل خير لبنان وشعبه، متمنية في الوقت نفسه ألا يجري إقحامها أو التشويش عليها بواسطة أخبار تُقسِم بعدم صحتها على غرار ما نشر عن حضورها اجتماعاً سياسياً ـ أمنياً عقد في العقبة، شارك فيه مسؤول من المخابرات الإسرائيلية.
وفي هذا الإطار، استهل السفير السعودي عبد العزيز الخوجة تحركه أمس بعد عودته من الرياض حيث رافق بري في زيارته الى المملكة، فالتقى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في السرايا وعرض معه التطورات في لبنان والدعوات الى معالجة القضايا بالحوار، إضافة الى نتائج زيارة رئيس مجلس النواب الى السعودية.