كشفت أوساط سياسية مطلعة ما وصفته بأنه «مثل آخر عن العرقلة الحكومية المباشرة لعملية اعادة اعمار ما هدمه عدوان 12 تموز الماضي».وأوضحت ان نموذج العرقلة الأخيرة كانت مدينة الدامور الشوفية مسرحه والشاهدة عليه. ذلك انه بعد شهرين كاملين على انتهاء العمليات الحربية في 14 آب الماضي، لا تزال الدامور بلا مداخل مؤدية الى داخلها، انطلاقاً من أوتوستراد بيروت ـ صيدا. وكانت الطائرات الاسرائيلية قد دمرت الجسور الخمسة التي تشكل مسارب المدينة من الطريق السريع.
وحاول الداموريون، فاعليات أهلية ورسمية، مراجعة الجهات الحكومية طوال شهرين، سعياً الى توفير اعتماد رسمي ما لاعادة اعمار مدخل واحد على الاقل، علماً ان الكلفة المقدرة لهذا الطلب لا تتعدى مئتي ألف دولار اميركي. وصارت المطالبة أكثر إلحاحاً وأولوية، بعد سلسلة إشكالات ومناوشات حصلت بين بعض قاصدي الدامور، وبين مقيمين في بلدات مجاورة، فرض قطع الجسور عبورها. وعلى رغم التدني النسبي لكلفة المشروع المطلوب، وأولويته الحيوية لأهالي مدينة كاملة بحجم الدامور، ظلت المساعي المبذولة من دون جدوى.
عند هذا الحد، تتابع الأوساط نفسها، تبيّن للمعنيين ان خلف «الحصار الداموري» حسابات سياسية حكومية وشوفية، تتعلق على ما يبدو بالاتجاهات الانتخابية التي ظهّرتها المدينة، ابان الاستحقاقات الانتخابية الاخيرة، وتهدف الى دفع أهاليها الى طلب الشفاعة والوساطة من جهات نيابية ووزارية شوفية تابعة للسلطة، غير ان الداموريين عبّروا عن رفضهم لهذه الممارسة الإذلالية، باللجوء الى متبرعين من اللبنانيين المغتربين. وتوصل هؤلاء بالتعاون مع بعض المرجعيات المعارضة، الى اقرار اتفاق مع رجل أعمال لبناني في منطقة الخليج، يتعهد الأخير بموجبه تغطية الكلفة الكاملة لإعادة بناء أحد مداخل الدامور. ولم يلبث المسعى ان اقترن بموافقة خطية لوزير الاشغال العامة محمد الصفدي. وفيما كان الداموريون ينتظرون البدء بأعمال البناء، فوجئ المتبرع بتلقيه كتاباً خطياً ثانياً صادراً عن مرجع حكومي يعتذر منه بموجبه عن عدم تلقي الهبة المقدمة، بذريعة ان ثمة جهة دولية أبدت استعدادها للقيام بالمهمة نفسها. ولما بلغ الخبر المعنيين من أهل المدينة، سارعوا الى التلويح بإثارة الموضوع على كل المستويات وبمختلف الوسائل الديموقراطية، ضماناً لمصلحة الدامور وسكانه وأهله. وبعد سلسلة مراجعات «تحذيرية»، عادت المراجع الحكومية عن قرارها رفض الهبة، بالتزامن مع «مصادفة» إعلان وزير شوفي استعداده لبناء جسر آخر للمدينة نفسها.
النتيجة النهائية؟ تلخص الأوساط نفسها، «ستحصل الدامور على مدخلين، على قاعدة 6 و6 مكرر، من السلطة وممّن تعتبرهم خارجها. لكن الأكيد ان نهج التعاطي الرسمي معيب».
(الأخبار)