هل ترتكب أزمة جديدة في بلدة كفرمتى، على طريقة الأزمة العالقة منذ 23 عاماً في بلدة بريح، وهذه المرة بمساهمة وموافقة من بعض القوى المسيحية المشاركة في الحكومة؟أهالي القرية الشوفية التي «صوّرت» لها مصالحة تلفزيونية قبل نحو 10 أيام، ذكروا أن سلسلة من الممارسات المشبوهة والمقلقة، لا تزال تلاحقهم منذ محاولة «إحضارهم» و«جلبهم» إلى قصر المختارة «للبصم على مصالحة بلا وثيقة ولا عودة ولا تعويض ولا اعتذار».
لكن اللافت، بحسب قول الأهالي أنفسهم، أن جهات مسيحية حزبية، تضع نفسها في واجهة تلك الممارسات. إذ تقوم عناصر من هذه الجهات بجولات على أهالي كفرمتى مقدمة لهم وعوداً غير مثبتة بدفع 60 مليون ليرة لبنانية لكل مهجر، مع تأكيدات مماثلة بشمول الفروع أيضاً. علما أن الوزير المختص كان قد نفى كلياً هذا الأمر، وجزم للأهالي أنفسهم باستحالة دفع مثل هذه المبالغ.
غير أن ذلك لم يثن العناصر نفسها عن الاستمرار في جولاتها ووعودها. لا بل يؤكد بعض أهالي كفرمتى أن الجهات الحزبية نفسها عمدت إلى ممارسة ترغيبية ــ ترهيبية، عبر دعوة المعنيين إلى تقديم طلبات التعويض لدى هذه الجهات، لا لدى الإدارات الرسمية المختصة، في محاولة لخصخصة هذا الملف الإنساني المأساوي، وزجّه في استغلالات سياسية ضيقة.
لكن أكثر ما يلفت، كما يفيد الأهالي أيضاً، أن ثمة خمسة عقارات في بلدة كفرمتى تعود ملكيتها إلى مواطنيها المسيحيين كانت قد صودرت طوال 23 عاماً. «وبدا أن مصادريها، وفي خطوة كيدية ثأرية مماثلة لقضية البيت الحزبي في بريح، عمدوا إلى جرف المنشآت التي كانت قائمة على هذه العقارات بذريعة تحويلها ملعباً عاماً للبلدة، من دون موافقة أصحاب الأرض، لا بل رغماً عن إرادتهم حيال هذا الأمر». ويشير الأهالي إلى أن هذه القضية شكلت طوال الأعوام الماضية إحدى العقبات المستعصية دون المصالحة التي لم تتم بعد. غير أن الجهة الحزبية المسيحية نفسها، تخطط الآن لإقامة قداس «عودتها» فوق هذه العقارات تحديداً، مكرسة بذلك «استملاكها» كأمر واقع، وفارضة على أصحابها حالاً جديدة لا يمكن العودة عنها. ويترافق هذا المسعى مع محاولات مقابلة لجهات حزبية درزية حليفة، لإغراء أصحاب العقارات موضع النزاع، من أجل التخلي عنها وبيعها، بدل إبقائها تحت المصادرة إلى أمد غير محدد.
ويختم الأهالي المعنيون بالتأكيد على أن استمرار هذه الممارسات ينذر بسلبيات ومخاطر قد لا تتأخر في الظهور، اذا لم تبادر الجهات الرسمية إلى تصحيح الوضع، أو إذا لم يرعو «أصحاب النهج الميليشياوي القديم أو المتجدد».
(الأخبار)