فداء عيتاني
في خضم العدوان الاسرائيلي الأخير على لبنان، زار موفد للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله منزل الأمين العام للجماعة الاسلامية الشيخ فيصل المولوي. فضّل الموفد جلسة هادئة مع الشيخ، بعيداً من وسائل الاعلام، فأطلعه على مجريات الحرب، وروى له تفاصيل المواجهات التي كان رجال المقاومة يخوضونها، فبكى المولوي تأثـــّراً.
كانت مواقف الجماعة الاسلامية في الفترة التي سبقت العدوان، وبالتحديد منذ 14 شباط الماضي، جعلت كثيرين يعتقدون بأنها (أو على الأقل بعض أطرافها) باتت جزءاً من موقع 14 آذار.
وتروي مصادر اسلامية عربية متابعة أن الجماعة تعرضت لإغراءات كثيرة من هذا المعسكر للانضواء إلى صفوفه، على خلفية الجفاء بين الجماعة وسوريا والقوى المؤيدة لها في لبنان، فقد كانت الجماعة تأخذ على سوريا والرئيس إميل لحود تشجيعهما لجمعية المشاريع (الأحباش)، وتعتب على حزب الله وتحالفاته التي أفقدتها وجوداً نيابياً في البرلمان، فيما كان الحزب يردّ بأن بعض حلفائه بقوا ثابتين في موقع التحالف من دون أن يحصلوا على دعم انتخابي فعلي منه، بل إن بعضهم كانوا ضحية للتحالف الرباعي الذي دخله الحزب إبان الانتخابات. وأخذت الجماعة على الحزب دعمه مؤسسها السابق الداعية فتحي يكن.
في الأيام الأولى للعدوان، بقيت الجماعة على مسافة من حزب الله واكتفت بالعمل الإغاثي، ما أثار، بحسب المصادر نفسها، استغراباً شديداً لدى عدد من قيادات الاخوان في العالم، وفي مقدمهم المرشد العام للإخوان في مصر محمد مهدي عاكف. فأرسلت وفوداً الى الجماعة لتأكيد واجب الجهاد ضد اسرائيــــــــل الى جانب حزب الله، بصرف النظر عن تفاصيل الخلافـــــــــات اللبنانيـــــة الداخلية.
ولم تكن الجماعة بعيدة أساساً عن خط القتال ضد اسرائيل إذ إن «قوات الفجر»، ذراعها العسكرية، قاتلت في صيدا عقب الاجتياح الاسرائيلي. لكن تدخّل «الإخوان» من عدد من الدول العربية كان ضرورياً، اذ لا يمكن استعداء سوريا على قاعدة دعم مجموعات أخرى، فيما تدمر اسرائيل لبنان.
وسمعت الجماعة من موفدي «الاخوان» العرب تشجيعاً على الجهاد، فقال إخوان الجزائر ما حرفيته: «لقد منّ الله عليكم بالوجود في لبنان في هذه المعركة، والله لو كنا مكانكم نحن أبناء ثورة المليون شهيد لكنّا قاتلنا الاسرائيليين من دون سلاح ولا بنادق».
فيما سأل موفدو حركة حماس: «إذا ضُربت سوريا فكيف تتخيلون أنه سيتم قتال اسرائيل؟ وعلى أية أرض سننشئ مراكزنا وستقطن قياداتنا؟ هل تريدون ان نرحل الى إيران كآخر دولة تقاتل اسرائيل ونجلس على بعد مئات الكيلومترات؟ أم تنتهي قضيتنا عبر تصفية حزب الله وتغيير النظام في سوريا؟».
هذه الزيارات والنداءات، بحسب المصادر العربية نفسها، أثّرت خصوصــــــاً في الشيخ المولوي الذي تصفه المصادر بأنه على «قدر كبير من النقاء والطيبة».
بعد ذلك زار رئيس كتلة المستقبل سعد الحريري مقر الجماعة وعقد اجتماعاً مغلقاً مع قيادتها، فأشاد بالجماعة ودورها ووطنيتها واعداً بأخذ حجمها الفعلي في الاعتبار في الانتخابات المقبلة عبر تمثيلها بخمسة نواب. ودعا الشيخ المولوي الى حضور لقاء البريستول الذي عقد بعدها بأيام، الا ان المولوي رفض ذلك بشكل قاطع.
أبدى المـــــــــولوي رغبتــــــــــه في لقاء نصر الله، فرحب الأخير لافتاً في الوقت نفسه الى الموجبات الأمنية للقاء كهذا، وكان أن وافق المولوي بالكامل. حصل اللقاء بين الرجلين، وبدأ نصر اللـــــــه بعرض تاريخ المقاومة منذ بدايته، ليخلص الى ان الاميركيين يحاولون تطويق حزب الله والمقاومة، ما يستوجب اتخاذ مواقف واضحة. بصمات اللقاء الذي استمر ثلاث ساعات ونصف ساعة كانت واضحة في كلمة ألقاها المولوي في إفطار الجماعة الاسلامية حين طرح مبادرة الجماعة للحفاظ على المقاومة.